(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125nindex.php?page=treesubj&link=31857_31887_31854_28973وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ( 126 ) ( 125 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( 127 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ( 128 ) )
[ ص: 419 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل ) قال : أمرهما الله أن يطهراه من الأذى والنجس ولا يصيبه من ذلك شيء .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : قلت
لعطاء : ما عهده ؟ قال : أمره .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125وعهدنا إلى إبراهيم ) أي : أمرناه . كذا قال . والظاهر أن هذا الحرف إنما عدي بإلى ، لأنه في معنى تقدمنا وأوحينا .
وقال
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين ) قال : من الأوثان .
وقال
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125طهرا بيتي للطائفين ) إن ذلك من الأوثان والرفث وقول الزور والرجس .
قال
ابن أبي حاتم : وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء وقتادة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125أن طهرا بيتي ) أي : بلا إله إلا الله ، من الشرك .
وأما قوله تعالى : ( للطائفين ) فالطواف بالبيت معروف . وعن
سعيد بن جبير أنه قال في قوله تعالى : ( للطائفين ) يعني : من أتاه من غربة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125والعاكفين ) المقيمين فيه . وهكذا روي عن
قتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس : أنهما فسرا العاكفين بأهله المقيمين فيه ، كما قال
سعيد بن جبير .
وقال
يحيى [ بن ] القطان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16486عبد الملك هو ابن أبي سليمان عن
عطاء في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125والعاكفين ) قال : من انتابه من الأمصار فأقام عنده وقال لنا ونحن مجاورون : أنتم من العاكفين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
أبي بكر الهذلي عن
عطاء عن
ابن عباس قال : إذا كان جالسا فهو من العاكفين .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
موسى بن إسماعيل ، حدثنا
حماد بن سلمة ، حدثنا
ثابت قال : قلنا
لعبد الله بن عبيد بن عمير : ما أراني إلا مكلم الأمير أن أمنع الذين ينامون في
[ ص: 420 ] المسجد الحرام فإنهم يجنبون ويحدثون . قال : لا تفعل ، فإن
ابن عمر سئل عنهم ، فقال : هم العاكفون .
[ ورواه
عبد بن حميد عن
سليمان بن حرب عن
حماد بن سلمة ، به ] .
قلت : وقد ثبت في الصحيح أن
ابن عمر كان ينام في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو عزب .
وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125والركع السجود ) فقال
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
أبي بكر الهذلي ، عن
عطاء ، عن
ابن عباس (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125والركع السجود ) قال : إذا كان مصليا فهو من الركع السجود . وكذا قال
عطاء وقتادة .
وقال
ابن جرير رحمه الله : فمعنى الآية : وأمرنا
إبراهيم وإسماعيل بتطهير بيتي للطائفين . والتطهير الذي أمرهما به في البيت هو تطهيره من الأصنام وعبادة الأوثان فيه ومن الشرك . ثم أورد سؤالا فقال : فإن قيل : فهل كان قبل بناء
إبراهيم عند البيت شيء من ذلك الذي أمر بتطهيره منه ؟ وأجاب بوجهين : أحدهما : أنه أمرهما بتطهيره مما كان يعبد عنده زمان قوم
نوح من الأصنام والأوثان ليكون ذلك سنة لمن بعدهما إذ كان الله تعالى قد جعل
إبراهيم إماما يقتدى به كما قال
عبد الرحمن بن زيد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125أن طهرا بيتي ) قال : من الأصنام التي يعبدون ، التي كان المشركون يعظمونها .
قلت : وهذا الجواب مفرع على أنه كان يعبد عنده أصنام قبل
إبراهيم عليه السلام ، ويحتاج إثبات هذا إلى دليل عن المعصوم
محمد صلى الله عليه وسلم .
الجواب الثاني : أنه أمرهما أن يخلصا [ في ] بنائه لله وحده لا شريك له ، فيبنياه مطهرا من الشرك والريب ، كما قال جل ثناؤه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار ) [ التوبة : 109 ] قال : فكذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي ) أي : ابنيا بيتي على طهر من الشرك بي والريب ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125أن طهرا بيتي ) ابنيا بيتي للطائفين .
وملخص هذا الجواب : أن الله تعالى أمر
إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ، أن يبنيا الكعبة على اسمه وحده لا شريك له للطائفين به والعاكفين عنده ، والمصلين إليه من الركع السجود ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود ) الآيات [ الحج : 26 ] .
[ وقد اختلف الفقهاء : أيما أفضل ، الصلاة عند البيت أو الطواف ؟ فقال مالك : الطواف به لأهل الأمصار أفضل من الصلاة عنده ، وقال الجمهور : الصلاة أفضل مطلقا ، وتوجيه كل منهما يذكر في كتاب الأحكام ] .
[ ص: 421 ]
والمراد من ذلك الرد على المشركين الذين كانوا يشركون بالله عند بيته ، المؤسس على عبادته وحده لا شريك له ، ثم مع ذلك يصدون أهله المؤمنين عنه ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ) [ الحج : 25 ] .
ثم ذكر أن البيت إنما أسس لمن يعبد الله وحده لا شريك له ، إما بطواف أو صلاة ، فذكر في سورة الحج أجزاءها الثلاثة : قيامها ، وركوعها ، وسجودها ، ولم يذكر العاكفين لأنه تقدم (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25سواء العاكف فيه والباد ) وفي هذه الآية الكريمة ذكر الطائفين والعاكفين ، واجتزأ بذكر الركوع والسجود عن القيام ; لأنه قد علم أنه لا يكون ركوع ولا سجود إلا بعد قيام . وفي ذلك أيضا رد على من لا يحجه من أهل الكتابين :
اليهود والنصارى ; لأنهم يعتقدون فضيلة
إبراهيم الخليل وعظمته ، ويعلمون أنه بنى هذا البيت للطواف في الحج والعمرة وغير ذلك وللاعتكاف والصلاة عنده وهم لا يفعلون شيئا من ذلك ، فكيف يكونون مقتدين بالخليل ، وهم لا يفعلون ما شرع الله له ؟ وقد حج البيت
موسى بن عمران وغيره من الأنبياء عليهم السلام ، كما أخبر بذلك المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إن هو إلا وحي يوحى ) [ النجم : 4 ] .
وتقدير الكلام إذا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل ) [ أي : تقدمنا لوحينا إلى
إبراهيم وإسماعيل ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ) أي : طهراه من الشرك والريب وابنياه خالصا لله ، معقلا للطائفين والعاكفين والركع السجود . وتطهير المساجد مأخوذ من هذه الآية ، ومن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=36في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال ) [ النور : 36 ] ومن السنة من أحاديث كثيرة ، من الأمر بتطهيرها وتطييبها وغير ذلك ، من صيانتها من الأذى والنجاسات وما أشبه ذلك . ولهذا قال عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820337 " إنما بنيت المساجد لما بنيت له " . وقد جمعت في ذلك جزءا على حدة ولله الحمد والمنة .
وقد اختلف الناس في
nindex.php?page=treesubj&link=29236_34020أول من بنى الكعبة ، فقيل : الملائكة قبل
آدم ، وروي هذا عن
أبي جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين ، ذكره
القرطبي وحكى لفظه ، وفيه غرابة ، وقيل :
آدم عليه السلام ، رواه
عبد الرزاق عن ابن جريج عن
عطاء nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب وغيرهم : أن
آدم بناه من خمسة أجبل : من
حراء وطور سيناء وطور زيتا وجبل لبنان والجودي ، وهذا غريب أيضا . وروي نحوه عن
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16850وكعب الأحبار وقتادة وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه : أن أول من بناه
شيث ، عليه السلام ، وغالب من يذكر هذا إنما يأخذه من كتب أهل الكتاب ، وهي مما لا يصدق ولا يكذب ولا يعتمد عليها بمجردها ، وأما إذا صح حديث في ذلك فعلى الرأس والعين .
[ ص: 422 ]
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر )
قال الإمام
أبو جعفر بن جرير : حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=824344إن إبراهيم حرم بيت الله وأمنه ، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها فلا يصاد صيدها ولا يقطع عضاهها " .
وهكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار عن
بندار به .
وأخرجه
مسلم ، عن
أبي بكر بن أبي شيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16696وعمرو الناقد ، كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=11798أبي أحمد الزبيري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري .
وقال
ابن جرير أيضا : حدثنا
أبو كريب وأبو السائب قالا : حدثنا
ابن إدريس ، وحدثنا
أبو كريب ، حدثنا
عبد الرحيم الرازي ، قالا جميعا : سمعنا
أشعث عن
نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=824345إن إبراهيم كان عبد الله وخليله وإني عبد الله ورسوله ، وإن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها ، عضاهها وصيدها ، لا يحمل فيها سلاح لقتال ، ولا يقطع منها شجرة إلا لعلف بعير " .
وهذه الطريق غريبة ، ليست في شيء من الكتب الستة ، وأصل الحديث في صحيح
مسلم من وجه آخر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820338كان الناس إذا رأوا أول الثمر ، جاءوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم بارك لنا في ثمرنا ، وبارك لنا في مدينتنا ، وبارك لنا في صاعنا ، وبارك لنا في مدنا ، اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك ، وإني عبدك ونبيك ، وإنه دعاك لمكة وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك لمكة ومثله معه " ثم يدعو أصغر وليد له ، فيعطيه ذلك الثمر . وفي لفظ : " بركة مع بركة " ثم يعطيه أصغر من يحضره من الولدان . لفظ
مسلم .
ثم قال
ابن جرير : حدثنا
أبو كريب ، حدثنا
قتيبة بن سعيد ، حدثنا
بكر بن مضر ، عن
ابن الهاد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11949أبي بكر بن محمد ، عن
عبد الله بن عمرو بن عثمان ، عن
رافع بن خديج ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820339 " nindex.php?page=treesubj&link=31577_31854إن إبراهيم حرم مكة ، وإني أحرم ما بين لابتيها " .
انفرد بإخراجه
مسلم ، فرواه عن
قتيبة ، عن
بكر بن مضر ، به . ولفظه كلفظه سواء . وفي
[ ص: 423 ] الصحيحين
nindex.php?page=hadith&LINKID=820340عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة : " التمس لي غلاما من غلمانكم يخدمني " فخرج بي أبو طلحة يردفني وراءه ، فكنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما نزل . وقال في الحديث : ثم أقبل حتى إذا بدا له
أحد قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820270 " هذا جبل يحبنا ونحبه " . فلما أشرف على
المدينة قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=820341 " اللهم إني أحرم ما بين جبليها ، مثلما حرم به إبراهيم مكة ، اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم " . وفي لفظ لهما :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820342 " اللهم بارك لهم في مكيالهم ، وبارك لهم في صاعهم ، وبارك لهم في مدهم " . زاد
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : يعني : أهل
المدينة .
ولهما أيضا عن
أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820343 " اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلته بمكة من البركة " وعن
nindex.php?page=showalam&ids=4804عبد الله بن زيد بن عاصم ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820344 " nindex.php?page=treesubj&link=30684_30688_30693إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها ، وحرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ، ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم لمكة "
رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وهذا لفظه ،
ومسلم ولفظه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820345 " إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها . وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ، وإني دعوت لها في صاعها ومدها بمثل ما دعا إبراهيم لأهل مكة " .
وعن
أبي سعيد ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820346 " اللهم إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حراما ، وإني حرمت المدينة حراما ما بين مأزميها ، لا يهراق فيها دم ، ولا يحمل فيها سلاح لقتال ، ولا يخبط فيها شجرة إلا لعلف . اللهم بارك لنا في مدينتنا ، اللهم بارك لنا في صاعنا ، اللهم بارك لنا في مدنا ، اللهم اجعل مع البركة بركتين " . الحديث رواه
مسلم .
والأحاديث في تحريم المدينة كثيرة ، وإنما أوردنا منها ما هو متعلق بتحريم
إبراهيم ، عليه السلام ،
لمكة ، لما في ذلك في مطابقة الآية الكريمة .
[ وتمسك بها من ذهب إلى أن تحريم
مكة إنما كان على لسان
إبراهيم الخليل ، وقيل : إنها محرمة منذ خلقت مع الأرض وهذا أظهر وأقوى ] .
وقد وردت أحاديث أخر تدل على أن الله تعالى حرم مكة قبل خلق السماوات والأرض ، كما
[ ص: 424 ] جاء في الصحيحين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس ، رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح
مكة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820347 " إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة . وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة . لا يعضد شوكه ، ولا ينفر صيده ، ولا تلتقط لقطته إلا من عرفها ، ولا يختلى خلاها " فقال العباس : يا رسول الله ، إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم . فقال : " إلا الإذخر " وهذا لفظ
مسلم .
ولهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة نحو من ذلك .
ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بعد ذلك : قال
أبان بن صالح ، عن
الحسن بن مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10941صفية بنت شيبة : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله .
وهذا الذي علقه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رواه الإمام
أبو عبد الله بن ماجه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13608محمد بن عبد الله بن نمير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير ، عن
محمد بن إسحاق ، عن
أبان بن صالح ، عن
الحسن بن مسلم بن يناق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10941صفية بنت شيبة ، قالت : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب عام الفتح ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820348 " يا أيها الناس ، إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض ، فهي حرام إلى يوم القيامة ، لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ، ولا يأخذ لقطتها إلا منشد " فقال العباس : إلا الإذخر ; فإنه للبيوت والقبور . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إلا الإذخر " .
