[ ص: 24 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=29028_29497_28902_30200اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ( 20 )
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=21سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ( 21 ) )
يقول تعالى موهنا أمر الحياة الدنيا ومحقرا لها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد ) أي : إنما حاصل أمرها عند أهلها هذا ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=14زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ) [ آل عمران : 14 ]
ثم ضرب تعالى
nindex.php?page=treesubj&link=29497_30200مثل الحياة الدنيا في أنها زهرة فانية ونعمة زائلة فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20كمثل غيث ) وهو : المطر الذي يأتي بعد قنوط الناس ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته ) [ الشورى : 28 ]
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20أعجب الكفار نباته ) أي : يعجب الزراع نبات ذلك الزرع الذي نبت بالغيث ; وكما يعجب الزراع ذلك كذلك تعجب الحياة الدنيا الكفار ، فإنهم أحرص شيء عليها ، وأميل الناس إليها ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما ) أي : يهيج ذلك الزرع فتراه مصفرا بعد ما كان خضرا نضرا ، ثم يكون بعد ذلك كله حطاما ، أي : يصير يبسا متحطما ، هكذا الحياة الدنيا تكون أولا شابة ، ثم تكتهل ، ثم تكون عجوزا شوهاء ، والإنسان كذلك في أول عمره وعنفوان شبابه غضا طريا لين الأعطاف ، بهي المنظر ، ثم إنه يشرع في الكهولة ، فتتغير طباعه وينفد بعض قواه ، ثم يكبر فيصير شيخا كبيرا ، ضعيف القوى ، قليل الحركة ، يعجزه الشيء اليسير ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=54الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير ) [ الروم : 54 ] . ولما كان هذا المثل دالا على زوال الدنيا وانقضائها وفراغها لا محالة ، وأن الآخرة كائنة لا محالة ، حذر من أمرها ورغب فيما فيها من الخير ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) أي : وليس في الآخرة الآتية القريبة إلا إما هذا وإما هذا : إما عذاب شديد ، وإما مغفرة من الله ورضوان .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) أي : هي متاع فان غار لمن ركن إليه فإنه يغتر
[ ص: 25 ] بها وتعجبه حتى يعتقد أنه لا دار سواها ولا معاد وراءها ، وهي حقيرة قليلة بالنسبة إلى الدار الآخرة .
قال
ابن جرير : حدثنا
علي ابن حرب الموصلي ، حدثنا
المحاربي ، حدثنا
محمد بن عمرو ، عن
أبي سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822992موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها . اقرءوا : ( nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور )
وهذا الحديث ثابت في الصحيح بدون هذه الزيادة والله أعلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
ابن نمير ،
nindex.php?page=showalam&ids=17277ووكيع ، كلاهما عن
الأعمش ، عن
شقيق ، عن
عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822993للجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله ، والنار مثل ذلك " .
انفرد بإخراجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " الرقاق " ، من حديث
الثوري ، عن
الأعمش به
ففي هذا الحديث دليل على اقتراب الخير والشر من الإنسان ، وإذا كان الأمر كذلك ; فلهذا حثه الله على المبادرة إلى الخيرات ، من فعل الطاعات ، وترك المحرمات ، التي تكفر عنه الذنوب والزلات ، وتحصل له الثواب والدرجات ، فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=21nindex.php?page=treesubj&link=29028_30494سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) والمراد جنس السماء والأرض ، كما قال في الآية الأخرى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ) [ آل عمران : 133 ] . وقال ها هنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=21أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) أي : هذا الذي أهلهم الله له هو من فضله ومنه عليهم وإحسانه إليهم ، كما قدمنا في الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822994أن فقراء المهاجرين قالوا : يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم . قال : " وما ذاك ؟ " . قالوا : يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون ولا نتصدق ، ويعتقون ولا نعتق . قال : " أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم ، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم : تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين " . قال : فرجعوا فقالوا : سمع إخواننا أهل الأموال ما فعلنا ، ففعلوا مثله ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء "
[ ص: 24 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=29028_29497_28902_30200اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ( 20 )
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=21سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ( 21 ) )
يَقُولُ تَعَالَى مُوهِنًا أَمْرَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمُحَقِّرًا لَهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ) أَيْ : إِنَّمَا حَاصِلُ أَمْرِهَا عِنْدَ أَهْلِهَا هَذَا ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=14زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 14 ]
ثُمَّ ضَرَبَ تَعَالَى
