قوله تعالى : { فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين } فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى : التسبيح : هو ذكر الله تعالى بما هو عليه من صفات الجلال والتعظيم ، بالقلب اعتقادا ، وباللسان قولا .
والمراد به ههنا الصلاة ، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : نعلم ضيق صدرك بما تسمعه من تكذيبك ورد قولك ، ويناله أصحابك من إذاية أعدائك ; فافزع إلى الصلاة ، فهي غاية التسبيح ونهاية التقديس ، { } ، وذلك وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة وكن من الساجدين } ، أي من المصلين وهي : تفسير قوله : {
المسألة الثانية : فإن دعامة القربة في الصلاة حال السجود .
وقد ظن بعض الناس أن المراد به ههنا الأمر بالسجود نفسه ، فيرى هذا الموضع محل سجود في القرآن .
وقد شاهدت الإمام بمحراب زكريا من البيت المقدس طهره الله يسجد في هذا الموضع عند قراءته له في تراويح رمضان ، وسجدت معه فيها ، ولم يره جماهير العلماء . [ ص: 116 ]
المسألة الثالثة : قوله : واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } : {
أمره بعبادته إذا قصر عباده في خدمته ; فإن ذلك طب علته ، وهي كما قدمنا أشرف الخصال ، والتسمي بها أشرف الخطط .
قال شيوخ المعاني : ألا تري كيف سمى الله بها رسوله عند أفضل منازله ، وهي الإسراء ، فقال : { سبحان الذي أسرى بعبده } ولم يقل نبيه ولا رسوله ، ولقد أحسن الشاعر فيما جاء به من اللفظ حيث يقول :
يا قوم قلبي عند زهراء يعرفه السامع والرائي لا تدعني إلا بيا عبدها
فإنه أشرف أسمائي
المسألة الرابعة : : الموت ، فأمره باستمرار العبادة أبدا ، وذلك مدة حياته ، وكان هذا أبلغ من قوله أبدا ، لاحتمال لفظة الأبد للحظة الواحدة ، ولجميع الأبد ، كما قال العبد الصالح : وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا . اليقين
والدليل على أن اليقين الموت { أم العلاء الأنصارية وكانت بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرت أنهم اقتسموا المهاجرين قرعة ، فصار لنا قالت : فأنزلناه مع أبنائنا ، فوجع وجعه الذي مات فيه ، فلما توفي وغسل وكفن في أثوابه دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : رحمة الله عليك عثمان بن مظعون ، فشهادتي عليك ، لقد أكرمك الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما يدريك أن الله أكرمه ؟ قلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله فمه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما هو فقد جاءه اليقين ، والله إني لأرجو له الخير أبا السائب } . الحديث . أن