وعن
أبي شريح العدوي أنه قال
لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى
مكة : ائذن لي أيها الأمير أن أحدثك قولا قال به رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح ، سمعته أذناي ووعاه قلبي ، وأبصرته عيناي حين تكلم به ، إنه حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820349 " إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس ، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ، ولا يعضد بها شجرة ، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا : إن الله أذن لرسوله صلى الله عليه وسلم ولم يأذن لكم . وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، فليبلغ الشاهد الغائب " . فقيل
لأبي شريح : ما قال لك
عمرو ؟ قال : أنا أعلم بذلك منك يا
أبا شريح ، إن الحرم لا يعيذ عاصيا ، ولا فارا بدم ، ولا فارا بخربة .
رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم ، وهذا لفظه .
فإذا علم هذا فلا منافاة بين هذه الأحاديث الدالة على أن الله حرم
مكة يوم خلق السماوات
[ ص: 425 ] والأرض ، وبين الأحاديث الدالة على أن
إبراهيم ، عليه السلام ، حرمها ; لأن
إبراهيم بلغ عن الله حكمه فيها وتحريمه إياها ، وأنها لم تزل بلدا حراما عند الله قبل بناء
إبراهيم ، عليه السلام ، لها ، كما أنه قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مكتوبا عند الله خاتم النبيين ، وإن
آدم لمنجدل في طينته ، ومع هذا قال
إبراهيم ، عليه السلام : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=129ربنا وابعث فيهم رسولا منهم ) وقد أجاب الله دعاءه بما سبق في علمه وقدره . ولهذا جاء في الحديث أنهم قالوا : يا رسول الله ، أخبرنا عن بدء أمرك . فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820350 " دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ابن مريم ، ورأت أمي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام " .
أي : أخبرنا عن بدء ظهور أمرك . كما سيأتي قريبا ، إن شاء الله .
وأما مسألة تفضيل
مكة على
المدينة ، كما هو قول الجمهور ، أو المدينة على
مكة ، كما هو مذهب
مالك وأتباعه ، فتذكر في موضع آخر بأدلتها ، إن شاء الله ، وبه الثقة .
وقوله : تعالى إخبارا عن الخليل أنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126رب اجعل هذا بلدا آمنا ) أي : من الخوف ، لا يرعب أهله ، وقد فعل الله ذلك شرعا وقدرا . كقوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97ومن دخله كان آمنا ) [ آل عمران : 97 ] وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=67أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم ) [ العنكبوت : 67 ] إلى غير ذلك من الآيات . وقد تقدمت الأحاديث في تحريم القتال فيها . وفي صحيح مسلم عن
جابر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820351 " لا يحل لأحد أن يحمل بمكة السلاح " . وقال في هذه السورة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126رب اجعل هذا بلدا آمنا ) أي : اجعل هذه البقعة بلدا آمنا ، وناسب هذا ; لأنه قبل بناء الكعبة . وقال تعالى في سورة إبراهيم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا ) [ إبراهيم : 35 ] وناسب هذا هناك لأنه ، والله أعلم ، كأنه وقع دعاء ثانيا بعد بناء البيت واستقرار أهله به ، وبعد مولد
إسحاق الذي هو أصغر سنا من
إسماعيل بثلاث عشرة سنة ; ولهذا قال في آخر الدعاء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=39الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء ) [ إبراهيم : 39 ]
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير )
قال
أبو جعفر الرازي ، عن
الربيع بن أنس ، عن
أبي العالية ، عن
أبي بن كعب : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ) قال : هو قول الله تعالى . وهذا قول
مجاهد وعكرمة وهو الذي صوبه
ابن جرير ، رحمه الله تعالى : قال : وقرأ آخرون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ) فجعلوا ذلك من تمام دعاء
إبراهيم ، كما رواه
أبو جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية قال : كان
ابن عباس يقول : ذلك قول
إبراهيم ، يسأل ربه أن من كفر فأمتعه قليلا .
[ ص: 426 ]
وقال
أبو جعفر ، عن
ليث بن أبي سليم ، عن
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126ومن كفر فأمتعه قليلا ) يقول : ومن كفر فأرزقه أيضا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير )
وقال
محمد بن إسحاق : لما عزل
إبراهيم ، عليه السلام ، الدعوة عمن أبى الله أن يجعل له الولاية انقطاعا إلى الله ومحبته ، وفراقا لمن خالف أمره ، وإن كانوا من ذريته ، حين عرف أنه كائن منهم أنه ظالم ألا يناله عهده ، بخبر الله له بذلك قال الله : ومن كفر فإني أرزق البر والفاجر وأمتعه قليلا .
وقال
حاتم بن إسماعيل عن حميد الخراط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16650عمار الدهني ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر ) قال
ابن عباس : كان إبراهيم يحجرها على المؤمنين دون الناس ، فأنزل الله ومن كفر أيضا أرزقهم كما أرزق المؤمنين ، أأخلق خلقا لا أرزقهم ؟ ! أمتعهم قليلا ثم أضطرهم إلى عذاب النار وبئس المصير . ثم قرأ
ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=20كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا ) [ الإسراء : 20 ] . رواه
ابن مردويه . وروي عن
عكرمة ومجاهد نحو ذلك أيضا . وهذا كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=69إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ) [ يونس : 69 ، 70 ] ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=23ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ) [ لقمان : 23 ، 24 ] ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=33ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين ) [ الزخرف : 33 ، 35 ]
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ) أي : ثم ألجئه بعد متاعه في الدنيا وبسطنا عليه من ظلها إلى عذاب النار وبئس المصير . ومعناه : أن الله تعالى ينظرهم ويمهلهم ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=48وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير ) [ الحج : 48 ] ، وفي الصحيحين :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820321 " لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله ; إنهم يجعلون له ولدا ، وهو يرزقهم ويعافيهم " وفي الصحيح أيضا : " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " . ثم قرأ قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ) [ هود : 102 ] .
وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم )
[ ص: 427 ]
فالقواعد : جمع قاعدة ، وهي السارية والأساس ، يقول تعالى : واذكر يا
محمد لقومك بناء
إبراهيم وإسماعيل ، عليهما السلام ، البيت ، ورفعهما القواعد منه ، وهما يقولان : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ) فهما في عمل صالح ، وهما يسألان الله تعالى أن يتقبل منهما ، كما روى
ابن أبي حاتم من حديث
محمد بن يزيد بن خنيس المكي ، عن
وهيب بن الورد : أنه قرأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا ) ثم يبكي ويقول : يا خليل الرحمن ، ترفع قوائم بيت الرحمن وأنت مشفق أن لا يتقبل منك . وهذا كما حكى الله تعالى عن حال المؤمنين المخلصين في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=60والذين يؤتون ما آتوا ) أي : يعطون ما أعطوا من الصدقات والنفقات والقربات (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=60وقلوبهم وجلة ) [ المؤمنون : 60 ] أي : خائفة ألا يتقبل منهم . كما جاء به الحديث الصحيح ، عن
عائشة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في موضعه .
وقال بعض المفسرين : الذي كان يرفع القواعد هو
إبراهيم ، والداعي
إسماعيل . والصحيح أنهما كانا يرفعان ويقولان ، كما سيأتي بيانه .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هاهنا حديثا سنورده ثم نتبعه بآثار متعلقة بذلك . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، رحمه الله :
حدثنا
عبد الله بن محمد ، حدثنا
عبد الرزاق ، حدثنا
معمر ، عن
أيوب السختياني وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة يزيد أحدهما على الآخر عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، رضي الله عنهما ، قال :
nindex.php?page=treesubj&link=31869أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل
أم إسماعيل ، عليهما السلام اتخذت منطقا ليعفي أثرها على
سارة . ثم جاء بها
إبراهيم وبابنها
إسماعيل ، عليهما السلام ، وهي ترضعه ، حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد ، وليس
بمكة يومئذ أحد ، وليس بها ماء ، فوضعهما هنالك ، ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء ، ثم قفى
إبراهيم ، عليه السلام ، منطلقا . فتبعته
أم إسماعيل فقالت : يا
إبراهيم ، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مرارا ، وجعل لا يلتفت إليها . فقالت : آلله أمرك بهذا ؟ قال : نعم . قالت : إذا لا يضيعنا . ثم رجعت . فانطلق
إبراهيم ، عليه السلام ، حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه ، استقبل بوجهه البيت ، ثم دعا بهؤلاء الدعوات ، ورفع يديه ، قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) [ إبراهيم : 37 ] ، وجعلت
أم إسماعيل ترضع
إسماعيل ، عليهما السلام ، وتشرب من ذلك الماء ، حتى إذا نفد ماء السقاء عطشت وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلوى
[ ص: 428 ] أو قال : يتلبط فانطلقت كراهية أن تنظر إليه ، فوجدت
الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا ؟ فلم تر أحدا . فهبطت من
الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي . ثم أتت
المروة ، فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا ؟ فلم تر أحدا . ففعلت ذلك سبع مرات ، قال
ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " فلذلك سعى الناس بينهما " .
فلما أشرفت على
المروة سمعت صوتا فقالت : صه ، تريد نفسها ، ثم تسمعت فسمعت أيضا . فقالت : قد أسمعت إن كان عندك غواث . فإذا هي بالملك عند موضع زمزم ، فبحث بعقبه أو قال : بجناحه حتى ظهر الماء ، فجعلت تحوضه ، وتقول بيدها هكذا ، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعدما تغرف . قال
ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820352 " يرحم الله nindex.php?page=treesubj&link=31868أم إسماعيل ، لو تركت زمزم أو قال : لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا " .
قال : فشربت وأرضعت ولدها ، فقال لها الملك : لا تخافي الضيعة ; فإن هاهنا بيتا لله ، عز وجل ، يبنيه هذا الغلام وأبوه ، وإن الله ، عز وجل ، لا يضيع أهله . وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله ، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من
جرهم أو أهل بيت من
جرهم مقبلين من طريق
كداء . فنزلوا في أسفل
مكة ، فرأوا طائرا عائفا ، فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على الماء ، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء . فأرسلوا جريا أو جريين ، فإذا هم بالماء . فرجعوا فأخبروهم بالماء ، فأقبلوا . قال : وأم إسماعيل عند الماء . فقالوا : أتأذنين لنا أن ننزل عندك ؟ قالت : نعم ، ولكن لا حق لكم في الماء . قالوا : نعم .
قال
ابن عباس فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس . فنزلوا ، وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم . حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام ، وتعلم العربية منهم ، وأنفسهم وأعجبهم حين شب ، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم . وماتت
أم إسماعيل ، عليهما السلام ، فجاء
إبراهيم بعد ما تزوج
إسماعيل ليطالع تركته . فلم يجد
إسماعيل ، فسأل امرأته عنه فقالت : خرج يبتغي لنا . ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم ، فقالت : نحن بشر ، نحن في ضيق وشدة . وشكت إليه . قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ، وقولي له : يغير عتبة بابه . فلما جاء
إسماعيل ، عليه السلام ، كأنه أنس شيئا . فقال : هل جاءكم من أحد ؟ قالت : نعم ، جاءنا شيخ كذا وكذا ، فسأل عنك ، فأخبرته ، وسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا في جهد وشدة . قال : فهل أوصاك بشيء ؟ قالت : نعم ، أمرني أن أقرأ عليك السلام ، ويقول غير عتبة بابك . قال : ذاك أبي . وقد أمرني أن أفارقك ، فالحقي بأهلك . فطلقها وتزوج منهم بأخرى ، فلبث عنهم
إبراهيم ما شاء الله ، ثم أتاهم بعد فلم يجده . فدخل على امرأته ، فسألها عنه ، فقالت : خرج يبتغي لنا . قال : كيف أنتم ؟
[ ص: 429 ] وسألها عن عيشهم وهيئتهم . فقالت : نحن بخير وسعة . وأثنت على الله ، عز وجل . فقال : ما طعامكم ؟ قالت : اللحم . قال : فما شرابكم ؟ قالت : الماء . قال : اللهم بارك لهم في اللحم والماء " . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ولم يكن لهم يومئذ حب ، ولو كان لهم ، لدعا لهم فيه . قال : فهما لا يخلو عليهما أحد بغير
مكة إلا لم يوافقاه " . قال : " فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ، ومريه يثبت عتبة بابه ، فلما جاء
إسماعيل ، عليه السلام ، قال : هل أتاكم من أحد ؟ قالت : نعم ، أتانا شيخ حسن الهيئة ، وأثنت عليه فسألني عنك ، فأخبرته ، فسألني : كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا بخير . قال : فأوصاك بشيء ؟ قالت : نعم ، هو يقرأ عليك السلام ، ويأمرك أن تثبت عتبة بابك . قال : ذاك أبي ، وأنت العتبة ، أمرني أن أمسكك . ثم لبث عنهم ما شاء الله ، عز وجل ، ثم جاء بعد ذلك
وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم ، فلما رآه قام إليه ، فصنعا كما يصنع الولد بالوالد ، والوالد بالولد . ثم قال : يا
إسماعيل ، إن الله أمرني بأمر . قال : فاصنع ما أمرك ربك ، عز وجل . قال : وتعينني ؟ قال : وأعينك . قال :
nindex.php?page=treesubj&link=29236فإن الله أمرني أن أبني هاهنا بيتا وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها قال : فعند ذلك رفعا القواعد من البيت فجعل
إسماعيل يأتي بالحجارة
وإبراهيم يبني ، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له ، فقام عليه وهو يبني ،
وإسماعيل يناوله الحجارة ، وهما يقولان : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ) " قال : " فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت ، وهما يقولان : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ) .
[ ورواه عبد بن حميد عن عبد الرزاق به مطولا ] .
ورواه
ابن أبي حاتم ، عن
أبي عبد الله محمد بن حماد الظهراني .
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ، عن
أحمد بن ثابت الرازي ، كلاهما عن
عبد الرزاق به مختصرا .
