(
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29030ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون ( 11 )
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=12لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون ( 12 )
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=13لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون ( 13 )
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ( 14 )
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=15كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم ( 15 )
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=16كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين ( 16 )
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=17فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين ( 17 ) )
يخبر تعالى عن المنافقين
كعبد الله بن أبي وأضرابه ، حين بعثوا إلى يهود
بني النضير يعدونهم النصر من أنفسهم ، فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=11ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم ) قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=11والله يشهد إنهم لكاذبون ) أي : لكاذبون فيما وعدوهم به إما أنهم قالوا لهم قولا من نيتهم ألا يفوا لهم به ، وإما أنهم لا يقع منهم الذي قالوه ; ولهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=12ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ) أي : لا يقاتلون معهم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=12ولئن نصروهم ) أي : قاتلوا معهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=12ليولن الأدبار ثم لا ينصرون ) وهذه بشارة مستقلة بنفسها .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=13لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ) أي : يخافون منكم أكثر من خوفهم من الله ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية ) [ النساء : 77 ] ; ولهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=13ذلك بأنهم قوم لا يفقهون )
ثم قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر ) يعني : أنهم من جبنهم وهلعهم لا يقدرون على مواجهة جيش الإسلام بالمبارزة والمقابلة بل إما في حصون أو من وراء جدر محاصرين ، فيقاتلون للدفع عنهم ضرورة .
[ ص: 75 ]
ثم قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14بأسهم بينهم شديد ) أي : عداوتهم فيما بينهم شديدة ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=65ويذيق بعضكم بأس بعض ) [ الأنعام : 65 ] ; ولهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ) أي : تراهم مجتمعين فتحسبهم مؤتلفين ، وهم مختلفون غاية الاختلاف .
قال :
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي : يعني : أهل الكتاب والمنافقين (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14ذلك بأنهم قوم لا يعقلون )
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=15كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم ) قال
مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان : يعني كمثل ما أصاب كفار قريش يوم
بدر .
وقال
ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=15كمثل الذين من قبلهم ) يعني : يهود
بني قينقاع . وكذا قال
قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16903ومحمد بن إسحاق .
وهذا القول أشبه بالصواب ، فإن يهود
بني قينقاع كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أجلاهم قبل هذا .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=16كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك ) يعني : مثل هؤلاء اليهود في اغترارهم بالذين وعدوهم النصر من المنافقين ، وقول المنافقين لهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=11وإن قوتلتم لننصرنكم ) ثم لما حقت الحقائق وجد بهم الحصار والقتال ، تخلوا عنهم وأسلموهم للهلكة ، مثالهم في هذا كمثل الشيطان إذ سول للإنسان - والعياذ بالله - الكفر ، فإذا دخل فيما سوله تبرأ منه وتنصل ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=16إني أخاف الله رب العالمين )
وقد ذكر بعضهم ها هنا قصة لبعض عباد
بني إسرائيل هي كالمثال لهذا المثل ، لا أنها المرادة وحدها بالمثل ، بل هي منه مع غيرها من الوقائع المشاكلة لها ، فقال
ابن جرير :
حدثنا
خلاد بن أسلم ، أخبرنا
النضر بن شميل ، أخبرنا
شعبة ، عن
أبي إسحاق ، سمعت
عبد الله بن نهيك قال : سمعت
عليا رضي الله عنه ، يقول : إن راهبا تعبد ستين سنة ، وإن الشيطان أراده فأعياه ، فعمد إلى امرأة فأجنها ولها إخوة ، فقال لإخوتها : عليكم بهذا القس فيداويها . قال : فجاءوا بها إليه فداواها ، وكانت عنده ، فبينما هو يوما عندها إذ أعجبته ، فأتاها فحملت ، فعمد إليها فقتلها ، فجاء إخوتها ، فقال الشيطان للراهب : أنا صاحبك ، إنك أعييتني ، أنا صنعت هذا بك فأطعني أنجك مما صنعت بك ، فاسجد لي سجدة . فسجد له ، فلما سجد له قال : إني بريء منك ، إني أخاف الله رب العالمين ، فذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=16كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين ) .
