[ ص: 406 ] وأما اعتراض على ابن رشد بقوله: «ليس المركب مثل الموجود، بل مثل التحريك». أبي حامد
فجوابه من وجوه:
أحدها: أن يقال: ليس الكلام في الموازنات اللفظية، بل في المعاني العقلية، والمقصود هنا أن الذات القديمة الواجبة الموصوفة بصفات لا يجب أن يكون لها جامع منفصل جمع بين الذات والصفات، كما أن الموجود المحقق لا يفتقر إلى موجود غير نفسه، بل قد يكون موجودا بنفسه لا يفتقر إلى فاعل، كذلك اتصافها بالصفات لا يفتقر إلى فاعل.
الثاني: أن يقال: وهب أن هذا وإن عنيت أنها هي قيام الصفة بالذات أو هي الصفة القائمة بالذات فليس في ذلك ما يوجب كونها انفعالية لها فاعل مباين للموصوف. مثل التحريك في اللفظ، فقولك: "هي صفة انفعالية زائدة على ذات الأشياء التي قبلت التركيب" إن عنيت أنها زائدة على الذات والصفة وقيام الصفة بالذات فهذا باطل،
الثالث: أن التحريك إن عني به تحريك الشيء لغيره فليس هذا نظير مورد النزاع، فإن أحدا لم يسلم أن في الذات القديمة الموصوفة بصفاتها اللازمة شيء ركبه أحد، وإن عني به مطلق الحركة صار معنى [ ص: 407 ] الكلام أن اتصاف الذات بالصفات كاتصافها بالحركات، وليس في واحد منهما ما يقتضي احتياج الموصوف إلى مباين له.
وأما قوله: "ليس ينقسم الأمر إلى مركب من ذاته ومركب من غيره حتى ينتهي الأمر إلى مركب قديم كما ينتهي الأمر في الموجودات إلى موجود قديم".
فيقال له: بل هؤلاء المسلمون كأبي حامد وأمثاله، لما خاطبوكم باصطلاحهم، وأنتم جعلتم قيام الصفة بالموصوف تركيبا، فإنهم يقولون بحسب اصطلاحكم: إنه ينقسم إلى مركب من ذاته، ومركب من غيره.
وحقيقة الأمر أن ثبوت الصفات إن سميتموه تركيبا، لم نسلم لكم عدم انقسام المركب إلى قديم واجب، ومحدث ممكن وإن لم تسموه تركيبا بطل أصل كلامكم، ولكن أنتم سميتم هذا تركيبا ونفيتموه، فلهذا قلتم: لا ينقسم المركب، فكان كلامكم ممنوعا بل باطلا.