(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180nindex.php?page=treesubj&link=28973كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين ( 180 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم ( 181 ) )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم ( 182 ) )
اشتملت هذه الآية الكريمة على الأمر بالوصية للوالدين والأقربين . وقد كان ذلك واجبا على أصح القولين قبل نزول آية المواريث ، فلما نزلت آية الفرائض نسخت هذه ، وصارت المواريث المقدرة فريضة من الله ، يأخذها أهلوها حتما من غير وصية ولا تحمل منة الموصي ، ولهذا جاء الحديث في السنن وغيرها عن
عمرو بن خارجة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب وهو يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820417 " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث " .
وقال الإمام
أحمد : حدثنا
إسماعيل بن إبراهيم بن علية ، عن
يونس بن عبيد ، عن
محمد بن [ ص: 493 ] سيرين ، قال : جلس
ابن عباس فقرأ سورة البقرة حتى أتى [ على ] هذه الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ) فقال : نسخت هذه الآية .
وكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ، عن
هشيم ، عن
يونس ، به . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في مستدركه وقال : صحيح على شرطهما .
وقال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180الوصية للوالدين والأقربين ) قال : كان لا يرث مع الوالدين غيرهما إلا وصية للأقربين ، فأنزل الله آية الميراث فبين ميراث الوالدين ، وأقر وصية الأقربين في ثلث مال الميت .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15697حجاج بن محمد ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ،
وعثمان بن عطاء ، عن
عطاء ، عن
ابن عباس ، في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180nindex.php?page=treesubj&link=33606الوصية للوالدين والأقربين ) نسختها هذه الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا ) [ النساء : 7 ] .
ثم قال
ابن أبي حاتم : وروي عن
ابن عمر وأبي موسى ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ،
والحسن ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين ،
وعكرمة ،
وزيد بن أسلم ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ،
وشريح ،
والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري : أن هذه الآية منسوخة نسختها آية الميراث .
والعجب من
أبي عبد الله محمد بن عمر الرازي رحمه الله كيف حكى في تفسيره الكبير عن
أبي مسلم الأصفهاني أن هذه الآية غير منسوخة ، وإنما هي مفسرة بآية المواريث ، ومعناه : كتب عليكم ما أوصى الله به من توريث الوالدين والأقربين . من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم ) [ النساء : 11 ] قال : وهو قول أكثر المفسرين والمعتبرين من الفقهاء . قال : ومنهم من قال : إنها منسوخة فيمن يرث ، ثابتة فيمن لا يرث ، وهو مذهب
ابن عباس ،
والحسن ،
ومسروق ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
والضحاك ،
ومسلم بن يسار ،
nindex.php?page=showalam&ids=14808والعلاء بن زياد .
قلت : وبه قال أيضا
سعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان . ولكن على قول هؤلاء لا يسمى هذا نسخا في اصطلاحنا المتأخر ; لأن آية الميراث إنما رفعت حكم بعض أفراد ما دل عليه عموم آية الوصاية ، لأن " الأقربين " أعم ممن يرث ومن لا يرث ، فرفع حكم من يرث بما عين له ، وبقي الآخر على ما دلت عليه الآية الأولى . وهذا إنما يتأتى على قول بعضهم : أن الوصاية في ابتداء الإسلام إنما كانت ندبا حتى نسخت . فأما من يقول : إنها كانت واجبة وهو الظاهر من
[ ص: 494 ] سياق الآية فيتعين أن تكون منسوخة بآية الميراث ، كما قاله أكثر المفسرين والمعتبرين من الفقهاء ; فإن وجوب الوصية للوالدين والأقربين [ الوارثين ] منسوخ بالإجماع . بل منهي عنه للحديث المتقدم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820417 " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث " . فآية الميراث حكم مستقل ، ووجوب من عند الله لأهل الفروض وللعصبات ، رفع بها حكم هذه بالكلية . بقي الأقارب الذين لا ميراث لهم ، يستحب له أن يوصى لهم من الثلث ، استئناسا بآية الوصية وشمولها ، ولما ثبت في الصحيحين ، عن
ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820418 " ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه ، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده " . قال
ابن عمر ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك إلا وعندي وصيتي .
والآيات والأحاديث بالأمر ببر الأقارب والإحسان إليهم ، كثيرة جدا .