وقال
ابن جرير : حدثني
يحيى بن إبراهيم المسعودي ، حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن
الأعمش ، عن
عمارة ، عن
عبد الرحمن بن يزيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود في هذه الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=16كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين ) قال : كانت
[ ص: 76 ] امرأة ترعى الغنم ، وكان لها أربعة إخوة ، وكانت تأوي بالليل إلى صومعة راهب . قال : فنزل الراهب ففجر بها ، فحملت ، فأتاه الشيطان فقال له : اقتلها ثم ادفنها ، فإنك رجل مصدق يسمع قولك . فقتلها ثم دفنها . قال : فأتى الشيطان إخوتها في المنام فقال لهم : إن الراهب صاحب الصومعة فجر بأختكم ، فلما أحبلها قتلها ثم دفنها في مكان كذا وكذا . فلما أصبحوا قال رجل منهم : والله لقد رأيت البارحة رؤيا ما أدري أقصها عليكم أم أترك ؟ قالوا : لا بل قصها علينا . قال : فقصها ، فقال الآخر : وأنا والله لقد رأيت ذلك ، فقال الآخر : وأنا والله لقد رأيت ذلك . فقالوا : فوالله ما هذا إلا لشيء . قال : فانطلقوا فاستعدوا ملكهم على ذلك الراهب ، فأتوه فأنزلوه ثم انطلقوا به فلقيه الشيطان فقال : إني أنا الذي أوقعتك في هذا ، ولن ينجيك منه غيري ، فاسجد لي سجدة واحدة وأنجيك مما أوقعتك فيه . قال : فسجد له ، فلما أتوا به ملكهم تبرأ منه ، وأخذ فقتل .
وكذا روي عن
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان ، نحو ذلك . واشتهر عند كثير من الناس أن هذا العابد هو
برصيصا ، والله أعلم . وهذه القصة مخالفة
nindex.php?page=treesubj&link=32009لقصة جريج العابد ، فإن جريجا اتهمته امرأة بغي بنفسها ، وادعت أن حملها منه ، ورفعت أمره إلى ولي الأمر ، فأمر به فأنزل من صومعته وخربت صومعته وهو يقول : ما لكم ؟ ما لكم ؟ فقالوا : يا عدو الله ، فعلت بهذه المرأة كذا وكذا . فقال :
جريج : اصبروا . ثم أخذ ابنها وهو صغير جدا ، ثم قال : يا غلام ، من أبوك ؟ قال أبي الراعي - وكانت قد أمكنته من نفسها فحملت منه - فلما رأى
بنو إسرائيل ذلك عظموه كلهم تعظيما بليغا ، وقالوا : نعيد صومعتك من ذهب . قال : لا بل أعيدوها من طين ، كما كانت .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=17فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها ) أي : فكانت عاقبة الآمر بالكفر والفاعل له ، وتصيرهما إلى نار جهنم خالدين فيها ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=17وذلك جزاء الظالمين ) أي : جزاء كل ظالم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29030أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ( 11 )
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=12لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ( 12 )
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=13لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ( 13 )
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ( 14 )
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=15كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 15 )
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=16كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ( 16 )
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=17فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ( 17 ) )
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْمُنَافِقِينَ
كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَضْرَابِهِ ، حِينَ بُعِثُوا إِلَى يَهُودِ
بَنِي النَّضِيرِ يَعِدُونَهُمُ النَّصْرَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=11أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=11وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) أَيْ : لَكَاذِبُونَ فِيمَا وَعَدُوهُمْ بِهِ إِمَّا أَنَّهُمْ قَالُوا لَهُمْ قَوْلًا مِنْ نِيَّتِهِمْ أَلَّا يَفُوا لَهُمْ بِهِ ، وَإِمَّا أَنَّهُمْ لَا يَقَعُ مِنْهُمُ الَّذِي قَالُوهُ ; وَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=12وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ ) أَيْ : لَا يُقَاتِلُونَ مَعَهُمْ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=12وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ ) أَيْ : قَاتَلُوا مَعَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=12لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ) وَهَذِهِ بِشَارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=13لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ) أَيْ : يَخَافُونَ مِنْكُمْ أَكْثَرَ مِنْ خَوْفِهِمْ مِنَ اللَّهِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ) [ النِّسَاءِ : 77 ] ; وَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=13ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ )
ثُمَّ قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ ) يَعْنِي : أَنَّهُمْ مِنْ جُبْنِهِمْ وَهَلَعِهِمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى مُوَاجَهَةِ جَيْشِ الْإِسْلَامِ بِالْمُبَارَزَةِ وَالْمُقَابَلَةِ بَلْ إِمَّا فِي حُصُونٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ مُحَاصَرِينَ ، فَيُقَاتِلُونَ لِلدَّفْعِ عَنْهُمْ ضَرُورَةً .
