nindex.php?page=treesubj&link=29012_28425 ( nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=52قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد ( 52 )
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ( 53 )
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=54ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شيء محيط ( 54 ) )
يقول تعالى : قل يا
محمد لهؤلاء المشركين المكذبين بالقرآن : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=52أرأيتم إن كان ) هذا القرآن (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=52من عند الله ثم كفرتم به ) أي : كيف ترون حالكم عند الذي أنزله على رسوله ؟ ولهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=52من أضل ممن هو في شقاق بعيد ) ؟
[ ص: 187 ] أي : في كفر وعناد ومشاقة للحق ، ومسلك بعيد من الهدى .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ) أي : سنظهر لهم دلالاتنا وحججنا على
nindex.php?page=treesubj&link=28425_28424كون القرآن حقا منزلا من عند الله ، عز وجل ، على رسوله - صلى الله عليه وسلم - بدلائل خارجية (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53في الآفاق ) ، من الفتوحات وظهور الإسلام على الأقاليم وسائر الأديان .
قال
مجاهد ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : ودلائل في أنفسهم ، قالوا : وقعة
بدر ، وفتح
مكة ، ونحو ذلك من الوقائع التي حلت بهم ، نصر الله فيها
محمدا وصحبه ، وخذل فيها الباطل وحزبه .
ويحتمل أن يكون المراد من ذلك ما الإنسان مركب منه وفيه وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة ، كما هو مبسوط في علم التشريح الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى . وكذلك ما هو مجبول عليه من الأخلاق المتباينة ، من حسن وقبيح وبين ذلك ، وما هو متصرف فيه تحت الأقدار التي لا يقدر بحوله ، وقوته ، وحيله ، وحذره أن يجوزها ، ولا يتعداها ، كما أنشده
ابن أبي الدنيا في كتابه " التفكر والاعتبار " ، عن شيخه
أبي جعفر القرشي :
وإذا نظرت تريد معتبرا فانظر إليك ففيك معتبر أنت الذي يمسي ويصبح في
الدنيا وكل أموره عبر أنت المصرف كان في صغر
ثم استقل بشخصك الكبر أنت الذي تنعاه خلقته
ينعاه منه الشعر والبشر أنت الذي تعطى وتسلب لا
ينجيه من أن يسلب الحذر أنت الذي لا شيء منه له
وأحق منه بماله القدر
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ) ؟ أي : كفى بالله شهيدا على أفعال عباده وأقوالهم ، وهو يشهد أن محمدا صادق فيما أخبر به عنه ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=166لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ) [ النساء : 166 ] .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=54nindex.php?page=treesubj&link=28757_28760ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ) أي : في شك من قيام الساعة ; ولهذا لا يتفكرون فيه ، ولا يعملون له ، ولا يحذرون منه ، بل هو عندهم هدر لا يعبئون به وهو واقع لا ريب فيه وكائن لا محالة .
قال
ابن أبي الدنيا : حدثنا
أحمد بن إبراهيم ، حدثنا
خلف بن تميم ، حدثنا
عبد الله بن محمد بن سعيد الأنصاري أن
عمر بن عبد العزيز صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، أيها الناس ، فإني لم أجمعكم لأمر أحدثه فيكم ، ولكن فكرت في هذا الأمر الذي أنتم إليه صائرون ، فعلمت أن المصدق بهذا الأمر أحمق ، والمكذب به هالك ثم نزل .
[ ص: 188 ]
ومعنى قوله ، رضي الله عنه : " أن المصدق به أحمق " أي : لأنه لا يعمل له عمل مثله ، ولا يحذر منه ولا يخاف من هوله ، وهو مع ذلك مصدق به موقن بوقوعه ، وهو مع ذلك يتمادى في لعبه وغفلته وشهواته وذنوبه ، فهو أحمق بهذا الاعتبار ، والأحمق في اللغة : ضعيف العقل .
وقوله : " والمكذب به هالك " هذا واضح ، والله أعلم .
ثم قال تعالى - مقررا على أنه على كل شيء قدير ، وبكل شيء محيط ، وإقامة الساعة لديه يسير سهل عليه تبارك وتعالى - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=54ألا إنه بكل شيء محيط ) أي :
nindex.php?page=treesubj&link=28783_33679_28781المخلوقات كلها تحت قهره وفي قبضته ، وتحت طي علمه ، وهو المتصرف فيها كلها بحكمه ، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن . [ آخر تفسير سورة فصلت ] .
nindex.php?page=treesubj&link=29012_28425 ( nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=52قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ( 52 )
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ( 53 )
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=54أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ( 54 ) )
يَقُولُ تَعَالَى : قُلْ يَا
مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْمُكَذِّبِينَ بِالْقُرْآنِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=52أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ ) هَذَا الْقُرْآنُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=52مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ ) أَيْ : كَيْفَ تَرَوْنَ حَالَكُمْ عِنْدَ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ ؟ وَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=52مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ) ؟
[ ص: 187 ] أَيْ : فِي كُفْرٍ وَعِنَادٍ وَمُشَاقَّةٍ لِلْحَقِّ ، وَمَسْلَكٍ بَعِيدٍ مِنَ الْهُدَى .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ) أَيْ : سَنُظْهِرُ لَهُمْ دَلَالَاتِنَا وَحُجَجَنَا عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28425_28424كَوْنِ الْقُرْآنِ حَقًّا مُنَزَّلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدَلَائِلَ خَارِجِيَّةٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53فِي الْآفَاقِ ) ، مِنَ الْفُتُوحَاتِ وَظُهُورِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْأَقَالِيمِ وَسَائِرِ الْأَدْيَانِ .