وقال
أبو بكر بن مردويه : حدثنا
إسماعيل بن علي بن إسماعيل ، حدثنا
بشر بن موسى ، حدثنا
أحمد بن محمد الأزرقي ، حدثنا
مسلم بن خالد الزنجي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036عبد الملك بن جريج ، عن
كثير بن كثير ، قال : كنت أنا
وعثمان بن أبي سليمان ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين في ناس مع
سعيد بن جبير ، في أعلى المسجد ليلا فقال
سعيد بن جبير : سلوني قبل أن لا تروني . فسألوه عن المقام . فأنشأ يحدثهم عن
ابن عباس ، فذكر الحديث بطوله .
ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
عبد الله بن محمد . حدثنا
أبو عامر عبد الملك بن عمرو حدثنا
إبراهيم بن نافع ، عن
كثير بن كثير ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس قال : لما كان بين
إبراهيم وبين أهله ما كان ، خرج
بإسماعيل وأم إسماعيل ، ومعهم شنة فيها ماء ، فجعلت
أم إسماعيل تشرب من
[ ص: 430 ] الشنة ، فيدر لبنها على صبيها ، حتى قدم مكة فوضعها تحت دوحة ، ثم رجع
إبراهيم إلى أهله ، فاتبعته أم إسماعيل ، حتى بلغوا
كداء نادته من ورائه : يا
إبراهيم ، إلى من تتركنا ؟ قال : إلى الله ، عز وجل . قالت : رضيت بالله . قال : فرجعت ، فجعلت تشرب من الشنة ، ويدر لبنها على صبيها حتى لما فني الماء قالت : لو ذهبت فنظرت لعلي أحس أحدا . قال : فذهبت فصعدت الصفا ، فنظرت ونظرت هل تحس أحدا ، فلم تحس أحدا . فلما بلغت الوادي سعت حتى أتت المروة ، ففعلت ذلك أشواطا ثم قالت : لو ذهبت فنظرت ما فعل ، تعني الصبي ، فذهبت فنظرت فإذا هو على حاله كأنه ينشغ للموت ، فلم تقرها نفسها ، فقالت : لو ذهبت فنظرت لعلي أحس أحدا . قال : فذهبت فصعدت
الصفا ، فنظرت ونظرت فلم تحس أحدا ، حتى أتمت سبعا ، ثم قالت : لو ذهبت فنظرت ما فعل ، فإذا هي بصوت ، فقالت : أغث إن كان عندك خير . فإذا
جبريل ، عليه السلام ، قال : فقال بعقبه هكذا ، وغمز عقبه على الأرض . قال : فانبثق الماء ، فدهشت
أم إسماعيل ، فجعلت تحفر .
قال : فقال
أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : " لو تركته لكان الماء ظاهرا .
قال : فجعلت تشرب من الماء ويدر لبنها على صبيها .
قال : فمر ناس من
جرهم ببطن الوادي ، فإذا هم بطير ، كأنهم أنكروا ذلك ، وقالوا : ما يكون الطير إلا على ماء ، فبعثوا رسولهم فنظر ، فإذا هو بالماء . فأتاهم فأخبرهم . فأتوا إليها فقالوا : يا أم إسماعيل ، أتأذنين لنا أن نكون معك ونسكن معك ؟ فبلغ ابنها ونكح فيهم امرأة .
قال : ثم إنه بدا
لإبراهيم صلى الله عليه وسلم فقال لأهله : إني مطلع تركتي . قال : فجاء فسلم ، فقال : أين
إسماعيل ؟ قالت امرأته : ذهب يصيد . قال : قولي له إذا جاء : غير عتبة بيتك . فلما جاء أخبرته ، قال : أنت ذاك ، فاذهبي إلى أهلك .
قال : ثم إنه بدا
لإبراهيم ، فقال لأهله : إني مطلع تركتي . قال : فجاء فقال : أين
إسماعيل ؟ فقالت امرأته : ذهب يصيد . فقالت : ألا تنزل فتطعم وتشرب ؟ فقال : ما طعامكم وما شرابكم ؟ قالت : طعامنا اللحم ، وشرابنا الماء . قال : اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم .
قال : فقال
أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : " بركة بدعوة
إبراهيم "
قال : ثم إنه بدا
لإبراهيم صلى الله عليه وسلم فقال لأهله : إني مطلع تركتي . فجاء فوافق
إسماعيل من وراء زمزم يصلح نبلا له فقال : يا
إسماعيل ، إن ربك ، عز وجل ، أمرني أن أبني له بيتا . فقال : أطع ربك ، عز وجل . قال : إنه قد أمرني أن تعينني عليه ؟ فقال : إذن أفعل أو كما قال . قال : فقاما [ قال ] فجعل
إبراهيم يبني ،
وإسماعيل يناوله الحجارة ، ويقولان : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم )
[ ص: 431 ] قال : حتى ارتفع البناء وضعف الشيخ عن نقل الحجارة . فقام على حجر المقام ، فجعل يناوله الحجارة ويقولان : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم )
هكذا رواه من هذين الوجهين في كتاب الأنبياء .
والعجب أن الحافظ
أبا عبد الله الحاكم رواه في كتابه المستدرك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13720أبي العباس الأصم ، عن
محمد بن سنان القزاز ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12090أبي علي عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي ، عن
إبراهيم بن نافع ، به . وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه . كذا قال . وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري كما ترى ، من حديث
إبراهيم بن نافع ، كأن فيه اقتصارا ، فإنه لم يذكر فيه [ شأن ] الذبح . وقد جاء في الصحيح ، أن قرني الكبش كانا معلقين بالكعبة ، وقد جاء أن
إبراهيم ، عليه السلام ، كان يزور أهله
بمكة على البراق سريعا ثم يعود إلى أهله بالبلاد المقدسة ، والله أعلم . والحديث والله أعلم إنما فيه - مرفوع - أماكن صرح بها
ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد ورد عن أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب في هذا السياق ما يخالف بعض هذا ، كما قال
ابن جرير :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، nindex.php?page=showalam&ids=12166ومحمد بن المثنى قالا : حدثنا
مؤمل ، حدثنا
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
حارثة بن مضرب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، قال : لما أمر
إبراهيم ببناء البيت ، خرج معه
إسماعيل وهاجر . قال : فلما قدم
مكة رأى على رأسه في موضع البيت مثل الغمامة ، فيه مثل الرأس . فكلمه ، قال : يا
إبراهيم ، ابن على ظلي أو قال على قدري ولا تزد ولا تنقص : فلما بنى خرج ، وخلف
إسماعيل وهاجر ، فقالت
هاجر : يا
إبراهيم ، إلى من تكلنا ؟ قال : إلى الله . قالت : انطلق ، فإنه لا يضيعنا . قال : فعطش
إسماعيل عطشا شديدا ، قال : فصعدت هاجر إلى
الصفا فنظرت فلم تر شيئا ، حتى أتت
المروة فلم تر شيئا ، ثم رجعت إلى
الصفا فنظرت فلم تر شيئا ، حتى أتت
المروة فلم تر شيئا ، ثم رجعت إلى
الصفا فنظرت فلم تر شيئا ، حتى فعلت ذلك سبع مرات ، فقالت : يا
إسماعيل ، مت حيث لا أراك . فأتته وهو يفحص برجله من العطش . فناداها
جبريل فقال لها : من أنت ؟ قالت : أنا هاجر أم ولد إبراهيم . قال : فإلى من وكلكما ؟ قالت : وكلنا إلى الله . قال : وكلكما إلى كاف . قال : ففحص الغلام الأرض بأصبعه ، فنبعت زمزم . فجعلت تحبس الماء فقال : دعيه فإنها رواء .
ففي هذا السياق أنه بنى البيت قبل أن يفارقهما ، وقد يحتمل إن كان محفوظا أن يكون أولا
[ ص: 432 ] وضع له حوطا وتحجيرا ، لا أنه بناه إلى أعلاه ، حتى كبر
إسماعيل فبنياه معا ، كما قال الله تعالى .
ثم قال
ابن جرير : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17259هناد بن السري ، حدثنا
أبو الأحوص ، عن
سماك ، عن
خالد بن عرعرة ، أن رجلا قام إلى
علي ، رضي الله عنه ، فقال : ألا تخبرني عن البيت ، أهو أول بيت وضع في الأرض ؟ فقال : لا ولكنه أول بيت وضع فيه البركة ، مقام إبراهيم ، ومن دخله كان آمنا ، وإن شئت أنبأتك كيف بني : إن الله أوحى إلى
إبراهيم أن ابن لي بيتا في الأرض ، قال : فضاق
إبراهيم بذلك ذرعا فأرسل الله السكينة وهي ريح خجوج ، ولها رأسان فأتبع أحدهما صاحبه ، حتى انتهت إلى
مكة ، فتطوت على موضع البيت كطي الحجفة ، وأمر
إبراهيم أن يبني حيث تستقر السكينة . فبنى
إبراهيم وبقي حجر ، فذهب الغلام يبغي شيئا . فقال
إبراهيم : أبغني حجرا كما آمرك . قال : فانطلق الغلام يلتمس له حجرا ، فأتاه به ، فوجده قد ركب الحجر الأسود في مكانه . فقال : يا أبه ، من أتاك بهذا الحجر ؟ فقال : أتاني به من لن يتكل على بنائك ، جاء به
جبريل ، عليه السلام ، من السماء . فأتماه .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
حمد بن عبد الله بن يزيد المقري ، حدثنا
سفيان ، عن
بشر بن عاصم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن
كعب الأحبار ، قال : كان البيت غثاءة على الماء قبل أن يخلق الله الأرض بأربعين عاما ، ومنه دحيت الأرض .
قال
سعيد : وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب : أن
إبراهيم أقبل من أرمينية ، ومعه السكينة تدله على تبوء البيت كما تتبوأ العنكبوت بيتا ، قال : فكشفت عن أحجار لا يطيق الحجر إلا ثلاثون رجلا . قلت : يا أبا محمد ، فإن الله يقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت ) قال : كان ذلك بعد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : إن الله ، عز وجل ، أمر
إبراهيم أن يبني [ البيت ] هو
وإسماعيل : ابنيا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ، فانطلق
إبراهيم ، عليه السلام ، حتى أتى
مكة ، فقام هو
وإسماعيل ، وأخذا المعاول لا يدريان أين البيت ؟ فبعث الله ريحا ، يقال لها : ريح الخجوج ، لها جناحان ورأس في صورة حية ، فكشفت لهما ما حول الكعبة عن أساس البيت الأول ، واتبعاها بالمعاول يحفران حتى وضعا الأساس . فذلك حين يقول [ الله ] تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127nindex.php?page=treesubj&link=31887_31857وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ) [ الحج : 26 ] فلما بنيا القواعد فبلغا مكان الركن . قال
إبراهيم لإسماعيل : يا بني ، اطلب لي حجرا حسنا أضعه هاهنا . قال : يا أبت ، إني كسلان لغب .
[ ص: 433 ]
قال : علي بذلك . فانطلق فطلب له حجرا ، فجاءه بحجر فلم يرضه ، فقال ائتني بحجر أحسن من هذا ، فانطلق يطلب له حجرا ، وجاءه
جبريل بالحجر الأسود من الهند ، وكان أبيض ، ياقوتة بيضاء مثل الثغامة ، وكان
آدم هبط به من الجنة فاسود من خطايا الناس ، فجاءه
إسماعيل بحجر فوجده عند الركن ، فقال : يا أبه ، من جاءك بهذا ؟ قال : جاء به من هو أنشط منك . فبنيا وهما يدعوان الكلمات التي ابتلى [ بهن ]
إبراهيم ربه ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم )
وفي هذا السياق ما يدل على أن قواعد البيت كانت مبنية قبل
إبراهيم . وإنما هدي
إبراهيم إليها وبوئ لها . وقد ذهب إلى ذلك ذاهبون ، كما قال الإمام
عبد الرزاق أخبرنا
معمر ، عن
أيوب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت ) قال : القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك .
وقال
عبد الرزاق أيضا : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان ، عن
سوار ختن عطاء عن
عطاء بن أبي رباح ، قال : لما أهبط الله
آدم من الجنة ، كانت رجلاه في الأرض ورأسه في السماء يسمع كلام أهل السماء ودعاءهم ، يأنس إليهم ، فهابته الملائكة ، حتى شكت إلى الله في دعائها وفي صلاتها . فخفضه الله إلى الأرض ، فلما فقد ما كان يسمع منهم استوحش حتى شكا ذلك إلى الله في دعائه وفي صلاته . فوجه إلى
مكة ، فكان موضع قدمه قرية ، وخطوه مفازة ، حتى انتهى إلى
مكة ، وأنزل الله ياقوتة من ياقوت الجنة ، فكانت على موضع البيت الآن . فلم يزل يطوف به حتى أنزل الله الطوفان ، فرفعت تلك الياقوتة ، حتى بعث الله
إبراهيم ، عليه السلام ، فبناه . وذلك قول الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ) [ الحج : 26 ] .
وقال
عبد الرزاق : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء ، قال : قال
آدم : إني لا أسمع أصوات الملائكة ! قال : بخطيئتك ، ولكن اهبط إلى الأرض ، فابن لي بيتا ثم احفف به ، كما رأيت الملائكة تحف ببيتي الذي في السماء . فيزعم الناس أنه بناه من خمسة أجبل : من
حراء .
وطور زيتا ،
وطور سيناء ، وجبل لبنان ، والجودي . وكان ربضه من حراء . فكان هذا بناء
آدم ، حتى بناه
إبراهيم ، عليه السلام ، بعد .
وهذا صحيح إلى
عطاء ، ولكن في بعضه نكارة ، والله أعلم .