[ ص: 75 ]
ثُمَّ قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ) أَيْ : عَدَاوَتُهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ شَدِيدَةٌ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=65وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ) [ الْأَنْعَامِ : 65 ] ; وَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) أَيْ : تَرَاهُمْ مُجْتَمِعِينَ فَتَحْسَبُهُمْ مُؤْتَلِفِينَ ، وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ غَايَةَ الِاخْتِلَافِ .
قَالَ :
nindex.php?page=showalam&ids=12354إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ : يَعْنِي : أَهْلَ الْكِتَابِ وَالْمُنَافِقِينَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=14ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ )
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=15كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) قَالَ
مُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ : يَعْنِي كَمَثَلِ مَا أَصَابَ كَفَّارَ قُرَيْشٍ يَوْمَ
بَدْرٍ .
وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=15كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) يَعْنِي : يَهُودَ
بَنِي قَيْنُقَاعَ . وَكَذَا قَالَ
قَتَادَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16903وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ .
وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ ، فَإِنَّ يَهُودَ
بَنِي قَيْنُقَاعَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَجْلَاهُمْ قَبْلَ هَذَا .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=16كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ ) يَعْنِي : مَثَلُ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ فِي اغْتِرَارِهِمْ بِالَّذِينِ وَعَدُوهُمُ النَّصْرَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ ، وَقَوْلِ الْمُنَافِقِينَ لَهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=11وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ ) ثُمَّ لَمَّا حَقَّتِ الْحَقَائِقُ وَجَدَّ بِهِمُ الْحِصَارُ وَالْقِتَالُ ، تَخَلَّوْا عَنْهُمْ وَأَسْلَمُوهُمْ لِلْهَلَكَةِ ، مِثَالُهُمْ فِي هَذَا كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ سَوَّلَ لِلْإِنْسَانِ - وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ - الْكُفْرَ ، فَإِذَا دَخَلَ فِيمَا سَوَّلَهُ تَبَرَّأَ مِنْهُ وَتَنَصَّلَ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=16إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ )
وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ هَا هُنَا قِصَّةً لِبَعْضِ عُبَّادِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ هِيَ كَالْمِثَالِ لِهَذَا الْمَثَلِ ، لَا أَنَّهَا الْمُرَادَةُ وَحْدَهَا بِالْمَثَلِ ، بَلْ هِيَ مِنْهُ مَعَ غَيْرِهَا مِنَ الْوَقَائِعِ الْمُشَاكِلَةِ لَهَا ، فَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ :
حَدَّثَنَا
خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ ، أَخْبَرَنَا
النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ ، أَخْبَرَنَا
شُعْبَةُ ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ، سَمِعْتُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَهِيكٍ قَالَ : سَمِعْتُ
عَلَيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : إِنْ رَاهِبًا تَعَبَّدَ سِتِّينَ سَنَةً ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ أَرَادَهُ فَأَعْيَاهُ ، فَعَمَدَ إِلَى امْرَأَةٍ فَأَجَنَّهَا وَلَهَا إِخْوَةٌ ، فَقَالَ لِإِخْوَتِهَا : عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقَسِّ فَيُدَاوِيَهَا . قَالَ : فَجَاءُوا بِهَا إِلَيْهِ فَدَاوَاهَا ، وَكَانَتْ عِنْدَهُ ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَوْمًا عِنْدَهَا إِذْ أَعْجَبَتْهُ ، فَأَتَاهَا فَحَمَلَتْ ، فَعَمَدَ إِلَيْهَا فَقَتَلَهَا ، فَجَاءَ إِخْوَتُهَا ، فَقَالَ الشَّيْطَانُ لِلرَّاهِبِ : أَنَا صَاحِبُكَ ، إِنَّكَ أَعْيَيْتَنِي ، أَنَا صَنَعْتُ هَذَا بِكَ فَأَطِعْنِي أُنَجِّكَ مِمَّا صَنَعْتُ بِكَ ، فَاسْجُدْ لِي سَجْدَةً . فَسَجَدَ لَهُ ، فَلَمَّا سَجَدَ لَهُ قَالَ : إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ ، إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=16كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) .