وقال
عبد بن حميد في مسنده : أخبرنا
عبيد الله ، عن
مبارك بن حسان ، عن
نافع قال : قال عبد الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820419 " يقول الله تعالى : يا ابن آدم ، ثنتان لم يكن لك واحدة منهما : جعلت لك نصيبا في مالك حين أخذت بكظمك ; لأطهرك به وأزكيك ، وصلاة عبادي عليك بعد انقضاء أجلك " .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180إن ترك خيرا ) أي : مالا . قاله
ابن عباس ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=16574وعطية العوفي ،
والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان ،
وقتادة ، وغيرهم .
ثم منهم من قال :
nindex.php?page=treesubj&link=24223الوصية مشروعة سواء قل المال أو كثر كالوراثة ومنهم من قال : إنما يوصي إذا ترك مالا جزيلا ثم اختلفوا في مقداره ، فقال
ابن أبي حاتم :
حدثنا
محمد بن عبد الله بن يزيد المقري ، أخبرنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : قيل
لعلي ، رضي الله عنه : إن رجلا من
قريش قد مات ، وترك ثلاثمائة دينار أو أربعمائة ولم يوص . قال : ليس بشيء ، إنما قال الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180إن ترك خيرا ) .
قال : وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17221هارون بن إسحاق الهمداني ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16513عبدة يعني ابن سليمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه : أن
عليا دخل على رجل من قومه يعوده ، فقال له : أوصي ؟ فقال له
علي : إنما قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180إن ترك خيرا الوصية ) إنما تركت شيئا يسيرا ، فاتركه لولدك .
وقال
الحكم بن أبان : حدثني عن
عكرمة ، عن
ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180إن ترك خيرا ) قال
ابن عباس :
nindex.php?page=treesubj&link=24973من لم يترك ستين دينارا لم يترك خيرا ، قال
الحكم : قال
طاوس : لم يترك خيرا من لم يترك ثمانين دينارا . وقال
قتادة : كان يقال : ألفا فما فوقها .
وقوله : ( بالمعروف ) أي : بالرفق والإحسان ، كما قال
ابن أبي حاتم :
[ ص: 495 ]
حدثنا
الحسن بن أحمد ، حدثنا
إبراهيم بن عبد الله بن يسار ، حدثني
سرور بن المغيرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16292عباد بن منصور ، عن
الحسن ، قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ) فقال : نعم ، الوصية حق ، على كل مسلم أن يوصي إذا حضره الموت بالمعروف غير المنكر .
والمراد بالمعروف : أن يوصي لأقربيه وصية لا تجحف بورثته ، من غير إسراف ولا تقتير ، كما ثبت في الصحيحين
nindex.php?page=hadith&LINKID=820420أن سعدا قال : يا رسول الله ، إن لي مالا ولا يرثني إلا ابنة لي ، أفأوصي بثلثي مالي ؟ قال : " لا " قال : فبالشطر ؟ قال : " لا " قال : فالثلث ؟ قال : nindex.php?page=treesubj&link=23285 " الثلث ، والثلث كثير ; إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس " .
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : أن
ابن عباس قال : لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820421 " الثلث ، والثلث كثير " .
وروى الإمام
أحمد ، عن
أبي سعيد مولى بني هاشم ، عن
ذيال بن عبيد بن حنظلة ، سمعت
حنظلة بن حذيم بن حنيفة : أن جده
حنيفة أوصى ليتيم في حجره بمائة من الإبل ، فشق ذلك على بنيه ، فارتفعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال
حنيفة : إني أوصيت ليتيم لي بمائة من الإبل ، كنا نسميها المطيبة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=820422 " لا لا لا . الصدقة : خمس ، وإلا فعشر ، وإلا فخمس عشرة ، وإلا فعشرون ، وإلا فخمس وعشرون ، وإلا فثلاثون ، وإلا فخمس وثلاثون ، فإن أكثرت فأربعون " .