قَالَ
مُجَاهِدٌ ،
وَالْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ : وَدَلَائِلُ فِي أَنْفُسِهِمْ ، قَالُوا : وَقْعَةُ
بَدْرٍ ، وَفَتْحُ
مَكَّةَ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْوَقَائِعِ الَّتِي حَلَّتْ بِهِمْ ، نَصَرَ اللَّهُ فِيهَا
مُحَمَّدًا وَصَحْبَهُ ، وَخَذَلَ فِيهَا الْبَاطِلَ وَحِزْبَهُ .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ مَا الْإِنْسَانُ مُرَكَّبٌ مِنْهُ وَفِيهِ وَعَلَيْهِ مِنَ الْمَوَادِّ وَالْأَخْلَاطِ وَالْهَيْئَاتِ الْعَجِيبَةِ ، كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي عِلْمِ التَّشْرِيحِ الدَّالِّ عَلَى حِكْمَةِ الصَّانِعِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى . وَكَذَلِكَ مَا هُوَ مَجْبُولٌ عَلَيْهِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْمُتَبَايِنَةِ ، مِنْ حَسَنٍ وَقَبِيحٍ وَبَيْنَ ذَلِكَ ، وَمَا هُوَ مُتَصَرِّفٌ فِيهِ تَحْتَ الْأَقْدَارِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ بِحَوْلِهِ ، وَقُوَّتِهِ ، وَحِيَلِهِ ، وَحَذَرِهِ أَنْ يَجُوزَهَا ، وَلَا يَتَعَدَّاهَا ، كَمَا أَنْشَدَهُ
ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِهِ " التَّفَكُّرُ وَالِاعْتِبَارُ " ، عَنْ شَيْخِهِ
أَبِي جَعْفَرٍ الْقُرَشِيِّ :
وَإِذَا نَظَرْتَ تُرِيدُ مُعْتَبَرَا فَانْظُرْ إِلَيْكَ فَفِيكَ مُعْتَبَرُ أَنْتَ الَّذِي يُمْسِي وَيُصْبِحُ فِي
الدُّنْيَا وَكُلُّ أُمُورِهِ عِبَرُ أَنْتَ الْمُصَرَّفُ كَانَ فِي صِغَرٍ
ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِشَخْصِكَ الْكِبَرُ أَنْتَ الَّذِي تَنْعَاهُ خِلْقَتُهُ
يَنْعَاهُ مِنْهُ الشَّعْرُ وَالْبَشَرُ أَنْتَ الَّذِي تُعْطَى وَتُسْلَبُ لَا
يُنْجِيهِ مِنْ أَنْ يُسْلَبَ الْحَذَرُ أَنْتَ الَّذِي لَا شَيْءَ مِنْهُ لَهُ
وَأَحَقُّ مِنْهُ بِمَالِهِ الْقَدَرُ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) ؟ أَيْ : كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا عَلَى أَفْعَالِ عِبَادِهِ وَأَقْوَالِهِمْ ، وَهُوَ يَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا صَادِقٌ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْهُ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=166لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ ) [ النِّسَاءِ : 166 ] .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=54nindex.php?page=treesubj&link=28757_28760أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ ) أَيْ : فِي شَكٍّ مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ ; وَلِهَذَا لَا يَتَفَكَّرُونَ فِيهِ ، وَلَا يَعْمَلُونَ لَهُ ، وَلَا يَحْذَرُونَ مِنْهُ ، بَلْ هُوَ عِنْدَهُمْ هَدَرٌ لَا يَعْبَئُونَ بِهِ وَهُوَ وَاقِعٌ لَا رَيْبَ فِيهِ وَكَائِنٌ لَا مَحَالَةَ .
قَالَ
ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا
خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ
عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ صَعِدَ الْمِنْبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، أَيُّهَا النَّاسُ ، فَإِنِّي لَمْ أَجْمَعْكُمْ لِأَمْرٍ أُحْدِثُهُ فِيكُمْ ، وَلَكِنْ فَكَّرْتُ فِي هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي أَنْتُمْ إِلَيْهِ صَائِرُونَ ، فَعَلِمْتُ أَنَّ الْمُصَدِّقَ بِهَذَا الْأَمْرِ أَحْمَقُ ، وَالْمُكَذِّبَ بِهِ هَالِكٌ ثُمَّ نَزَلَ .
[ ص: 188 ]
وَمَعْنَى قَوْلِهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " أَنَّ الْمُصَدِّقَ بِهِ أَحْمَقُ " أَيْ : لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ لَهُ عَمَلَ مِثْلِهِ ، وَلَا يَحْذَرُ مِنْهُ وَلَا يَخَافُ مِنْ هَوْلِهِ ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُصَدِّقٌ بِهِ مُوقِنٌ بِوُقُوعِهِ ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَتَمَادَى فِي لَعِبِهِ وَغَفْلَتِهِ وَشَهَوَاتِهِ وَذُنُوبِهِ ، فَهُوَ أَحْمَقُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ ، وَالْأَحْمَقُ فِي اللُّغَةِ : ضَعِيفُ الْعَقْلِ .
وَقَوْلُهُ : " وَالْمُكَذِّبُ بِهِ هَالِكٌ " هَذَا وَاضِحٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى - مُقَرِّرًا عَلَى أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَبِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ، وَإِقَامَةُ السَّاعَةِ لَدَيْهِ يَسِيرٌ سَهْلٌ عَلَيْهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=54أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ) أَيِ :
nindex.php?page=treesubj&link=28783_33679_28781الْمَخْلُوقَاتُ كُلُّهَا تَحْتَ قَهْرِهِ وَفِي قَبْضَتِهِ ، وَتَحْتَ طَيِّ عِلْمِهِ ، وَهُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا كُلِّهَا بِحُكْمِهِ ، فَمَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ . [ آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ فُصِّلَتْ ] .