وقال
عبد الرزاق أيضا : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ، قال : وضع الله البيت مع
آدم حين أهبط الله آدم إلى الأرض ، وكان مهبطه بأرض
الهند . وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض ، فكانت
[ ص: 434 ] الملائكة تهابه ، فنقص إلى ستين ذراعا ; فحزن إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم . فشكا ذلك إلى الله ، عز وجل ، فقال الله : يا
آدم ، إني قد أهبطت لك بيتا تطوف به كما يطاف حول عرشي ، وتصلي عنده كما يصلى عند عرشي ، فانطلق إليه
آدم ، فخرج ومد له في خطوه ، فكان بين كل خطوتين مفازة . فلم تزل تلك المفازة بعد ذلك . فأتى
آدم البيت فطاف به ، ومن بعده من الأنبياء .
وقال
ابن جرير : حدثنا
ابن حميد حدثنا
يعقوب القمي ، عن
حفص بن حميد ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس ، قال : وضع الله البيت على أركان الماء ، على أربعة أركان ، قبل أن تخلق الدنيا بألفي عام ، ثم دحيت الأرض من تحت البيت .
وقال
محمد بن إسحاق : حدثني
[ عبد الله ] بن أبي نجيح ، عن
مجاهد وغيره من أهل العلم : أن الله لما بوأ
إبراهيم مكان البيت خرج إليه من الشام ، وخرج معه
بإسماعيل وبأمه هاجر ،
وإسماعيل طفل صغير يرضع ، وحملوا فيما حدثني على البراق ، ومعه
جبريل يدله على موضع البيت ومعالم الحرم . وخرج معه
جبريل ، فكان لا يمر بقرية إلا قال : أبهذه أمرت يا
جبريل ؟ فيقول
جبريل : امضه . حتى قدم به
مكة ، وهي إذ ذاك عضاة سلم وسمر ، وبها أناس يقال لهم : " العماليق " خارج
مكة وما حولها . والبيت يومئذ ربوة حمراء مدرة ، فقال
إبراهيم لجبريل : أهاهنا أمرت أن أضعهما ؟ قال : نعم . فعمد بهما إلى موضع الحجر فأنزلهما فيه ، وأمر
هاجر أم إسماعيل أن تتخذ فيه عريشا ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37لعلهم يشكرون ) [ إبراهيم : 37 ] .
وقال
عبد الرزاق : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان ، أخبرني
حميد ، عن
مجاهد ، قال : خلق الله موضع هذا البيت قبل أن يخلق شيئا بألفي سنة ، وأركانه في الأرض السابعة .
وكذا قال
ليث بن أبي سليم ، عن
مجاهد : القواعد في الأرض السابعة .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
عمرو بن رافع ، أخبرنا
عبد الوهاب بن معاوية ، عن
عبد المؤمن بن خالد ، عن
علباء بن أحمر : أن ذا القرنين قدم
مكة فوجد
إبراهيم وإسماعيل يبنيان قواعد البيت من خمسة أجبل . فقال : ما لكما ولأرضي ؟ فقالا : نحن عبدان مأموران ، أمرنا ببناء هذه الكعبة . قال : فهاتا بالبينة على ما تدعيان . فقامت خمسة أكبش ، فقلن : نحن نشهد أن
إبراهيم وإسماعيل عبدان مأموران ، أمرا ببناء هذه الكعبة . فقال : قد رضيت وسلمت . ثم مضى .
[ ص: 435 ]
وذكر
الأزرقي في تاريخ مكة أن ذا القرنين طاف مع
إبراهيم ، عليه السلام ، بالبيت ، وهذا يدل على تقدم زمانه ، والله أعلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، رحمه الله : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ) الآية : القواعد : أساسه واحدها قاعدة . والقواعد من النساء : واحدتها قاعد .
حدثنا
إسماعيل ، حدثني
مالك ، عن
ابن شهاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله : أن
عبد الله بن محمد بن أبي بكر أخبر
عبد الله بن عمر ، nindex.php?page=hadith&LINKID=820353عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألم تري أن قومك حين بنوا البيت اقتصروا عن قواعد إبراهيم ؟ " فقلت : يا رسول الله ، ألا تردها على قواعد إبراهيم ؟ قال : " لولا حدثان قومك بالكفر " . فقال
عبد الله بن عمر : لئن كانت
عائشة سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن
nindex.php?page=treesubj&link=32999_33000البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم ، عليه السلام .
وقد رواه في الحج عن
القعنبي ، وفي أحاديث الأنبياء عن
عبد الله بن يوسف .
ومسلم عن
يحيى بن يحيى ، ومن حديث
ابن وهب .
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث
عبد الرحمن بن القاسم ، كلهم عن مالك به .
ورواه
مسلم أيضا من حديث
نافع ، قال : سمعت
عبد الله بن أبي بكر بن أبي قحافة يحدث
عبد الله بن عمر ، عن
عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820354 " لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية أو قال : بكفر لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ، ولجعلت بابها بالأرض ، ولأدخلت فيها الحجر " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى ، عن
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
الأسود ، قال : قال لي
ابن الزبير : كانت
عائشة تسر إليك حديثا كثيرا ، فما حدثتك في الكعبة ؟ قال قلت : قالت لي : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا
عائشة ، لولا قومك حديث عهدهم فقال
ابن الزبير : بكفر لنقضت الكعبة ، فجعلت لها بابين : بابا يدخل منه الناس ، وبابا يخرجون " . ففعله
ابن الزبير .
انفرد بإخراجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، فرواه هكذا في كتاب العلم من صحيحه .
وقال
مسلم في صحيحه : حدثنا
يحيى بن يحيى ، أخبرنا
أبو معاوية ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820355 " لولا حداثة عهد قومك بالكفر لنقضت الكعبة ولجعلتها على أساس إبراهيم ، فإن قريشا حين بنت البيت استقصرت ، ولجعلت لها خلفا " .
[ ص: 436 ]
قال : وحدثنا
أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب ، قالا : حدثنا
ابن نمير ، عن
هشام بهذا الإسناد . انفرد به
مسلم ، قال : وحدثني
محمد بن حاتم ، حدثني
ابن مهدي ، حدثنا
سليم بن حيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16001سعيد يعني ابن ميناء قال : سمعت
عبد الله بن الزبير يقول : حدثتني خالتي يعني
عائشة رضي الله عنها قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=820356 " يا عائشة ، لولا قومك حديث عهد بشرك ، لهدمت الكعبة ، فألزقتها بالأرض ، ولجعلت لها بابين : بابا شرقيا ، وبابا غربيا ، وزدت فيها ستة أذرع من الحجر ; فإن قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة " انفرد به أيضا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125nindex.php?page=treesubj&link=31857_31887_31854_28973وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ( 126 ) ( 125 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( 127 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ( 128 ) )
[ ص: 419 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ) قَالَ : أَمَرَهُمَا اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَاهُ مِنَ الْأَذَى وَالنَّجَسِ وَلَا يُصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : قُلْتُ
لِعَطَاءٍ : مَا عَهْدُهُ ؟ قَالَ : أَمْرُهُ .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ ) أَيْ : أَمَرْنَاهُ . كَذَا قَالَ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْحَرْفَ إِنَّمَا عُدِّيَ بِإِلَى ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى تَقَدَّمْنَا وَأَوْحَيْنَا .
وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ ) قَالَ : مِنَ الْأَوْثَانِ .
وَقَالَ
مُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ ) إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَالرَّفَثِ وَقَوْلِ الزُّورِ وَالرِّجْسِ .
قَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16531عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبِي الْعَالِيَةِ ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ،
وَمُجَاهِدٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ وَقَتَادَةَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ ) أَيْ : بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، مِنَ الشِّرْكِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : ( لِلطَّائِفِينَ ) فَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ مَعْرُوفٌ . وَعَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( لِلطَّائِفِينَ ) يَعْنِي : مَنْ أَتَاهُ مِنْ غُرْبَةٍ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125وَالْعَاكِفِينَ ) الْمُقِيمِينَ فِيهِ . وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ
قَتَادَةَ ، nindex.php?page=showalam&ids=14354وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ : أَنَّهُمَا فَسَّرَا الْعَاكِفِينَ بِأَهْلِهِ الْمُقِيمِينَ فِيهِ ، كَمَا قَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ .
وَقَالَ
يَحْيَى [ بْنُ ] الْقَطَّانِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16486عَبْدِ الْمَلِكِ هُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ
عَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125وَالْعَاكِفِينَ ) قَالَ : مَنِ انْتَابَهُ مِنَ الْأَمْصَارِ فَأَقَامَ عِنْدَهُ وَقَالَ لَنَا وَنَحْنُ مُجَاوِرُونَ : أَنْتُمْ مِنَ الْعَاكِفِينَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٌ ، عَنْ
أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ عَنْ
عَطَاءٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : إِذَا كَانَ جَالِسًا فَهُوَ مِنَ الْعَاكِفِينَ .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا
مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا
ثَابِتٌ قَالَ : قُلْنَا
لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ : مَا أُرَانِي إِلَّا مُكَلِّمٌ الْأَمِيرَ أَنْ أَمْنَعَ الَّذِينَ يَنَامُونَ فِي
[ ص: 420 ] الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَإِنَّهُمْ يَجْنُبُونَ وَيُحْدِثُونَ . قَالَ : لَا تَفْعَلْ ، فَإِنَّ
ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنْهُمْ ، فَقَالَ : هُمُ الْعَاكِفُونَ .
[ وَرَوَاهُ
عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ
حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، بِهِ ] .
قُلْتُ : وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ
ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَنَامُ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَزَبٌ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٌ ، عَنْ
أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ ، عَنْ
عَطَاءٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) قَالَ : إِذَا كَانَ مُصَلِّيًا فَهُوَ مِنَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ . وَكَذَا قَالَ
عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ .
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَمَعْنَى الْآيَةِ : وَأَمَرْنَا
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ بِتَطْهِيرِ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ . وَالتَّطْهِيرُ الذِي أَمَرَهُمَا بِهِ فِي الْبَيْتِ هُوَ تَطْهِيرُهُ مِنَ الْأَصْنَامِ وَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ فِيهِ وَمِنَ الشِّرْكِ . ثُمَّ أَوْرَدَ سُؤَالًا فَقَالَ : فَإِنْ قِيلَ : فَهَلْ كَانَ قَبْلَ بِنَاءِ
إِبْرَاهِيمَ عِنْدَ الْبَيْتِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الذِي أُمِرَ بِتَطْهِيرِهِ مِنْهُ ؟ وَأَجَابَ بِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ أَمَرَهُمَا بِتَطْهِيرِهِ مِمَّا كَانَ يُعْبَدُ عِنْدَهُ زَمَانَ قَوْمِ
نُوحٍ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ لِيَكُونَ ذَلِكَ سُنَّةً لِمَنْ بَعْدَهُمَا إِذْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ
إِبْرَاهِيمَ إِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ كَمَا قَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ ) قَالَ : مِنَ الْأَصْنَامِ التِي يَعْبُدُونَ ، التِي كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُعَظِّمُونَهَا .
قُلْتُ : وَهَذَا الْجَوَابُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُعْبَدُ عِنْدَهُ أَصْنَامٌ قَبْلَ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَيَحْتَاجُ إِثْبَاتُ هَذَا إِلَى دَلِيلٍ عَنِ الْمَعْصُومِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
الْجَوَابُ الثَّانِي : أَنَّهُ أَمَرَهُمَا أَنْ يُخْلِصَا [ فِي ] بِنَائِهِ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، فَيَبْنِيَاهُ مُطَهَّرًا مِنَ الشِّرْكِ وَالرَّيْبِ ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ ) [ التَّوْبَةِ : 109 ] قَالَ : فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ ) أَيِ : ابْنِيَا بَيْتِي عَلَى طُهْرٍ مِنَ الشِّرْكِ بِي وَالرَّيْبِ ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ ) ابْنِيَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ .
وَمُلَخَّصُ هَذَا الْجَوَابِ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، أَنْ يَبْنِيَا الْكَعْبَةَ عَلَى اسْمِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لِلطَّائِفِينَ بِهِ وَالْعَاكِفِينَ عِنْدَهُ ، وَالْمُصَلِّينَ إِلَيْهِ مِنَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) الْآيَاتِ [ الْحَجِّ : 26 ] .
[ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ : أَيُّمَا أَفْضَلُ ، الصَّلَاةُ عِنْدَ الْبَيْتِ أَوِ الطَّوَافُ ؟ فَقَالَ مَالِكٌ : الطَّوَافُ بِهِ لِأَهْلِ الْأَمْصَارِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ : الصَّلَاةُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا ، وَتَوْجِيهُ كُلٍّ مِنْهُمَا يُذْكَرُ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ ] .
[ ص: 421 ]
وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ الرَّدُّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ عِنْدَ بَيْتِهِ ، الْمُؤَسَّسِ عَلَى عِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ يَصُدُّونَ أَهْلَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْهُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) [ الْحَجِّ : 25 ] .
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْبَيْتَ إِنَّمَا أُسِّسَ لِمَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، إِمَّا بِطَوَافٍ أَوْ صَلَاةٍ ، فَذَكَرَ فِي سُورَةِ الْحَجِّ أَجْزَاءَهَا الثَّلَاثَةَ : قِيَامَهَا ، وَرُكُوعَهَا ، وَسُجُودَهَا ، وَلَمْ يُذْكَرِ الْعَاكِفِينَ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ذَكَرَ الطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ ، وَاجْتَزَأَ بِذِكْرِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَنِ الْقِيَامِ ; لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ إِلَّا بَعْدَ قِيَامٍ . وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا رَدٌّ عَلَى مَنْ لَا يَحُجُّهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ :
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ; لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ فَضِيلَةَ
إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَعَظْمَتِهِ ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ بَنَى هَذَا الْبَيْتَ لِلطَّوَافِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلِلْاعْتِكَافِ وَالصَّلَاةِ عِنْدَهُ وَهُمْ لَا يَفْعَلُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، فَكَيْفَ يَكُونُونَ مُقْتَدِينَ بِالْخَلِيلِ ، وَهُمْ لَا يَفْعَلُونَ مَا شَرَعَ اللَّهُ لَهُ ؟ وَقَدْ حَجَّ الْبَيْتَ
مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ الْمَعْصُومُ الذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) [ النَّجْمِ : 4 ] .
وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ إِذًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ) [ أَيْ : تَقَدَّمْنَا لِوَحْيِنَا إِلَى
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=125أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) أَيْ : طَهِّرَاهُ مِنَ الشِّرْكِ وَالرَّيْبِ وَابْنِيَاهُ خَالِصًا لِلَّهِ ، مَعْقِلًا لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ . وَتَطْهِيرُ الْمَسَاجِدِ مَأْخُوذٌ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ ، وَمِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=36فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ) [ النُّورِ : 36 ] وَمِنَ السُّنَةِ مِنْ أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ ، مِنَ الْأَمْرِ بِتَطْهِيرِهَا وَتَطْيِيبِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ ، مِنْ صِيَانَتِهَا مِنَ الْأَذَى وَالنَّجَاسَاتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820337 " إِنَّمَا بُنِيَتِ الْمَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ " . وَقَدْ جَمَعْتُ فِي ذَلِكَ جُزْءًا عَلَى حِدَةٍ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29236_34020أَوَّلِ مَنْ بَنَى الْكَعْبَةَ ، فَقِيلَ : الْمَلَائِكَةُ قَبْلَ
آدَمَ ، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، ذَكَرَهُ
الْقُرْطُبِيُّ وَحَكَى لَفْظَهُ ، وَفِيهِ غَرَابَةٌ ، وَقِيلَ :
آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، رَوَاهُ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ
عَطَاءٍ nindex.php?page=showalam&ids=15990وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِهِمْ : أَنَّ
آدَمَ بَنَاهُ مِنْ خَمْسَةِ أَجْبُلٍ : مِنْ
حِرَاءٍ وَطُورِ سَيْنَاءَ وَطَوْرِ زَيْتَا وَجَبَلِ لِبْنَانَ وَالْجُودِيِّ ، وَهَذَا غَرِيبٌ أَيْضًا . وَرُوِيَ نَحْوَهُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16850وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ وَقَتَادَةَ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ : أَنَّ أَوَّلَ مَنْ بَنَاهُ
شِيثُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَغَالِبُ مَنْ يَذْكُرُ هَذَا إِنَّمَا يَأْخُذُهُ مَنْ كُتِبِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَهِيَ مِمَّا لَا يُصَدَّقُ وَلَا يُكَذَّبُ وَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِهَا ، وَأَمَّا إِذَا صَحَّ حَدِيثٌ فِي ذَلِكَ فَعَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ .
[ ص: 422 ]
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ )
قَالَ الْإِمَامُ
أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11862أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=824344إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ بَيْتَ اللَّهِ وَأَمَّنَهُ ، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا فَلَا يُصَادُ صَيْدُهَا وَلَا يُقْطَعُ عِضَاهُهَا " .
وَهَكَذَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15573مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ
بُنْدَارٍ بِهِ .
وَأَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16696وَعَمْرٍو النَّاقِدِ ، كِلَاهُمَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11798أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ .
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا : حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو السَّائِبِ قَالَا : حَدَّثَنَا
ابْنُ إِدْرِيسَ ، وَحَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحِيمِ الرَّازِيُّ ، قَالَا جَمِيعًا : سَمِعْنَا
أَشْعَثَ عَنْ
نَافِعٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=824345إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ عَبْدَ اللَّهِ وَخَلِيلَهُ وَإِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، وَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا ، عِضَاهَهَا وَصَيْدَهَا ، لَا يُحْمَلُ فِيهَا سِلَاحٌ لِقِتَالٍ ، وَلَا يُقْطَعُ مِنْهَا شَجَرَةً إِلَّا لِعَلَفِ بَعِيرٍ " .
وَهَذِهِ الطَّرِيقُ غَرِيبَةٌ ، لَيْسَتْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ ، وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820338كَانَ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا أَوَّلَ الثَّمَرِ ، جَاءُوا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي ثَمَرِنَا ، وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا ، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا ، وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَبْدُكَ وَخَلِيلُكَ وَنَبِيُّكَ ، وَإِنِّي عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، وَإِنَّهُ دَعَاكَ لِمَكَّةَ وَإِنِّي أَدْعُوكَ لِلْمَدِينَةِ بِمِثْلِ مَا دَعَاكَ لِمَكَّةَ وَمِثْلِهِ مَعَهُ " ثُمَّ يَدْعُو أَصْغَرَ وَلِيدٍ لَهُ ، فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ الثَّمَرَ . وَفِي لَفْظٍ : " بَرَكَةً مَعَ بَرَكَةٍ " ثُمَّ يُعْطِيهِ أَصْغَرَ مَنْ يَحْضُرُهُ مِنَ الْوِلْدَانِ . لَفْظُ
مُسْلِمٍ .
ثُمَّ قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا
قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا
بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ ، عَنِ
ابْنِ الْهَادِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11949أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ
رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820339 " nindex.php?page=treesubj&link=31577_31854إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ ، وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا " .
انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ
مُسْلِمٌ ، فَرَوَاهُ عَنْ
قُتَيْبَةَ ، عَنْ
بَكْرِ بْنِ مُضَرٍ ، بِهِ . وَلَفْظُهُ كَلَفْظِهِ سَوَاءٌ . وَفِي
[ ص: 423 ] الصَّحِيحَيْنِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=820340عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَةَ : " الْتَمِسْ لِي غُلَامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدِمُنِي " فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ يَرْدِفُنِي وَرَاءَهُ ، فَكُنْتُ أَخْدِمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا نَزَلَ . وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ : ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا بَدَا لَهُ
أُحُدٌ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820270 " هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ " . فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى
الْمَدِينَةِ قَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=820341 " اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا ، مِثْلَمَا حَرَّمَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ " . وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820342 " اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ ، وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ ، وَبَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ " . زَادَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : يَعْنِي : أَهْلَ
الْمَدِينَةِ .
وَلَهُمَا أَيْضًا عَنْ
أَنَسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820343 " اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا جَعَلْتَهُ بِمَكَّةَ مِنَ الْبَرَكَةِ " وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=4804عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820344 " nindex.php?page=treesubj&link=30684_30688_30693إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لَهَا ، وَحَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ ، وَدَعَوْتُ لَهَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا مِثْلَ مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ لِمَكَّةَ "
رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ وَهَذَا لَفْظُهُ ،
وَمُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820345 " إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لِأَهْلَهَا . وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ ، وَإِنِّي دَعَوْتُ لَهَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلِ مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ لِأَهْلِ مَكَّةَ " .
وَعَنْ
أَبِي سَعِيدٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820346 " اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ فَجَعَلَهَا حَرَامًا ، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ حَرَامًا مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْهَا ، لَا يَهْرَاقُ فِيهَا دَمٌ ، وَلَا يُحْمَلُ فِيهَا سِلَاحٌ لِقِتَالٍ ، وَلَا يُخْبَطُ فِيهَا شَجَرَةٌ إِلَّا لِعَلَفٍ . اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَعَ الْبَرَكَةِ بِرْكَتَيْنِ " . الْحَدِيثُ رَوَاهُ
مُسْلِمٌ .
وَالْأَحَادِيثُ فِي تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ كَثِيرَةٌ ، وَإِنَّمَا أَوْرَدْنَا مِنْهَا مَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِتَحْرِيمِ
إِبْرَاهِيمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ،
لِمَكَّةَ ، لِمَا فِي ذَلِكَ فِي مُطَابَقَةِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ .
[ وَتَمَسَّكَ بِهَا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ تَحْرِيمَ
مَكَّةَ إِنَّمَا كَانَ عَلَى لِسَانِ
إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ ، وَقِيلَ : إِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ مُنْذُ خُلِقَتْ مَعَ الْأَرْضِ وَهَذَا أَظْهَرُ وَأَقْوَى ] .
وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ مَكَّةَ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، كَمَا
[ ص: 424 ] جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ
مَكَّةَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820347 " إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي ، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ ، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا ، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا " فَقَالَ الْعَبَّاسُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ . فَقَالَ : " إِلَّا الْإِذْخِرَ " وَهَذَا لَفْظُ
مُسْلِمٍ .
وَلَهُمَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوٌ مِنْ ذَلِكَ .
ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ : قَالَ
أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنِ
الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10941صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ : سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِثْلَهُ .
وَهَذَا الذِي عَلَّقَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ رَوَاهُ الْإِمَامُ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَاجَهْ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13608مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17416يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ
أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ
الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10941صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ ، قَالَتْ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَامَ الْفَتْحِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820348 " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، فَهِيَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا ، وَلَا يَأْخُذُ لُقَطَتَهَا إِلَّا مُنْشِدٌ " فَقَالَ الْعَبَّاسُ : إِلَّا الْإِذْخِرَ ; فَإِنَّهُ لِلْبُيُوتِ وَالْقُبُورِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِلَّا الْإِذْخِرَ " .
وَعَنْ
أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِّيِّ أَنَّهُ قَالَ
لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى
مَكَّةَ : ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الْأَمِيرُ أَنْ أُحَدِّثَكَ قَوْلًا قَالَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ ، سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي ، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ ، إِنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820349 " إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحْرِّمْهَا النَّاسُ ، فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا ، وَلَا يَعَضِدَ بِهَا شَجَرَةً ، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُولُوا : إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ . وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ " . فَقِيلَ
لِأَبِي شُرَيْحٍ : مَا قَالَ لَكَ
عَمْرُو ؟ قَالَ : أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا
أَبَا شُرَيْحٍ ، إِنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا ، وَلَا فَارًّا بِدَمٍ ، وَلَا فَارًّا بِخَرِبَةٍ .
رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ ، وَهَذَا لَفْظُهُ .
فَإِذَا عُلِمَ هَذَا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ
مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
[ ص: 425 ] وَالْأَرْضَ ، وَبَيْنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، حَرَّمَهَا ; لِأَنَّ
إِبْرَاهِيمَ بَلَّغَ عَنِ اللَّهِ حُكْمَهُ فِيهَا وَتَحْرِيمَهُ إِيَّاهَا ، وَأَنَّهَا لَمْ تَزَلْ بَلَدًا حَرَامًا عِنْدَ اللَّهِ قَبْلَ بِنَاءِ
إِبْرَاهِيمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، لَهَا ، كَمَا أَنَّهُ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكْتُوبًا عِنْدَ اللَّهِ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ ، وَإِنَّ
آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ ، وَمَعَ هَذَا قَالَ
إِبْرَاهِيمُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=129رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ ) وَقَدْ أَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ بِمَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ وَقَدَرِهِ . وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنَا عَنْ بَدْءِ أَمْرِكَ . فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820350 " دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ ، وَبُشْرَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، وَرَأَتْ أُمِّي كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ " .
أَيْ : أَخْبِرْنَا عَنْ بَدْءِ ظُهُورِ أَمْرِكَ . كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ تَفْضِيلِ
مَكَّةَ عَلَى
الْمَدِينَةِ ، كَمَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ، أَوِ الْمَدِينَةِ عَلَى
مَكَّةَ ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ
مَالِكٍ وَأَتْبَاعِهِ ، فَتُذْكَرُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَدِلَّتِهَا ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَبِهِ الثِّقَةُ .
وَقَوْلُهُ : تَعَالَى إِخْبَارًا عَنِ الْخَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا ) أَيْ : مِنَ الْخَوْفِ ، لَا يُرْعَبُ أَهْلَهُ ، وَقَدْ فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ شَرْعًا وَقَدَرًا . كَقَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ) [ آلِ عِمْرَانَ : 97 ] وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=67أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ) [ الْعَنْكَبُوتِ : 67 ] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ . وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْأَحَادِيثُ فِي تَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِيهَا . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ
جَابِرٍ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820351 " لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ بِمَكَّةَ السِّلَاحَ " . وَقَالَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا ) أَيِ : اجْعَلْ هَذِهِ الْبُقْعَةَ بَلَدًا آمِنًا ، وَنَاسَبَ هَذَا ; لِأَنَّهُ قَبْلَ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ . وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا ) [ إِبْرَاهِيمَ : 35 ] وَنَاسَبَ هَذَا هُنَاكَ لِأَنَّهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، كَأَنَّهُ وَقَعَ دُعَاءً ثَانِيًا بَعْدَ بِنَاءِ الْبَيْتِ وَاسْتِقْرَارِ أَهْلِهِ بِهِ ، وَبَعْدَ مَوْلِدِ
إِسْحَاقَ الذِي هُوَ أَصْغَرُ سِنًّا مِنْ
إِسْمَاعِيلَ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةٍ ; وَلِهَذَا قَالَ فِي آخِرِ الدُّعَاءِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=39الْحَمْدُ لِلَّهِ الذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ) [ إِبْرَاهِيمَ : 39 ]
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ ، عَنِ
الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ ، عَنْ
أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) قَالَ : هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى . وَهَذَا قَوْلُ
مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَهُوَ الذِي صَوَّبَهُ
ابْنُ جَرِيرٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : قَالَ : وَقَرَأَ آخَرُونَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) فَجَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ دُعَاءِ
إِبْرَاهِيمَ ، كَمَا رَوَاهُ
أَبُو جَعْفَرٍ ، عَنِ
الرَّبِيعِ ، عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ : كَانَ
ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ : ذَلِكَ قَوْلُ
إِبْرَاهِيمَ ، يَسْأَلُ رَبَّهُ أَنَّ مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا .
