(
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=4وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا ( 4 )
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=5وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ( 5 )
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=6قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما ( 6 ) )
يقول تعالى مخبرا عن سخافة عقول الجهلة من الكفار ، في قولهم عن القرآن : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=4إن هذا إلا إفك ) : أي : كذب ، ( افتراه ) يعنون النبي صلى الله عليه وسلم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=4وأعانه عليه قوم آخرون ) أي : واستعان على جمعه بقوم آخرين . قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=4فقد جاءوا ظلما وزورا ) أي : فقد افتروا هم قولا باطلا ، هم
[ ص: 94 ] يعلمون أنه باطل ، ويعرفون كذب أنفسهم فيما يزعمون .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=5وقالوا أساطير الأولين اكتتبها ) يعنون : كتب الأوائل استنسخها ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=5فهي تملى عليه ) أي : تقرأ عليه ) بكرة وأصيلا ) أي : في أول النهار وآخره .
وهذا الكلام - لسخافته وكذبه وبهته منهم - كل أحد يعلم بطلانه ، فإنه قد علم بالتواتر وبالضرورة : أن
محمدا رسول الله لم يكن يعاني شيئا من الكتابة ، لا في أول عمره ولا في آخره ، وقد نشأ بين أظهرهم من أول مولده إلى أن بعثه الله نحوا من أربعين سنة ، وهم يعرفون مدخله ومخرجه ، وصدقه ، وبره وأمانته ونزاهته من الكذب والفجور وسائر الأخلاق الرذيلة ، حتى إنهم لم يكونوا يسمونه في صغره إلى أن بعث إلا الأمين ، لما يعلمون من صدقه وبره . فلما أكرمه الله بما أكرمه به ، نصبوا له العداوة ، ورموه بهذه الأقوال التي يعلم كل عاقل براءته منها ، وحاروا ماذا يقذفونه به ، فتارة من إفكهم يقولون : ساحر ، وتارة يقولون : شاعر ، وتارة يقولون : مجنون ، وتارة يقولون : كذاب ، قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=48انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا ) [ الإسراء : 48 ] .
وقال تعالى في جواب ما عاندوا هاهنا وافتروا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=6قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض ) أي : أنزل القرآن المشتمل على أخبار الأولين والآخرين إخبارا حقا صدقا مطابقا للواقع في الخارج ، ماضيا ومستقبلا (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=6أنزله الذي يعلم السر ) أي : الله الذي يعلم غيب السماوات والأرض ، ويعلم السرائر كعلمه بالظواهر .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=6إنه كان غفورا رحيما ) : دعاء لهم إلى التوبة والإنابة ، وإخبار بأن رحمته واسعة ، وأن حلمه عظيم ، وأن من تاب إليه تاب عليه . فهؤلاء مع كذبهم وافترائهم وفجورهم وبهتهم وكفرهم وعنادهم ، وقولهم عن الرسول والقرآن ما قالوا ، يدعوهم إلى التوبة والإقلاع عما هم فيه إلى الإسلام والهدى ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=74أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ) [ المائدة : 73 - 74 ] ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ) [ البروج : 10 ] . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : انظروا إلى هذا الكرم والجود ، قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والرحمة [ سبحانه وتعالى ] .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=4وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا ( 4 )
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=5وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ( 5 )
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=6قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ( 6 ) )
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ سَخَافَةِ عُقُولِ الْجَهَلَةِ مِنَ الْكُفَّارِ ، فِي قَوْلِهِمْ عَنِ الْقُرْآنِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=4إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ ) : أَيْ : كَذِبٌ ، ( افْتَرَاهُ ) يَعْنُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=4وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ) أَيْ : وَاسْتَعَانَ عَلَى جَمْعِهِ بِقَوْمٍ آخَرِينَ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=4فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا ) أَيْ : فَقَدِ افْتَرَوْا هُمْ قَوْلًا بَاطِلًا ، هُمْ
[ ص: 94 ] يَعْلَمُونَ أَنَّهُ بَاطِلٌ ، وَيَعْرِفُونَ كَذِبَ أَنْفُسِهِمْ فِيمَا يَزْعُمُونَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=5وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا ) يَعْنُونَ : كُتُبَ الْأَوَائِلِ اسْتَنْسَخَهَا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=5فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ ) أَيْ : تُقْرَأُ عَلَيْهِ ) بُكْرَةً وَأَصِيلًا ) أَيْ : فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَآخِرِهِ .
وَهَذَا الْكَلَامُ - لِسَخَافَتِهِ وَكَذِبِهِ وَبُهْتِهِ مِنْهُمْ - كُلُّ أَحَدٍ يَعْلَمُ بُطْلَانَهُ ، فَإِنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ وَبِالضَّرُورَةِ : أَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ يُعَانِي شَيْئًا مِنَ الْكِتَابَةِ ، لَا فِي أَوَّلِ عُمُرِهِ وَلَا فِي آخِرِهِ ، وَقَدْ نَشَأَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ مِنْ أَوَّلِ مَوْلِدِهِ إِلَى أَنْ بَعَثَهُ اللَّهُ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً ، وَهُمْ يَعْرِفُونَ مُدْخَلَهُ وَمُخْرَجَهُ ، وَصِدْقَهُ ، وَبِرَّهُ وَأَمَانَتَهُ وَنَزَاهَتَهُ مِنَ الْكَذِبِ وَالْفُجُورِ وَسَائِرِ الْأَخْلَاقِ الرَّذِيلَةِ ، حَتَّى إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُسَمُّونَهُ فِي صِغَرِهِ إِلَى أَنْ بُعِثَ إِلَّا الْأَمِينَ ، لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ صِدْقِهِ وَبِرِّهِ . فَلَمَّا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِمَا أَكْرَمَهُ بِهِ ، نَصَبُوا لَهُ الْعَدَاوَةَ ، وَرَمَوْهُ بِهَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي يَعْلَمُ كُلُّ عَاقِلٍ بَرَاءَتَهُ مِنْهَا ، وَحَارُوا مَاذَا يَقْذِفُونَهُ بِهِ ، فَتَارَةً مِنْ إِفْكِهِمْ يَقُولُونَ : سَاحِرٌ ، وَتَارَةً يَقُولُونَ : شَاعِرٌ ، وَتَارَةً يَقُولُونَ : مَجْنُونٌ ، وَتَارَةً يَقُولُونَ : كَذَّابٌ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=48انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ) [ الْإِسْرَاءِ : 48 ] .
وَقَالَ تَعَالَى فِي جَوَابِ مَا عَانَدُوا هَاهُنَا وَافْتَرَوْا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=6قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) أَيْ : أَنْزَلَ الْقُرْآنَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى أَخْبَارِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ إِخْبَارًا حقًّا صِدْقًا مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ فِي الْخَارِجِ ، مَاضِيًا وَمُسْتَقْبَلًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=6أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ ) أَيِ : اللَّهُ الَّذِي يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَيَعْلَمُ السَّرَائِرَ كَعِلْمِهِ بِالظَّوَاهِرِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=6إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ) : دُعَاءٌ لَهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ ، وَإِخْبَارٌ بِأَنَّ رَحْمَتَهُ وَاسِعَةٌ ، وَأَنَّ حِلْمَهُ عَظِيمٌ ، وَأَنَّ مَنْ تَابَ إِلَيْهِ تَابَ عَلَيْهِ . فَهَؤُلَاءِ مَعَ كَذِبِهِمْ وَافْتِرَائِهِمْ وَفُجُورِهِمْ وَبُهْتِهِمْ وَكُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ ، وَقَوْلِهِمْ عَنِ الرَّسُولِ وَالْقُرْآنِ مَا قَالُوا ، يَدْعُوهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْإِقْلَاعِ عَمَّا هُمْ فِيهِ إِلَى الْإِسْلَامِ وَالْهُدَى ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=74أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [ الْمَائِدَةِ : 73 - 74 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) [ الْبُرُوجِ : 10 ] . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْكَرَمِ وَالْجُودِ ، قَتَلُوا أَوْلِيَاءَهُ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ [ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ] .