الآية العاشرة :
قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=98فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين } فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى : التسبيح : هو ذكر الله تعالى بما هو عليه من صفات الجلال والتعظيم ، بالقلب اعتقادا ، وباللسان قولا .
والمراد به ههنا الصلاة ، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : نعلم ضيق صدرك بما تسمعه من تكذيبك ورد قولك ، ويناله أصحابك من إذاية أعدائك ; فافزع إلى الصلاة ، فهي غاية التسبيح ونهاية التقديس ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=41962وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة } ، وذلك
nindex.php?page=treesubj&link=24589تفسير قوله : { nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=98وكن من الساجدين } ، أي من المصلين وهي :
المسألة الثانية : فإن دعامة القربة في الصلاة حال السجود .
وقد ظن بعض الناس أن المراد به ههنا الأمر بالسجود نفسه ، فيرى هذا الموضع محل سجود في القرآن .
وقد شاهدت الإمام بمحراب
زكريا من البيت المقدس طهره الله يسجد في هذا الموضع عند قراءته له في تراويح رمضان ، وسجدت معه فيها ، ولم يره جماهير العلماء .
[ ص: 116 ]
المسألة الثالثة : قوله :
nindex.php?page=treesubj&link=28986 { nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=99واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } :
أمره بعبادته إذا قصر عباده في خدمته ; فإن ذلك طب علته ، وهي كما قدمنا أشرف الخصال ، والتسمي بها أشرف الخطط .
قال شيوخ المعاني : ألا تري كيف سمى الله بها رسوله عند أفضل منازله ، وهي الإسراء ، فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سبحان الذي أسرى بعبده } ولم يقل نبيه ولا رسوله ، ولقد أحسن الشاعر فيما جاء به من اللفظ حيث يقول :
يا قوم قلبي عند زهراء يعرفه السامع والرائي لا تدعني إلا بيا عبدها
فإنه أشرف أسمائي
.
المسألة الرابعة :
nindex.php?page=treesubj&link=28986اليقين : الموت ، فأمره باستمرار العبادة أبدا ، وذلك مدة حياته ، وكان هذا أبلغ من قوله أبدا ، لاحتمال لفظة الأبد للحظة الواحدة ، ولجميع الأبد ، كما قال العبد الصالح : وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا .
والدليل على أن اليقين الموت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2427أن أم العلاء الأنصارية وكانت بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرت أنهم اقتسموا المهاجرين قرعة ، فصار لنا nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون قالت : فأنزلناه مع أبنائنا ، فوجع وجعه الذي مات فيه ، فلما توفي وغسل وكفن في أثوابه دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : رحمة الله عليك nindex.php?page=showalam&ids=11864أبا السائب ، فشهادتي عليك ، لقد أكرمك الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما يدريك أن الله أكرمه ؟ قلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله فمه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما هو فقد جاءه اليقين ، والله إني لأرجو له الخير } . الحديث .
الْآيَةُ الْعَاشِرَةُ :
قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=98فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّك وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ } فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : التَّسْبِيحُ : هُوَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ صِفَاتِ الْجَلَالِ وَالتَّعْظِيمِ ، بِالْقَلْبِ اعْتِقَادًا ، وَبِاللِّسَانِ قَوْلًا .
وَالْمُرَادُ بِهِ هَهُنَا الصَّلَاةُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَعْلَمُ ضِيقَ صَدْرِك بِمَا تَسْمَعُهُ مِنْ تَكْذِيبِك وَرَدِّ قَوْلِك ، وَيَنَالُهُ أَصْحَابُك مِنْ إذَايَةِ أَعْدَائِك ; فَافْزَعْ إلَى الصَّلَاةِ ، فَهِيَ غَايَةُ التَّسْبِيحِ وَنِهَايَةُ التَّقْدِيسِ ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=41962وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إلَى الصَّلَاةِ } ، وَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=24589تَفْسِيرُ قَوْلِهِ : { nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=98وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ } ، أَيْ مِنْ الْمُصَلِّينَ وَهِيَ :
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فَإِنَّ دِعَامَةَ الْقُرْبَةِ فِي الصَّلَاةِ حَالَ السُّجُودِ .
وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هَهُنَا الْأَمْرُ بِالسُّجُودِ نَفْسِهِ ، فَيَرَى هَذَا الْمَوْضِعَ مَحَلَّ سُجُودٍ فِي الْقُرْآنِ .
وَقَدْ شَاهَدْت الْإِمَامَ بِمِحْرَابِ
زَكَرِيَّا مِنْ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ طُهْره اللَّهُ يَسْجُدُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ لَهُ فِي تَرَاوِيحَ رَمَضَانَ ، وَسَجَدْت مَعَهُ فِيهَا ، وَلَمْ يَرَهُ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ .
[ ص: 116 ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28986 { nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=99وَاعْبُدْ رَبَّك حَتَّى يَأْتِيَك الْيَقِينُ } :
أَمَرَهُ بِعِبَادَتِهِ إذَا قَصَّرَ عِبَادُهُ فِي خِدْمَتِهِ ; فَإِنَّ ذَلِكَ طِبُّ عِلَّتِهِ ، وَهِيَ كَمَا قَدَّمْنَا أَشْرَفُ الْخِصَالِ ، وَالتَّسَمِّي بِهَا أَشْرَفُ الْخُطَطِ .
قَالَ شُيُوخُ الْمَعَانِي : أَلَا تَرَيْ كَيْفَ سَمَّى اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ عِنْدَ أَفْضَلِ مَنَازِلِهِ ، وَهِيَ الْإِسْرَاءُ ، فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ } وَلَمْ يَقُلْ نَبِيِّهِ وَلَا رَسُولِهِ ، وَلَقَدْ أَحْسَنَ الشَّاعِرُ فِيمَا جَاءَ بِهِ مِنْ اللَّفْظِ حَيْثُ يَقُولُ :
يَا قَوْمِ قَلْبِي عِنْدَ زَهْرَاءَ يَعْرِفُهُ السَّامِعُ وَالرَّائِي لَا تَدْعُنِي إلَّا بِيَا عَبْدَهَا
فَإِنَّهُ أَشْرَفُ أَسْمَائِي
.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28986الْيَقِينُ : الْمَوْتُ ، فَأَمَرَهُ بِاسْتِمْرَارِ الْعِبَادَةِ أَبَدًا ، وَذَلِكَ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ، وَكَانَ هَذَا أَبْلَغُ مِنْ قَوْلِهِ أَبَدًا ، لِاحْتِمَالِ لَفْظَةِ الْأَبَدِ لِلَّحْظَةِ الْوَاحِدَةِ ، وَلِجَمِيعِ الْأَبَدِ ، كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ : وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْت حَيًّا .
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْيَقِينَ الْمَوْتَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2427أَنَّ أُمَّ الْعَلَاءِ الْأَنْصَارِيَّةَ وَكَانَتْ بَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْ أَنَّهُمْ اقْتَسَمُوا الْمُهَاجِرِينَ قُرْعَةً ، فَصَارَ لَنَا nindex.php?page=showalam&ids=5559عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ قَالَتْ : فَأَنْزَلْنَاهُ مَعَ أَبْنَائِنَا ، فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت : رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْك nindex.php?page=showalam&ids=11864أَبَا السَّائِبِ ، فَشَهَادَتِي عَلَيْك ، لَقَدْ أَكْرَمَك اللَّهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَا يُدْرِيك أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ ؟ قُلْت : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَهْ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ ، وَاَللَّهِ إنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ } . الْحَدِيثَ .