وذكر الحديث بطوله .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ) يقول تعالى : فمن
nindex.php?page=treesubj&link=23282_24960_24973بدل الوصية وحرفها ، فغير حكمها وزاد فيها أو نقص ويدخل في ذلك الكتمان لها بطريق الأولى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فإنما إثمه على الذين يبدلونه ) قال ابن عباس وغير واحد : وقد وقع أجر الميت على الله ، وتعلق الإثم بالذين بدلوا ذلك ) إن الله سميع عليم ) أي : قد اطلع على ما أوصى به الميت ، وهو عليم بذلك ، وبما بدله الموصى إليهم .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فمن خاف من موص جنفا أو إثما ) قال
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية ،
ومجاهد ،
والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : الجنف : الخطأ . وهذا يشمل أنواع الخطأ كلها ، بأن زاد وارثا بواسطة أو وسيلة ، كما إذا أوصى ببيعه الشيء الفلاني محاباة ، أو أوصى لابن ابنته ليزيدها ، أو نحو ذلك من الوسائل ، إما مخطئا غير عامد ، بل بطبعه وقوة شفقته من غير تبصر ، أو متعمدا آثما في ذلك ، فللوصي والحالة هذه أن يصلح القضية ويعدل في الوصية على الوجه الشرعي . ويعدل عن الذي أوصى به الميت إلى ما هو أقرب الأشياء إليه وأشبه الأمور به جمعا بين مقصود الموصي
[ ص: 496 ] والطريق الشرعي . وهذا الإصلاح والتوفيق ليس من التبديل في شيء . ولهذا عطف هذا فبينه على النهي لذلك ، ليعلم أن هذا ليس من ذلك بسبيل ، والله أعلم .
وقد قال
ابن أبي حاتم : حدثنا
العباس بن الوليد بن مزيد ، قراءة ، أخبرني أبي ، عن
الأوزاعي ، قال
الزهري : حدثني
عروة ، عن
عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824357 " يرد من صدقة الحائف في حياته ما يرد من وصية المجنف عند موته " .
وهكذا رواه
أبو بكر بن مردويه ، من حديث
العباس بن الوليد ، به .
قال
ابن أبي حاتم : وقد أخطأ فيه
الوليد بن مزيد . وهذا الكلام إنما هو عن
عروة فقط . وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، عن
الأوزاعي ، فلم يجاوز به
عروة .
وقال
ابن مردويه أيضا : حدثنا
محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا
إبراهيم بن يوسف ، حدثنا
هشام بن عمار ، حدثنا
عمر بن المغيرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820423 " nindex.php?page=treesubj&link=9176الحيف في الوصية من الكبائر " .
وهذا في رفعه أيضا نظر . وأحسن ما ورد في هذا الباب ما قال
عبد الرزاق :
حدثنا
معمر ، عن
أشعث بن عبد الله ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820424 " إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة ، فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله ، فيدخل النار ، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة ، فيعدل في وصيته ، فيختم له بخير عمله ، فيدخل الجنة " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : اقرأوا إن شئتم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229تلك حدود الله فلا تعتدوها ) [ البقرة : 229 ] .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180nindex.php?page=treesubj&link=28973كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ( 180 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ( 181 ) )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 182 ) )
اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ عَلَى الْأَمْرِ بِالْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ . وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْمَوَارِيثِ ، فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ نَسَخَتْ هَذِهِ ، وَصَارَتِ الْمَوَارِيثُ الْمُقَدَّرَةُ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ، يَأْخُذُهَا أَهْلُوهَا حَتْمًا مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ وَلَا تَحْمِلُ مِنَّةَ الْمُوصِي ، وَلِهَذَا جَاءَ الْحَدِيثُ فِي السُّنَنِ وَغَيْرِهَا عَنْ
عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820417 " إِنِ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ " .
وَقَالَ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ ، عَنْ
يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ [ ص: 493 ] سِيرِينَ ، قَالَ : جَلَسَ
ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ حَتَّى أَتَى [ عَلَى ] هَذِهِ الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) فَقَالَ : نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ .
وَكَذَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16000سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، عَنْ
هُشَيْمٍ ، عَنْ
يُونُسَ ، بِهِ . وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَقَالَ : صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا .
وَقَالَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) قَالَ : كَانَ لَا يَرْثُ مَعَ الْوَالِدَيْنِ غَيْرُهُمَا إِلَّا وَصِيَّةً لِلْأَقْرَبِينَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْمِيرَاثِ فَبَيَّنَ مِيرَاثَ الْوَالِدَيْنِ ، وَأَقَرَّ وَصِيَّةَ الْأَقْرَبِينَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15697حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ ،
وَعُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ ، عَنْ
عَطَاءٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180nindex.php?page=treesubj&link=33606الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) نَسَخَتْهَا هَذِهِ الْآيَةُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ) [ النِّسَاءِ : 7 ] .
ثُمَّ قَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي مُوسَى ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ،
وَالْحَسَنِ ،
وَمُجَاهِدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ،
وَعِكْرِمَةَ ،
وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ،
وَقَتَادَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ،
وَشُرَيْحٍ ،
وَالضَّحَّاكِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيِّ : أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ نَسَخَتْهَا آيَةُ الْمِيرَاثِ .