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنِي
يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَسْعُودِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ
الْأَعْمَشِ ، عَنْ
عُمَارَةَ ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=16كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) قَالَ : كَانَتْ
[ ص: 76 ] امْرَأَةٌ تَرْعَى الْغَنَمَ ، وَكَانَ لَهَا أَرْبَعَةُ إِخْوَةٍ ، وَكَانَتْ تَأْوِي بِاللَّيْلِ إِلَى صَوْمَعَةِ رَاهِبٍ . قَالَ : فَنَزَلَ الرَّاهِبُ فَفَجَرَ بِهَا ، فَحَمَلَتْ ، فَأَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ لَهُ : اقْتُلْهَا ثُمَّ ادْفِنْهَا ، فَإِنَّكَ رَجُلٌ مُصَدَّقٌ يُسْمَعُ قَوْلُكَ . فَقَتَلَهَا ثُمَّ دَفَنَهَا . قَالَ : فَأَتَى الشَّيْطَانُ إِخْوَتَهَا فِي الْمَنَامِ فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّ الرَّاهِبَ صَاحِبَ الصَّوْمَعَةِ فَجَرَ بِأُخْتِكُمْ ، فَلَمَّا أَحْبَلَهَا قَتَلَهَا ثُمَّ دَفَنَهَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا . فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ : وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ رُؤْيَا مَا أَدْرِي أَقُصُّهَا عَلَيْكُمْ أَمْ أَتْرُكُ ؟ قَالُوا : لَا بَلْ قُصَّهَا عَلَيْنَا . قَالَ : فَقَصَّهَا ، فَقَالَ الْآخَرُ : وَأَنَا وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ ذَلِكَ ، فَقَالَ الْآخَرُ : وَأَنَا وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ ذَلِكَ . فَقَالُوا : فَوَاللَّهِ مَا هَذَا إِلَّا لِشَيْءٍ . قَالَ : فَانْطَلَقُوا فَاسْتَعْدَوْا مَلِكَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الرَّاهِبِ ، فَأَتَوْهُ فَأَنْزَلُوهُ ثُمَّ انْطَلَقُوا بِهِ فَلَقِيَهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ : إِنِّي أَنَا الَّذِي أَوْقَعْتُكَ فِي هَذَا ، وَلَنْ يُنْجِيَكَ مِنْهُ غَيْرِي ، فَاسْجُدْ لِي سَجْدَةً وَاحِدَةً وَأُنْجِيكَ مِمَّا أَوْقَعْتُكَ فِيهِ . قَالَ : فَسَجَدَ لَهُ ، فَلَمَّا أَتَوْا بِهِ مَلِكَهُمْ تَبَرَّأَ مِنْهُ ، وَأُخِذَ فَقُتِلَ .
وَكَذَا رُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ ، نَحْوُ ذَلِكَ . وَاشْتُهِرَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ أَنَّ هَذَا الْعَابِدَ هُوَ
بَرْصِيصَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَهَذِهِ الْقِصَّةُ مُخَالِفَةٌ
nindex.php?page=treesubj&link=32009لِقِصَّةِ جُرَيْجٍ الْعَابِدِ ، فَإِنَّ جُرَيْجًا اتَّهَمَتْهُ امْرَأَةٌ بَغِيٌّ بِنَفْسِهَا ، وَادَّعَتْ أَنَّ حَمْلَهَا مِنْهُ ، وَرَفَعَتْ أَمْرَهُ إِلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُنْزِلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ وَخُرِّبَتْ صَوْمَعَتُهُ وَهُوَ يَقُولُ : مَا لَكُمْ ؟ مَا لَكُمْ ؟ فَقَالُوا : يَا عَدُوَّ اللَّهِ ، فَعَلْتَ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ كَذَا وَكَذَا . فَقَالَ :
جُرَيْجٌ : اصْبِرُوا . ثُمَّ أَخَذَ ابْنَهَا وَهُوَ صَغِيرٌ جِدًّا ، ثُمَّ قَالَ : يَا غُلَامُ ، مَنْ أَبُوكَ ؟ قَالَ أَبِي الرَّاعِي - وَكَانَتْ قَدْ أَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ - فَلَمَّا رَأَى
بَنُو إِسْرَائِيلَ ذَلِكَ عَظَّمُوهُ كُلُّهُمْ تَعْظِيمًا بَلِيغًا ، وَقَالُوا : نُعِيدُ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ . قَالَ : لَا بَلْ أَعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ ، كَمَا كَانَتْ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=17فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا ) أَيْ : فَكَانَتْ عَاقِبَةُ الْآمِرِ بِالْكُفْرِ وَالْفَاعِلِ لَهُ ، وَتَصَيُّرُهُمَا إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدَيْنِ فِيهَا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=17وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ) أَيْ : جَزَاءُ كُلِّ ظَالِمٍ .