[ ص: 426 ]
وَقَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ ، عَنْ
لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ) يَقُولُ : وَمَنْ كَفَرَ فَأَرْزُقُهُ أَيْضًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : لَمَّا عَزَلَ
إِبْرَاهِيمُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، الدَّعْوَةَ عَمَّنْ أَبَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْوِلَايَةَ انْقِطَاعًا إِلَى اللَّهِ وَمَحَبَّتَهُ ، وَفِرَاقًا لِمَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ، حِينَ عَرَفَ أَنَّهُ كَائِنٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ ظَالِمٌ أَلَّا يَنَالَهُ عَهْدُهُ ، بِخَبَرِ اللَّهِ لَهُ بِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ : وَمَنْ كَفَرَ فَإِنِّي أَرْزُقُ الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ وَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا .
وَقَالَ
حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حُمَيْدٍ الْخَرَّاطِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16650عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَحْجُرُهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ دُونَ النَّاسِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَمَنْ كَفَرَ أَيْضًا أَرْزُقُهُمْ كَمَا أَرْزُقُ الْمُؤْمِنِينَ ، أَأَخْلُقُ خَلْقًا لَا أَرْزُقُهُمْ ؟ ! أُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ . ثُمَّ قَرَأَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=20كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ) [ الْإِسْرَاءِ : 20 ] . رَوَاهُ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ . وَرُوِيَ عَنْ
عِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ نَحْوَ ذَلِكَ أَيْضًا . وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=69إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ) [ يُونُسَ : 69 ، 70 ] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=23وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ ) [ لُقْمَانَ : 23 ، 24 ] ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=33وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ) [ الزُّخْرُفِ : 33 ، 35 ]
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) أَيْ : ثُمَّ أُلْجِئُهُ بَعْدَ مَتَاعِهِ فِي الدُّنْيَا وَبَسْطِنَا عَلَيْهِ مِنْ ظِلِّهَا إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ . وَمَعْنَاهُ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنْظِرُهُمْ وَيُمْهِلُهُمْ ثُمَّ يَأْخُذُهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=48وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالْمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلِيَّ الْمَصِيرُ ) [ الْحَجِّ : 48 ] ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820321 " لَا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ ; إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لَهُ وَلَدًا ، وَهُوَ يَرْزُقُهُمْ وَيُعَافِيهِمْ " وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا : " إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ " . ثُمَّ قَرَأَ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالْمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) [ هُودٍ : 102 ] .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )
[ ص: 427 ]
فَالْقَوَاعِدُ : جَمْعُ قَاعِدَةٍ ، وَهِيَ السَّارِيَةُ وَالْأَسَاسُ ، يَقُولُ تَعَالَى : وَاذْكُرْ يَا
مُحَمَّدُ لِقَوْمِكَ بِنَاءَ
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، الْبَيْتَ ، وَرَفْعَهُمَا الْقَوَاعِدَ مِنْهُ ، وَهُمَا يَقُولَانِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) فَهُمَا فِي عَمَلٍ صَالِحٍ ، وَهُمَا يَسْأَلَانِ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنْهُمَا ، كَمَا رَوَى
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ
مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ الْمَكِّيِّ ، عَنْ
وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ : أَنَّهُ قَرَأَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ) ثُمَّ يَبْكِي وَيَقُولُ : يَا خَلِيلَ الرَّحْمَنِ ، تَرْفَعُ قَوَائِمَ بَيْتِ الرَّحْمَنِ وَأَنْتَ مُشْفِقٌ أَنْ لَا يَتَقَبَّلَ مِنْكَ . وَهَذَا كَمَا حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ حَالِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُخْلِصِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=60وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا ) أَيْ : يُعْطُونَ مَا أَعْطَوْا مِنَ الصَّدَقَاتِ وَالنَّفَقَاتِ وَالْقُرُبَاتِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=60وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ) [ الْمُؤْمِنُونَ : 60 ] أَيْ : خَائِفَةٌ أَلَّا يُتَقَبَّلَ مِنْهُمْ . كَمَا جَاءَ بِهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ ، عَنْ
عَائِشَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ .
وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ : الذِي كَانَ يَرْفَعُ الْقَوَاعِدَ هُوَ
إِبْرَاهِيمُ ، وَالدَّاعِي
إِسْمَاعِيلُ . وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا كَانَا يَرْفَعَانِ وَيَقُولَانِ ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ .
وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ هَاهُنَا حَدِيثًا سَنُورِدُهُ ثُمَّ نُتْبِعُهُ بِآثَارٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِذَلِكَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ :
حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=31869أَوَّلُ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ
أُمِّ إِسْمَاعِيلَ ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لِيُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى
سَارَّةَ . ثُمَّ جَاءَ بِهَا
إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا
إِسْمَاعِيلَ ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، وَهِيَ تُرْضِعُهُ ، حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ ، وَلَيْسَ
بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ ، ثُمَّ قَفَّى
إِبْرَاهِيمُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، مُنْطَلِقًا . فَتَبِعَتْهُ
أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ : يَا
إِبْرَاهِيمُ ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءَ ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا ، وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا . فَقَالَتْ : آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَتْ : إِذًا لَا يُضَيِّعُنَا . ثُمَّ رَجَعَتْ . فَانْطَلَقَ
إِبْرَاهِيمُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ ، قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ) [ إِبْرَاهِيمَ : 37 ] ، وَجَعَلَتْ
أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ
إِسْمَاعِيلَ ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَاءُ السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا ، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى
[ ص: 428 ] أَوْ قَالَ : يَتَلَبَّطُ فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ ، فَوَجَدَتِ
الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا فَقَامَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِي تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا ؟ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا . فَهَبَطَتْ مِنَ
الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِي رَفَعَتْ طَرْفَ دِرْعِهَا ، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِي . ثُمَّ أَتَتِ
الْمَرْوَةَ ، فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا ؟ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا . فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَلِذَلِكَ سَعَى النَّاسُ بَيْنَهُمَا " .
فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى
الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا فَقَالَتْ : صَهٍ ، تُرِيدُ نَفْسَهَا ، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيْضًا . فَقَالَتْ : قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غُوَاثٌ . فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ أَوْ قَالَ : بِجَنَاحِهِ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ ، وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا ، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَمَا تَغْرِفُ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820352 " يَرْحَمُ اللَّهُ nindex.php?page=treesubj&link=31868أَمَّ إِسْمَاعِيلَ ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ أَوْ قَالَ : لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا " .
قَالَ : فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا ، فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ : لَا تَخَافِي الضَّيْعَةَ ; فَإِنَّ هَاهُنَا بَيْتًا لِلَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، يَبْنِيهِ هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ ، وَإِنَّ اللَّهَ ، عَزَّ وَجَلَّ ، لَا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ . وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ
جُرْهُمَ أَوْ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ
جُرْهُمَ مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ
كَدَاءَ . فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ
مَكَّةَ ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا ، فَقَالُوا : إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى الْمَاءِ ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ . فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ ، فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ . فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ ، فَأَقْبَلُوا . قَالَ : وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ . فَقَالُوا : أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ . قَالُوا : نَعَمْ .
قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْأُنْسَ . فَنَزَلُوا ، وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ . حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ وَشَبَّ الْغُلَامُ ، وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ . وَمَاتَتْ
أُمُّ إِسْمَاعِيلَ ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، فَجَاءَ
إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَ
إِسْمَاعِيلُ لِيُطَالِعَ تَرِكَتَهُ . فَلَمْ يَجِدْ
إِسْمَاعِيلَ ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ : خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا . ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ ، فَقَالَتْ : نَحْنُ بِشَرٍّ ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ . وَشَكَتْ إِلَيْهِ . قَالَ : فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَقُولِي لَهُ : يُغَيِّرُ عَتَبَةَ بَابِهِ . فَلَمَّا جَاءَ
إِسْمَاعِيلُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، كَأَنَّهُ أَنِسَ شَيْئًا . فَقَالَ : هَلْ جَاءَكُمْ مَنْ أَحَدٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا ، فَسَأَلَ عَنْكَ ، فَأَخْبَرْتُهُ ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا ؟ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ . قَالَ : فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ ، وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ . قَالَ : ذَاكَ أَبِي . وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ ، فَالْحَقِي بِأَهْلِكِ . فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ بِأُخْرَى ، فَلَبِثَ عَنْهُمْ
إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ . فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ ، فَسَأَلَهَا عَنْهُ ، فَقَالَتْ : خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا . قَالَ : كَيْفَ أَنْتُمْ ؟
[ ص: 429 ] وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ . فَقَالَتْ : نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ . وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ . فَقَالَ : مَا طَعَامُكُمْ ؟ قَالَتِ : اللَّحْمُ . قَالَ : فَمَا شَرَابُكُمْ ؟ قَالَتِ : الْمَاءُ . قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ " . قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ ، لَدَعَا لَهُمْ فِيهِ . قَالَ : فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ
مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ " . قَالَ : " فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَمُرِيهِ يُثَبِّتُ عَتَبَةَ بَابِهِ ، فَلَمَّا جَاءَ
إِسْمَاعِيلُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، قَالَ : هَلْ أَتَاكُمْ مَنْ أَحَدٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ فَسَأَلَنِي عَنْكَ ، فَأَخْبَرْتُهُ ، فَسَأَلَنِي : كَيْفَ عَيْشُنَا ؟ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ . قَالَ : فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثَبِّتَ عَتَبَةَ بَابِكَ . قَالَ : ذَاكَ أَبِي ، وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ . ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ
وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَلَدُ بِالْوَالِدِ ، وَالْوَالِدُ بِالْوَلَدِ . ثُمَّ قَالَ : يَا
إِسْمَاعِيلُ ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ . قَالَ : فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ ، عَزَّ وَجَلَّ . قَالَ : وَتُعِينُنِي ؟ قَالَ : وَأُعِينُكَ . قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=29236فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَاهُنَا بَيْتًا وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا قَالَ : فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ فَجَعَلَ
إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ
وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي ، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ ، فَقَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْنِي ،
وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ ، وَهُمَا يَقُولَانِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) " قَالَ : " فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ ، وَهُمَا يَقُولَانِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) .
[ وَرَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهِ مُطَوَّلًا ] .
وَرَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْ
أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ الظَّهْرَانِيِّ .
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ
أَحْمَدِ بْنِ ثَابِتٍ الرَّازِيِّ ، كِلَاهُمَا عَنْ
عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهِ مُخْتَصَرًا .
وَقَالَ
أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ : حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْرَقِيُّ ، حَدَّثَنَا
مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزِّنْجِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13036عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ ، قَالَ : كُنْتُ أَنَا
وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ فِي نَاسٍ مَعَ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ لَيْلًا فَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : سَلُونِي قَبْلَ أَنْ لَا تَرَوْنِي . فَسَأَلُوهُ عَنِ الْمَقَامِ . فَأَنْشَأَ يُحَدِّثُهُمْ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ .
ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ . حَدَّثَنَا
أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ ، عَنْ
كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَمَّا كَانَ بَيْنَ
إِبْرَاهِيمَ وَبَيْنَ أَهْلِهِ مَا كَانَ ، خَرَجَ
بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّ إِسْمَاعِيلَ ، وَمَعَهُمْ شَنَّةٌ فِيهَا مَاءٌ ، فَجَعَلَتْ
أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تَشْرَبُ مِنَ
[ ص: 430 ] الشَّنَّةِ ، فَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا ، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَوَضَعَهَا تَحْتَ دَوْحَةٍ ، ثُمَّ رَجَعَ
إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَهْلِهِ ، فَاتَّبَعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ ، حَتَّى بَلَغُوا
كَدَاءَ نَادَتْهُ مِنْ وَرَائِهِ : يَا
إِبْرَاهِيمُ ، إِلَى مَنْ تَتْرُكُنَا ؟ قَالَ : إِلَى اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ . قَالَتْ : رَضِيتُ بِاللَّهِ . قَالَ : فَرَجَعَتْ ، فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنَ الشَّنَّةِ ، وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا حَتَّى لَمَّا فَنِيَ الْمَاءُ قَالَتْ : لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أَحَدًا . قَالَ : فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ الصَّفَا ، فَنَظَرَتْ وَنَظَرَتْ هَلْ تُحِسُّ أَحَدًا ، فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا . فَلَمَّا بَلَغَتِ الْوَادِي سَعَتْ حَتَّى أَتَتِ الْمَرْوَةَ ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ أَشْوَاطًا ثُمَّ قَالَتْ : لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ ، تَعْنِي الصَّبِيَّ ، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَإِذَا هُوَ عَلَى حَالِهِ كَأَنَّهُ يَنْشَغُ لِلْمَوْتِ ، فَلَمْ تُقِرَّهَا نَفْسُهَا ، فَقَالَتْ : لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أَحَدًا . قَالَ : فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتِ
الصَّفَا ، فَنَظَرَتْ وَنَظَرَتْ فَلَمْ تُحِسْ أَحَدًا ، حَتَّى أَتَمَّتْ سَبْعًا ، ثُمَّ قَالَتْ : لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ ، فَإِذَا هِيَ بِصَوْتٍ ، فَقَالَتْ : أَغِثْ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ خَيْرٌ . فَإِذَا
جِبْرِيلُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، قَالَ : فَقَالَ بِعَقِبِهِ هَكَذَا ، وَغَمَزَ عَقِبَهُ عَلَى الْأَرْضِ . قَالَ : فَانْبَثَقَ الْمَاءُ ، فَدَهَشَتْ
أُمُّ إِسْمَاعِيلَ ، فَجَعَلَتْ تَحْفِرُ .
