وقول القائل : إن الوجوب يكون ممكنا إن أراد به افتقاره إلى [ ص: 261 ] محل ، فهذا حق لكن هذا لا يستلزم كونه مفتقرا إلى فاعل ، ولا كون المحل مفتقرا إلى فاعل .
فقوله : "وإن كان الثاني كان الوجوب ممكنا ، فالموصوف به أولى" مغلطة . فإن الإمكان الذي يوصف به الوجوب إنما هو افتقاره إلى محل لا إلى فاعل . ومعلوم أنه إذا كانت صفة الموصوف تفتقر إليه لكونه محلا لها لا فاعلا ، لم يلزم أن يكون الموصوف أولى بأن يكون محلا ، ولو قدر أن الوجوب يفتقر إلى مميز غير المحل ، فهو من افتقار الشرط إلى المشروط ، واللازم إلى الملازم ، ليس هو من باب افتقار المعلول إلى العلة الفاعلة .
ومثل هذا لا يمتنع على وجوب الوجود ، بل لا بد لوجوب الوجود من ذلك ، ، بل هو صفة له ، مع أن الواجب الوجود له لوازم وملزومات ، وذلك لا يوجب افتقاره إلى المؤثر ، فالوجوب أولى أن لا يفتقر إلى مؤثر لأجل ما له من اللوازم والملزومات . فهذان وجهان غير ما ذكره هو وأمثاله هنا . [ ص: 262 ] إذ وجوب الوجود ليس هو الواجب الوجود