وَالْعَجَبُ مِنْ
أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الرَّازِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ كَيْفَ حَكَى فِي تَفْسِيرِهِ الْكَبِيرِ عَنْ
أَبِي مُسْلِمٍ الْأَصْفَهَانِيِّ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ ، وَإِنَّمَا هِيَ مُفَسَّرَةٌ بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ ، وَمَعْنَاهُ : كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا أَوْصَى اللَّهُ بِهِ مِنْ تَوْرِيثِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ . مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ) [ النِّسَاءِ : 11 ] قَالَ : وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ وَالْمُعْتَبَرِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ . قَالَ : وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ فِيمَنْ يَرِثُ ، ثَابِتَةٌ فِيمَنْ لَا يَرِثُ ، وَهُوَ مَذْهَبُ
ابْنِ عَبَّاسٍ ،
وَالْحَسَنِ ،
وَمَسْرُوقٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسٍ ،
وَالضَّحَّاكِ ،
وَمُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14808وَالْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ .
قُلْتُ : وَبِهِ قَالَ أَيْضًا
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ ،
وَقَتَادَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ . وَلَكِنْ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ لَا يُسَمَّى هَذَا نَسْخًا فِي اصْطِلَاحِنَا الْمُتَأَخِّرِ ; لِأَنَّ آيَةَ الْمِيرَاثِ إِنَّمَا رَفَعَتْ حُكْمَ بَعْضِ أَفْرَادِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ عُمُومُ آيَةِ الْوِصَايَةِ ، لِأَنَّ " الْأَقْرَبِينَ " أَعَمُّ مِمَّنْ يَرِثُ وَمَنْ لَا يَرِثُ ، فَرُفِعَ حُكْمُ مَنْ يَرْثُ بِمَا عُيِّنَ لَهُ ، وَبَقِيَ الْآخَرُ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ الْأُولَى . وَهَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْوِصَايَةَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ إِنَّمَا كَانَتْ نَدْبًا حَتَّى نُسِخَتْ . فَأَمَّا مَنْ يَقُولُ : إِنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ
[ ص: 494 ] سِيَاقِ الْآيَةِ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ مَنْسُوخَةً بِآيَةِ الْمِيرَاثِ ، كَمَا قَالَهُ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ وَالْمُعْتَبَرِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ ; فَإِنَّ وُجُوبَ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ [ الْوَارِثِينَ ] مَنْسُوخٌ بِالْإِجْمَاعِ . بَلْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820417 " إِنِ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ " . فَآيَةُ الْمِيرَاثِ حُكْمٌ مُسْتَقِلٌّ ، وَوُجُوبٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِأَهْلِ الْفُرُوضِ وَلِلْعَصِبَاتِ ، رَفَعَ بِهَا حُكْمَ هَذِهِ بِالْكُلِّيَّةِ . بَقِيَ الْأَقَارِبُ الَّذِينَ لَا مِيرَاثَ لَهُمْ ، يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُوصَى لَهُمْ مِنَ الثُّلُثِ ، اسْتِئْنَاسًا بِآيَةِ الْوَصِيَّةِ وَشُمُولِهَا ، وَلِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820418 " مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ " . قَالَ
ابْنُ عُمَرَ مَا مَرَّتْ عَلِيَّ لَيْلَةً مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ إِلَّا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي .
وَالْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ بِالْأَمْرِ بِبَرِّ الْأَقَارِبِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ ، كَثِيرَةٌ جِدًّا .
وَقَالَ
عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي مُسْنَدِهِ : أَخْبَرَنَا
عُبَيْدُ اللَّهِ ، عَنْ
مُبَارَكِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنْ
نَافِعٍ قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820419 " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : يَا ابْنَ آدَمَ ، ثِنْتَانِ لَمْ يَكُنْ لَكَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا : جَعَلْتُ لَكَ نَصِيبًا فِي مَالِكَ حِينَ أَخَذْتُ بِكَظْمِكَ ; لِأُطَهِّرَكَ بِهِ وَأُزَكِّيَكَ ، وَصَلَاةُ عِبَادِي عَلَيْكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِكَ " .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180إِنْ تَرَكَ خَيْرًا ) أَيْ : مَالًا . قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبُو الْعَالِيَةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16574وَعَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ ،
وَالضَّحَّاكُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ ،
وَقَتَادَةُ ، وَغَيْرُهُمْ .
ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=24223الْوَصِيَّةُ مَشْرُوعَةٌ سَوَاءٌ قَلَّ الْمَالُ أَوْ كَثُرَ كَالْوِرَاثَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إِنَّمَا يُوصِي إِذَا تَرَكَ مَالًا جَزِيلًا ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِهِ ، فَقَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ :
حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِيُّ ، أَخْبَرَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قِيلَ
لِعَلِيٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّ رَجُلًا مِنْ
قُرَيْشٍ قَدْ مَاتَ ، وَتَرَكَ ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ أَرْبَعَمِائَةٍ وَلَمْ يُوصِ . قَالَ : لَيْسَ بِشَيْءٍ ، إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180إِنْ تَرَكَ خَيْرًا ) .
قَالَ : وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17221هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16513عَبْدَةُ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ
عَلِيًّا دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ يَعُودُهُ ، فَقَالَ لَهُ : أُوصِي ؟ فَقَالَ لَهُ
عَلِيٌّ : إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ ) إِنَّمَا تَرَكْتَ شَيْئًا يَسِيرًا ، فَاتْرُكْهُ لِوَلَدِكَ .
وَقَالَ
الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ : حَدَّثَنِي عَنْ
عِكْرِمَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180إِنْ تَرَكَ خَيْرًا ) قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ :
nindex.php?page=treesubj&link=24973مَنْ لَمْ يَتْرُكْ سِتِّينَ دِينَارًا لَمْ يَتْرُكْ خَيْرًا ، قَالَ
الْحَكَمُ : قَالَ
طَاوُسٌ : لَمْ يَتْرُكْ خَيْرًا مَنْ لَمْ يَتْرُكْ ثَمَانِينَ دِينَارًا . وَقَالَ
قَتَادَةُ : كَانَ يُقَالُ : أَلْفًا فَمَا فَوْقَهَا .
وَقَوْلُهُ : ( بِالْمَعْرُوفِ ) أَيْ : بِالرِّفْقِ وَالْإِحْسَانِ ، كَمَا قَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ :
[ ص: 495 ]
حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ ، حَدَّثَنِي
سُرُورُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16292عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ ، عَنِ
الْحَسَنِ ، قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ) فَقَالَ : نَعَمِ ، الْوَصِيَّةُ حَقٌّ ، عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُوصِيَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بِالْمَعْرُوفِ غَيْرِ الْمُنْكَرِ .
وَالْمُرَادُ بِالْمَعْرُوفِ : أَنْ يُوصِيَ لِأَقْرَبِيهِ وَصِيَّةً لَا تُجْحِفُ بِوَرَثَتِهِ ، مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=820420أَنَّ سَعْدًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ لِي مَالًا وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي ، أَفَأُوصِي بِثُلُثَيْ مَالِي ؟ قَالَ : " لَا " قَالَ : فَبِالشَّطْرِ ؟ قَالَ : " لَا " قَالَ : فَالثُّلُثُ ؟ قَالَ : nindex.php?page=treesubj&link=23285 " الثُّلُثُ ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ ; إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ " .
وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ : أَنَّ
ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ : لَوْ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِنَ الثُّلُثِ إِلَى الرُّبُعِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820421 " الثُّلُثُ ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ " .
وَرَوَى الْإِمَامُ
أَحْمَدُ ، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ ، عَنْ
ذَيَّالِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ ، سَمِعْتُ
حَنْظَلَةَ بْنَ حِذْيَمِ بْنِ حَنِيفَةَ : أَنَّ جِدَّهُ
حَنِيفَةَ أَوْصَى لِيَتِيمٍ فِي حِجْرِهِ بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى بَنِيهِ ، فَارْتَفَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَ
حَنِيفَةُ : إِنِّي أَوْصَيْتُ لِيَتِيمٍ لِي بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ ، كُنَّا نُسَمِّيهَا الْمُطَيَّبَةَ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=820422 " لَا لَا لَا . الصَّدَقَةُ : خَمْسٌ ، وَإِلَّا فَعَشْرٌ ، وَإِلَّا فَخَمْسَ عَشْرَةَ ، وَإِلَّا فَعِشْرُونَ ، وَإِلَّا فَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ ، وَإِلَّا فَثَلَاثُونَ ، وَإِلَّا فَخَمْسٌ وَثَلَاثُونَ ، فَإِنْ أَكْثَرْتَ فَأَرْبَعُونَ " .