قَالَ : فَقَالَ
أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْ تَرَكَتْهُ لَكَانَ الْمَاءُ ظَاهِرًا .
قَالَ : فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا .
قَالَ : فَمَرَّ نَاسٌ مَنْ
جُرْهُمَ بِبَطْنِ الْوَادِي ، فَإِذَا هُمْ بِطَيْرٍ ، كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَلِكَ ، وَقَالُوا : مَا يَكُونُ الطَّيْرُ إِلَّا عَلَى مَاءٍ ، فَبَعَثُوا رَسُولَهُمْ فَنَظَرَ ، فَإِذَا هُوَ بِالْمَاءِ . فَأَتَاهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ . فَأَتَوْا إِلَيْهَا فَقَالُوا : يَا أُمَّ إِسْمَاعِيلَ ، أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَكُونَ مَعَكِ وَنُسْكِنَ مَعَكِ ؟ فَبَلَغَ ابْنُهَا وَنَكَحَ فِيهِمُ امْرَأَةً .
قَالَ : ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا
لِإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِأَهْلِهِ : إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي . قَالَ : فَجَاءَ فَسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَيْنَ
إِسْمَاعِيلُ ؟ قَالَتِ امْرَأَتُهُ : ذَهَبَ يَصِيدُ . قَالَ : قُولِي لَهُ إِذَا جَاءَ : غَيِّرْ عَتَبَةَ بَيْتِكَ . فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ ، قَالَ : أَنْتِ ذَاكِ ، فَاذْهَبِي إِلَى أَهْلِكِ .
قَالَ : ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا
لِإِبْرَاهِيمَ ، فَقَالَ لِأَهْلِهِ : إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي . قَالَ : فَجَاءَ فَقَالَ : أَيْنَ
إِسْمَاعِيلُ ؟ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ : ذَهَبَ يَصِيدُ . فَقَالَتْ : أَلَا تَنْزِلَ فَتَطْعَمَ وَتَشْرَبَ ؟ فَقَالَ : مَا طَعَامُكُمْ وَمَا شَرَابُكُمْ ؟ قَالَتْ : طَعَامُنَا اللَّحْمُ ، وَشَرَابُنَا الْمَاءُ . قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ .
قَالَ : فَقَالَ
أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَرَكَةٌ بِدَعْوَةِ
إِبْرَاهِيمَ "
قَالَ : ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا
لِإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِأَهْلِهِ : إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي . فَجَاءَ فَوَافَقَ
إِسْمَاعِيلَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ يُصْلِحُ نَبْلًا لَهُ فَقَالَ : يَا
إِسْمَاعِيلُ ، إِنَّ رَبَّكَ ، عَزَّ وَجَلَّ ، أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا . فَقَالَ : أَطِعْ رَبَّكَ ، عَزَّ وَجَلَّ . قَالَ : إِنَّهُ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ تُعِينَنِي عَلَيْهِ ؟ فَقَالَ : إِذَنْ أَفْعَلُ أَوْ كَمَا قَالَ . قَالَ : فَقَامَا [ قَالَ ] فَجَعَلَ
إِبْرَاهِيمُ يَبْنِي ،
وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ ، وَيَقُولَانِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )
[ ص: 431 ] قَالَ : حَتَّى ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ وَضَعُفَ الشَّيْخُ عَنْ نَقْلِ الْحِجَارَةِ . فَقَامَ عَلَى حَجَرِ الْمَقَامِ ، فَجَعَلَ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَيَقُولَانِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )
هَكَذَا رَوَاهُ مِنْ هَذَيْنَ الْوَجْهَيْنِ فِي كِتَابِ الْأَنْبِيَاءِ .
وَالْعَجَبُ أَنَّ الْحَافِظَ
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمَ رَوَاهُ فِي كِتَابِهِ الْمُسْتَدْرَكِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13720أَبِي الْعَبَّاسِ الْأَصَمِّ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ الْقَزَّازِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12090أَبِي عَلِيٍّ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيِّ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ ، بِهِ . وَقَالَ : صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ . كَذَا قَالَ . وَقَدْ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ كَمَا تَرَى ، مِنْ حَدِيثِ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ ، كَأَنَّ فِيهِ اقْتِصَارًا ، فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ [ شَأْنَ ] الذَّبْحِ . وَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحِ ، أَنَّ قَرْنَيِ الْكَبْشِ كَانَا مُعَلَّقَيْنِ بِالْكَعْبَةِ ، وَقَدْ جَاءَ أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، كَانَ يَزُورُ أَهْلَهُ
بِمَكَّةَ عَلَى الْبُرَاقِ سَرِيعًا ثُمَّ يَعُودُ إِلَى أَهْلِهِ بِالْبِلَادِ الْمُقَدَّسَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَالْحَدِيثُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِنَّمَا فِيهِ - مَرْفُوعٌ - أَمَاكِنُ صَرَّحَ بِهَا
ابْنُ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَدْ وَرَدَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي هَذَا السِّيَاقِ مَا يُخَالَفُ بَعْضَ هَذَا ، كَمَا قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ :
حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15573مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=12166وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا : حَدَّثَنَا
مُؤَمَّلٌ ، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ
حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، قَالَ : لَمَّا أُمِرَ
إِبْرَاهِيمُ بِبِنَاءِ الْبَيْتِ ، خَرَجَ مَعَهُ
إِسْمَاعِيلُ وَهَاجَرُ . قَالَ : فَلَمَّا قَدِمَ
مَكَّةَ رَأَى عَلَى رَأْسِهِ فِي مَوْضِعِ الْبَيْتِ مِثْلَ الْغَمَامَةِ ، فِيهِ مِثْلَ الرَّأْسِ . فَكَلَّمَهُ ، قَالَ : يَا
إِبْرَاهِيمُ ، ابْنِ عَلَى ظِلِّي أَوْ قَالَ عَلَى قَدَرِي وَلَا تَزِدْ وَلَا تَنْقُصْ : فَلَمَّا بَنَى خَرَجَ ، وَخَلَّفَ
إِسْمَاعِيلَ وَهَاجَرَ ، فَقَالَتْ
هَاجَرُ : يَا
إِبْرَاهِيمُ ، إِلَى مَنْ تَكِلُنَا ؟ قَالَ : إِلَى اللَّهِ . قَالَتِ : انْطَلِقْ ، فَإِنَّهُ لَا يُضَيِّعُنَا . قَالَ : فَعَطِشَ
إِسْمَاعِيلُ عَطَشًا شَدِيدًا ، قَالَ : فَصَعِدَتْ هَاجَرُ إِلَى
الصَّفَا فَنَظَرَتْ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا ، حَتَّى أَتَتِ
الْمَرْوَةَ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى
الصَّفَا فَنَظَرَتْ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا ، حَتَّى أَتَتِ
الْمَرْوَةَ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى
الصَّفَا فَنَظَرَتْ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا ، حَتَّى فَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، فَقَالَتْ : يَا
إِسْمَاعِيلُ ، مُتْ حَيْثُ لَا أَرَاكَ . فَأَتَتْهُ وَهُوَ يَفْحَصُ بِرِجْلِهِ مِنَ الْعَطَشِ . فَنَادَاهَا
جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهَا : مَنْ أَنْتِ ؟ قَالَتْ : أَنَا هَاجَرُ أُمُّ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ . قَالَ : فَإِلَى مَنْ وَكَلَكُمَا ؟ قَالَتْ : وَكَلَنَا إِلَى اللَّهِ . قَالَ : وَكَلَكُمَا إِلَى كَافٍ . قَالَ : فَفَحَصَ الْغُلَامُ الْأَرْضَ بِأُصْبُعِهِ ، فَنَبَعَتْ زَمْزَمُ . فَجَعَلَتْ تَحْبِسُ الْمَاءَ فَقَالَ : دَعِيهِ فَإِنَّهَا رَوَاءٌ .
فَفِي هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُ بَنَى الْبَيْتَ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُمَا ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا أَنْ يَكُونَ أَوَّلًا
[ ص: 432 ] وَضَعَ لَهُ حَوْطًا وَتَحْجِيرًا ، لَا أَنَّهُ بَنَاهُ إِلَى أَعْلَاهُ ، حَتَّى كَبِرَ
إِسْمَاعِيلُ فَبَنَيَاهُ مَعًا ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى .
ثُمَّ قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17259هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ ، حَدَّثَنَا
أَبُو الْأَحْوَصِ ، عَنْ
سِمَاكٍ ، عَنْ
خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ ، أَنَّ رَجُلًا قَامَ إِلَى
عَلِيٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : أَلَا تُخْبِرُنِي عَنِ الْبَيْتِ ، أَهُوَ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ ؟ فَقَالَ : لَا وَلَكِنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ فِيهِ الْبَرَكَةُ ، مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ، وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ كَيْفَ بُنِيَ : إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى
إِبْرَاهِيمَ أَنِ ابْنِ لِي بَيْتًا فِي الْأَرْضِ ، قَالَ : فَضَاقَ
إِبْرَاهِيمُ بِذَلِكَ ذَرْعًا فَأَرْسَلَ اللَّهُ السَّكِينَةَ وَهِيَ رِيحٌ خُجُوجٌ ، وَلَهَا رَأْسَانِ فَأَتْبَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ، حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى
مَكَّةَ ، فَتَطَوَّتْ عَلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ كَطَيِّ الْحَجَفَةِ ، وَأُمِرَ
إِبْرَاهِيمُ أَنْ يَبْنِيَ حَيْثُ تَسْتَقِرُّ السَّكِينَةُ . فَبَنَى
إِبْرَاهِيمُ وَبَقِيَ حَجَرٌ ، فَذَهَبَ الْغُلَامُ يَبْغِي شَيْئًا . فَقَالَ
إِبْرَاهِيمُ : أَبْغِنِي حَجَرًا كَمَا آمُرُكَ . قَالَ : فَانْطَلَقَ الْغُلَامُ يَلْتَمِسُ لَهُ حَجَرًا ، فَأَتَاهُ بِهِ ، فَوَجَدَهُ قَدْ رَكَّبَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي مَكَانِهِ . فَقَالَ : يَا أَبَهْ ، مَنْ أَتَاكَ بِهَذَا الْحَجَرِ ؟ فَقَالَ : أَتَانِي بِهِ مَنْ لَنْ يَتَّكِلَ عَلَى بِنَائِكَ ، جَاءَ بِهِ
جِبْرِيلُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، مِنَ السَّمَاءِ . فَأَتَمَّاهُ .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا
حَمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِيُّ ، حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ
كَعْبِ الْأَحْبَارِ ، قَالَ : كَانَ الْبَيْتُ غُثَاءَةً عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ الْأَرْضَ بِأَرْبَعِينَ عَامًا ، وَمِنْهُ دُحِيَتِ الْأَرْضُ .
قَالَ
سَعِيدٌ : وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ أَقْبَلَ مِنْ أَرْمِينِيَّةَ ، وَمَعَهُ السَّكِينَةُ تَدُلُّهُ عَلَى تَبُوُّءِ الْبَيْتِ كَمَا تَتَبَوَّأُ الْعَنْكَبُوتُ بَيْتًا ، قَالَ : فَكَشَفَتْ عَنْ أَحْجَارٍ لَا يُطِيقُ الْحَجَرَ إِلَّا ثَلَاثُونَ رَجُلًا . قُلْتُ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ ) قَالَ : كَانَ ذَلِكَ بَعْدُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : إِنَّ اللَّهَ ، عَزَّ وَجَلَّ ، أَمَرَ
إِبْرَاهِيمَ أَنْ يَبْنِيَ [ الْبَيْتَ ] هُوَ
وَإِسْمَاعِيلُ : ابْنِيَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ، فَانْطَلَقَ
إِبْرَاهِيمُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، حَتَّى أَتَى
مَكَّةَ ، فَقَامَ هُوَ
وَإِسْمَاعِيلُ ، وَأَخَذَا الْمَعَاوِلَ لَا يَدْرِيَانِ أَيْنَ الْبَيْتُ ؟ فَبَعَثَ اللَّهُ رِيحًا ، يُقَالُ لَهَا : رِيحُ الْخُجُوجِ ، لَهَا جَنَاحَانِ وَرَأْسٌ فِي صُورَةِ حَيَّةٍ ، فَكَشَفَتْ لَهُمَا مَا حَوْلَ الْكَعْبَةِ عَنْ أَسَاسِ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ ، وَاتَّبَعَاهَا بِالْمَعَاوِلِ يَحْفِرَانِ حَتَّى وَضَعَا الْأَسَاسَ . فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ [ اللَّهُ ] تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127nindex.php?page=treesubj&link=31887_31857وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ ) [ الْحَجِّ : 26 ] فَلَمَّا بَنَيَا الْقَوَاعِدَ فَبَلَغَا مَكَانَ الرُّكْنِ . قَالَ
إِبْرَاهِيمُ لِإِسْمَاعِيلَ : يَا بُنَيَّ ، اطْلُبْ لِي حَجَرًا حَسَنًا أَضَعُهُ هَاهُنَا . قَالَ : يَا أَبَتِ ، إِنِّي كَسْلَانُ لَغِبٌ .
[ ص: 433 ]
قَالَ : عَلَيَّ بِذَلِكَ . فَانْطَلَقَ فَطَلَبَ لَهُ حَجَرًا ، فَجَاءَهُ بِحَجَرٍ فَلَمْ يَرْضَهُ ، فَقَالَ ائْتِنِي بِحَجَرٍ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا ، فَانْطَلَقَ يَطْلُبُ لَهُ حَجَرًا ، وَجَاءَهُ
جِبْرِيلُ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْهِنْدِ ، وَكَانَ أَبْيَضَ ، يَاقُوتَةً بَيْضَاءَ مِثْلَ الثَّغَامَةِ ، وَكَانَ
آدَمُ هَبَطَ بِهِ مِنَ الْجَنَّةِ فَاسْوَدَّ مِنْ خَطَايَا النَّاسِ ، فَجَاءَهُ
إِسْمَاعِيلُ بِحَجَرٍ فَوَجَدَهُ عِنْدَ الرُّكْنِ ، فَقَالَ : يَا أَبَهْ ، مَنْ جَاءَكَ بِهَذَا ؟ قَالَ : جَاءَ بِهِ مَنْ هُوَ أَنْشَطُ مِنْكَ . فَبَنَيَا وَهُمَا يَدْعُوَانِ الْكَلِمَاتِ التِي ابْتَلَى [ بِهِنَّ ]
إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )
وَفِي هَذَا السِّيَاقِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوَاعِدَ الْبَيْتِ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ
إِبْرَاهِيمَ . وَإِنَّمَا هُدِيَ
إِبْرَاهِيمُ إِلَيْهَا وَبُوِّئَ لَهَا . وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ ذَاهِبُونَ ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
أَيُّوبَ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ ) قَالَ : الْقَوَاعِدُ التِي كَانَتْ قَوَاعِدَ الْبَيْتِ قَبْلَ ذَلِكَ .
وَقَالَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17240هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ ، عَنْ
سَوَّارٍ خَتَنِ عَطَاءٍ عَنْ
عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، قَالَ : لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ
آدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ ، كَانَتْ رِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ وَرَأْسُهُ فِي السَّمَاءِ يَسْمَعُ كَلَامَ أَهْلِ السَّمَاءِ وَدُعَاءَهُمْ ، يَأْنَسُ إِلَيْهِمْ ، فَهَابَتْهُ الْمَلَائِكَةُ ، حَتَّى شَكَتْ إِلَى اللَّهِ فِي دُعَائِهَا وَفِي صَلَاتِهَا . فَخَفَّضَهُ اللَّهُ إِلَى الْأَرْضِ ، فَلَمَّا فَقَدَ مَا كَانَ يَسْمَعُ مِنْهُمُ اسْتَوْحَشَ حَتَّى شَكَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ فِي دُعَائِهِ وَفِي صَلَاتِهِ . فَوُجِّهَ إِلَى
مَكَّةَ ، فَكَانَ مَوْضِعُ قَدَمِهِ قَرْيَةً ، وَخَطْوُهُ مَفَازَةً ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى
مَكَّةَ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ يَاقُوتَةً مِنْ يَاقُوتِ الْجَنَّةِ ، فَكَانَتْ عَلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ الْآنَ . فَلَمْ يَزَلْ يَطُوفُ بِهِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ الطُّوفَانَ ، فَرُفِعَتْ تِلْكَ الْيَاقُوتَةُ ، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ
إِبْرَاهِيمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَبَنَاهُ . وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ ) [ الْحَجِّ : 26 ] .
وَقَالَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ
عَطَاءٍ ، قَالَ : قَالَ
آدَمُ : إِنِّي لَا أَسْمَعُ أَصْوَاتَ الْمَلَائِكَةِ ! قَالَ : بِخَطِيئَتِكَ ، وَلَكِنِ اهْبِطْ إِلَى الْأَرْضِ ، فَابْنِ لِي بَيْتًا ثُمَّ احْفُفْ بِهِ ، كَمَا رَأَيْتَ الْمَلَائِكَةَ تَحُفُّ بِبَيْتَيَ الذِي فِي السَّمَاءِ . فَيَزْعُمُ النَّاسُ أَنَّهُ بَنَاهُ مِنْ خَمْسَةِ أَجْبُلٍ : مِنْ
حِرَاءَ .
وَطَوْرِ زَيْتَا ،
وَطُورِ سَيْنَاءَ ، وَجَبَلِ لِبْنَانَ ، وَالْجُودِيِّ . وَكَانَ رَبَضُهُ مِنْ حِرَاءَ . فَكَانَ هَذَا بِنَاءَ
آدَمَ ، حَتَّى بَنَاهُ
إِبْرَاهِيمُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، بَعْدُ .
وَهَذَا صَحِيحٌ إِلَى
عَطَاءٍ ، وَلَكِنْ فِي بَعْضِهِ نَكَارَةٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا : أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَالَ : وَضَعَ اللَّهُ الْبَيْتَ مَعَ
آدَمَ حِينَ أَهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ إِلَى الْأَرْضِ ، وَكَانَ مَهْبِطُهُ بِأَرْضِ
الْهِنْدِ . وَكَانَ رَأْسُهُ فِي السَّمَاءِ وَرِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ ، فَكَانَتِ
[ ص: 434 ] الْمَلَائِكَةُ تَهَابُهُ ، فَنَقُصَ إِلَى سِتِّينَ ذِرَاعًا ; فَحَزِنَ إِذْ فَقَدَ أَصْوَاتَ الْمَلَائِكَةِ وَتَسْبِيحَهُمْ . فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، فَقَالَ اللَّهُ : يَا
آدَمُ ، إِنِّي قَدْ أَهْبَطْتُ لَكَ بَيْتًا تَطُوفُ بِهِ كَمَا يُطَافُ حَوْلَ عَرْشِي ، وَتُصَلِّي عِنْدَهُ كَمَا يُصَلَّى عِنْدَ عَرْشِي ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ
آدَمُ ، فَخَرَجَ وَمُدَّ لَهُ فِي خَطْوِهِ ، فَكَانَ بَيْنَ كُلِّ خُطْوَتَيْنِ مَفَازَةٌ . فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ الْمَفَازَةُ بَعْدَ ذَلِكَ . فَأَتَى
آدَمُ الْبَيْتَ فَطَافَ بِهِ ، وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ .
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا
يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ ، عَنْ
حَفْصِ بْنِ حُمَيْدٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : وَضَعَ اللَّهُ الْبَيْتَ عَلَى أَرْكَانِ الْمَاءِ ، عَلَى أَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ ، قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ الدُّنْيَا بِأَلْفَيْ عَامٍ ، ثُمَّ دُحِيَتِ الْأَرْضُ مِنْ تَحْتِ الْبَيْتِ .
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : حَدَّثَنِي
[ عَبْدُ اللَّهِ ] بْنُ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ : أَنَّ اللَّهَ لَمَّا بَوَّأَ
إِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ خَرَجَ إِلَيْهِ مِنَ الشَّامِ ، وَخَرَجَ مَعَهُ
بِإِسْمَاعِيلَ وَبِأُمِّهِ هَاجَرَ ،
وَإِسْمَاعِيلُ طِفْلٌ صَغِيرٌ يَرْضَعُ ، وَحُمِلُوا فِيمَا حَدَّثَنِي عَلَى الْبُرَاقِ ، وَمَعَهُ
جِبْرِيلُ يَدُلُّهُ عَلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ وَمَعَالِمِ الْحَرَمِ . وَخَرَجَ مَعَهُ
جِبْرِيلُ ، فَكَانَ لَا يَمُرُّ بِقَرْيَةٍ إِلَّا قَالَ : أَبِهَذِهِ أُمِرْتُ يَا
جِبْرِيلُ ؟ فَيَقُولُ
جِبْرِيلُ : امْضِهِ . حَتَّى قَدِمَ بِهِ
مَكَّةَ ، وَهِيَ إِذْ ذَاكَ عِضَاةُ سَلْمٍ وَسَمُرٍ ، وَبِهَا أُنَاسٌ يُقَالُ لَهُمُ : " الْعَمَالِيقُ " خَارِجَ
مَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا . وَالْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ رَبْوَةٌ حَمْرَاءُ مَدِرَةٌ ، فَقَالَ
إِبْرَاهِيمُ لِجِبْرِيلَ : أَهَاهُنَا أُمِرْتُ أَنْ أَضَعَهُمَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . فَعَمَدَ بِهِمَا إِلَى مَوْضِعِ الْحِجْرِ فَأَنْزَلَهُمَا فِيهِ ، وَأَمَرَ
هَاجَرَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِ عَرِيشًا ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ) [ إِبْرَاهِيمَ : 37 ] .
وَقَالَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17240هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ ، أَخْبَرَنِي
حُمَيْدٌ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ مَوْضِعَ هَذَا الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا بِأَلْفَيْ سَنَةٍ ، وَأَرْكَانُهُ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ .
وَكَذَا قَالَ
لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : الْقَوَاعِدُ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ
عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ
عِلْبَاءَ بْنِ أَحْمَرَ : أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ قَدِمَ
مَكَّةَ فَوَجَدَ
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ يَبْنِيَانِ قَوَاعِدَ الْبَيْتِ مِنْ خَمْسَةِ أَجْبُلٍ . فَقَالَ : مَا لَكُمَا وَلِأَرْضِي ؟ فَقَالَا : نَحْنُ عَبْدَانِ مَأْمُورَانِ ، أُمِرْنَا بِبِنَاءِ هَذِهِ الْكَعْبَةِ . قَالَ : فَهَاتَا بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَا تَدَّعِيَانِ . فَقَامَتْ خَمْسَةُ أَكْبُشٍ ، فَقُلْنَ : نَحْنُ نَشْهَدُ أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَبْدَانِ مَأْمُورَانِ ، أُمِرَا بِبِنَاءِ هَذِهِ الْكَعْبَةِ . فَقَالَ : قَدْ رَضِيتُ وَسَلَّمْتُ . ثُمَّ مَضَى .
[ ص: 435 ]
وَذَكَرَ
الْأَزْرَقِيُّ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ أَنْ ذَا الْقَرْنَيْنِ طَافَ مَعَ
إِبْرَاهِيمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، بِالْبَيْتِ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ زَمَانِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ ) الْآيَةَ : الْقَوَاعِدُ : أَسَاسُهُ وَاحِدُهَا قَاعِدَةٌ . وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ : وَاحِدَتُهَا قَاعِدٌ .
حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنِي
مَالِكٌ ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15959سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، nindex.php?page=hadith&LINKID=820353عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ حِينَ بَنَوُا الْبَيْتَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ ؟ " فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَا تَرُدَّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ ؟ قَالَ : " لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ " . فَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : لَئِنْ كَانَتْ
عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ إِلَّا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32999_33000الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ .
وَقَدْ رَوَاهُ فِي الْحَجِّ عَنِ
الْقَعْنَبِيِّ ، وَفِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ .
وَمُسْلِمٌ عَنْ
يَحْيَى بْنِ يَحْيَى ، وَمِنْ حَدِيثِ
ابْنِ وَهْبٍ .
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ بِهِ .
وَرَوَاهُ
مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ
نَافِعٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ يُحَدِّثُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، عَنْ
عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820354 " لَوْلَا أَنْ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ أَوْ قَالَ : بِكُفْرٍ لَأَنْفَقْتُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَلَجَعَلْتُ بَابَهَا بِالْأَرْضِ ، وَلَأَدْخَلْتُ فِيهَا الْحِجْرَ " .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16527عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ، عَنْ
إِسْرَائِيلَ ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ
الْأَسْوَدِ ، قَالَ : قَالَ لِيَ
ابْنُ الزُّبَيْرِ : كَانَتْ
عَائِشَةُ تُسِرُّ إِلَيْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا ، فَمَا حَدَّثَتْكَ فِي الْكَعْبَةِ ؟ قَالَ قُلْتُ : قَالَتْ لِي : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا
عَائِشَةُ ، لَوْلَا قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ فَقَالَ
ابْنُ الزُّبَيْرِ : بِكُفْرٍ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ ، فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ : بَابًا يَدْخُلُ مِنْهُ النَّاسُ ، وَبَابًا يَخْرُجُونَ " . فَفَعَلَهُ
ابْنُ الزُّبَيْرِ .
انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ، فَرَوَاهُ هَكَذَا فِي كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ صَحِيحِهِ .
وَقَالَ
مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ : حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا
أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820355 " لَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ وَلَجَعَلْتُهَا عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ ، فَإِنَّ قُرَيْشًا حِينَ بَنَتِ الْبَيْتَ اسْتَقْصَرَتْ ، وَلَجَعَلْتُ لَهَا خَلْفًا " .
[ ص: 436 ]
قَالَ : وَحَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا
ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ
هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ . انْفَرَدَ بِهِ
مُسْلِمٌ ، قَالَ : وَحَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ ، حَدَّثَنِي
ابْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا
سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16001سَعِيدٍ يَعْنِي ابْنَ مِينَاءَ قَالَ : سَمِعْتُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ : حَدَّثَتْنِي خَالَتِي يَعْنِي
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=820356 " يَا عَائِشَةُ ، لَوْلَا قَوْمُكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِشِرْكٍ ، لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ ، فَأَلَزَقْتُهَا بِالْأَرْضِ ، وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ : بَابًا شَرْقِيًّا ، وَبَابًا غَرْبِيًّا ، وَزِدْتُ فِيهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنَ الْحِجْرِ ; فَإِنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا حَيْثُ بَنَتِ الْكَعْبَةَ " انْفَرَدَ بِهِ أَيْضًا .