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ) يَقُولُ تَعَالَى : فَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=23282_24960_24973بَدَّلَ الْوَصِيَّةَ وَحَرَّفَهَا ، فَغَيَّرَ حُكْمَهَا وَزَادَ فِيهَا أَوْ نَقَصَ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْكِتْمَانُ لَهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=181فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ : وَقَدْ وَقَعَ أَجْرُ الْمَيِّتِ عَلَى اللَّهِ ، وَتَعَلَّقَ الْإِثْمُ بِالَّذِينِ بَدَّلُوا ذَلِكَ ) إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) أَيْ : قَدِ اطَّلَعَ عَلَى مَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ ، وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَلِكَ ، وَبِمَا بَدَّلَهُ الْمُوصَى إِلَيْهِمْ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا ) قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبُو الْعَالِيَةِ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
وَالضَّحَّاكُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ : الْجَنَفُ : الْخَطَأُ . وَهَذَا يَشْمَلُ أَنْوَاعَ الْخَطَأِ كُلَّهَا ، بِأَنْ زَادَ وَارِثًا بِوَاسِطَةٍ أَوْ وَسِيلَةٍ ، كَمَا إِذَا أَوْصَى بِبَيْعِهِ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ مُحَابَاةً ، أَوْ أَوْصَى لِابْنِ ابْنَتِهِ لِيَزِيدَهَا ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْوَسَائِلِ ، إِمَّا مُخْطِئًا غَيْرَ عَامِدٍ ، بَلْ بِطَبْعِهِ وَقُوَّةِ شَفَقَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَبَصُّرٍ ، أَوْ مُتَعَمِّدًا آثِمًا فِي ذَلِكَ ، فَلِلْوَصِيِّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَنْ يُصْلِحَ الْقَضِيَّةَ وَيُعَدِّلَ فِي الْوَصِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ . وَيَعْدِلَ عَنِ الذِي أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ إِلَى مَا هُوَ أَقْرَبُ الْأَشْيَاءِ إِلَيْهِ وَأَشْبَهُ الْأُمُورِ بِهِ جَمْعًا بَيْنَ مَقْصُودِ الْمُوصِي
[ ص: 496 ] وَالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ . وَهَذَا الْإِصْلَاحُ وَالتَّوْفِيقُ لَيْسَ مِنَ التَّبْدِيلِ فِي شَيْءٍ . وَلِهَذَا عَطَفَ هَذَا فَبَيَّنَهُ عَلَى النَّهْيِ لِذَلِكَ ، لِيُعْلَمَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ بِسَبِيلٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ قَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا
الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ ، قِرَاءَةً ، أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنِ
الْأَوْزَاعِيِّ ، قَالَ
الزُّهْرِيُّ : حَدَّثَنِي
عُرْوَةُ ، عَنْ
عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824357 " يُرَدُّ مِنْ صَدَقَةِ الْحَائِفِ فِي حَيَاتِهِ مَا يُرَدُّ مِنْ وَصِيَّةِ الْمُجْنِفِ عِنْدَ مَوْتِهِ " .
وَهَكَذَا رَوَاهُ
أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ ، مِنْ حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ ، بِهِ .
قَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : وَقَدْ أَخْطَأَ فِيهِ
الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ . وَهَذَا الْكَلَامُ إِنَّمَا هُوَ عَنْ
عُرْوَةَ فَقَطْ . وَقَدْ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15500الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنِ
الْأَوْزَاعِيِّ ، فَلَمْ يُجَاوِزْ بِهِ
عُرْوَةَ .
وَقَالَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ أَيْضًا : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا
هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنَا
عُمَرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15854دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820423 " nindex.php?page=treesubj&link=9176الْحَيْفُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ " .
وَهَذَا فِي رَفْعِهِ أَيْضًا نَظَرٌ . وَأَحْسَنُ مَا وَرَدَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا قَالَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ :
حَدَّثَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16128شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820424 " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْخَيْرِ سَبْعِينَ سَنَةً ، فَإِذَا أَوْصَى حَافٍ فِي وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِشَرِّ عَمَلِهِ ، فَيَدْخُلُ النَّارَ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الشَّرِّ سَبْعِينَ سَنَةً ، فَيَعْدِلُ فِي وَصِيَّتِهِ ، فَيُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرِ عَمَلِهِ ، فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ " . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ : اقْرَأُوا إِنْ شِئْتُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ) [ الْبَقَرَةِ : 229 ] .