nindex.php?page=treesubj&link=29497_30200مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي أَنَّهَا زَهْرَةٌ فَانِيَةٌ وَنِعْمَةٌ زَائِلَةٌ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20كَمَثَلِ غَيْثٍ ) وَهُوَ : الْمَطَرُ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ قُنُوطِ النَّاسِ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ ) [ الشُّورَى : 28 ]
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ) أَيْ : يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ نَبَاتُ ذَلِكَ الزَّرْعِ الَّذِي نَبَتَ بِالْغَيْثِ ; وَكَمَا يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ ذَلِكَ كَذَلِكَ تُعْجِبُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا الْكُفَّارَ ، فَإِنَّهُمْ أَحْرَصُ شَيْءٍ عَلَيْهَا ، وَأَمْيَلُ النَّاسِ إِلَيْهَا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ) أَيْ : يَهِيجُ ذَلِكَ الزَّرْعُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا بَعْدَ مَا كَانَ خَضِرًا نَضِرًا ، ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ كُلُّهُ حُطَامًا ، أَيْ : يَصِيرُ يَبِسًا مُتَحَطِّمًا ، هَكَذَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا تَكُونُ أَوَّلًا شَابَّةً ، ثُمَّ تَكْتَهِلُ ، ثُمَّ تَكُونُ عَجُوزًا شَوْهَاءَ ، وَالْإِنْسَانُ كَذَلِكَ فِي أَوَّلِ عُمْرِهِ وَعُنْفُوَانِ شَبَابِهِ غَضًّا طَرِيًّا لَيِّنَ الْأَعْطَافِ ، بَهِيَّ الْمَنْظَرِ ، ثُمَّ إِنَّهُ يَشْرَعُ فِي الْكُهُولَةِ ، فَتَتَغَيَّرُ طِبَاعُهُ وَيَنْفَدُ بَعْضُ قُوَاهُ ، ثُمَّ يَكْبَرُ فَيَصِيرُ شَيْخًا كَبِيرًا ، ضَعِيفَ الْقُوَى ، قَلِيلَ الْحَرَكَةِ ، يُعْجِزُهُ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=54اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ) [ الرُّومِ : 54 ] . وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْمَثَلُ دَالًّا عَلَى زَوَالِ الدُّنْيَا وَانْقِضَائِهَا وَفَرَاغِهَا لَا مَحَالَةَ ، وَأَنَّ الْآخِرَةَ كَائِنَةٌ لَا مَحَالَةَ ، حَذَّرَ مِنْ أَمْرِهَا وَرَغَّبَ فِيمَا فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) أَيْ : وَلَيْسَ فِي الْآخِرَةِ الْآتِيَةِ الْقَرِيبَةِ إِلَّا إِمَّا هَذَا وَإِمَّا هَذَا : إِمَّا عَذَابٌ شَدِيدٌ ، وَإِمَّا مَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) أَيْ : هِيَ مَتَاعٌ فَانٍ غَارٌّ لِمَنْ رَكَنَ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يَغْتَرُّ
[ ص: 25 ] بِهَا وَتُعْجِبُهُ حَتَّى يَعْتَقِدَ أَنَّهُ لَا دَارَ سِوَاهَا وَلَا مَعَادَ وَرَاءَهَا ، وَهِيَ حَقِيرَةٌ قَلِيلَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ .
قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا
عَلَيُّ ابْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيُّ ، حَدَّثَنَا
الْمُحَارِبِيُّ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822992مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا . اقْرَءُوا : ( nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ )
وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
ابْنُ نُمَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَوَكِيعٌ ، كِلَاهُمَا عَنِ
الْأَعْمَشِ ، عَنْ
شَقِيقٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822993لَلْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ " .
انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي " الرِّقَاقِ " ، مِنْ حَدِيثِ
الثَّوْرِيِّ ، عَنِ
الْأَعْمَشِ بِهِ
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اقْتِرَابِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ مِنَ الْإِنْسَانِ ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ; فَلِهَذَا حَثَّهُ اللَّهُ عَلَى الْمُبَادَرَةِ إِلَى الْخَيْرَاتِ ، مِنْ فِعْلِ الطَّاعَاتِ ، وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ ، الَّتِي تُكَفِّرُ عَنْهُ الذُّنُوبَ وَالزَّلَّاتِ ، وَتُحَصِّلُ لَهُ الثَّوَابَ وَالدَّرَجَاتِ ، فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=21nindex.php?page=treesubj&link=29028_30494سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) وَالْمُرَادُ جِنْسُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 133 ] . وَقَالَ هَا هُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=21أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) أَيْ : هَذَا الَّذِي أَهَّلَهُمُ اللَّهُ لَهُ هُوَ مِنْ فَضْلِهِ وَمَنِّهِ عَلَيْهِمْ وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ ، كَمَا قَدَّمْنَا فِي الصَّحِيحِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822994أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ . قَالَ : " وَمَا ذَاكَ ؟ " . قَالُوا : يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي ، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نَتَصَدَّقُ ، وَيُعْتِقُونَ وَلَا نُعْتِقُ . قَالَ : " أَفَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ سَبَقْتُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ ، وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ : تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ " . قَالَ : فَرَجَعُوا فَقَالُوا : سَمِعَ إِخْوَانُنَا أَهْلُ الْأَمْوَالِ مَا فَعَلْنَا ، فَفَعَلُوا مِثْلَهُ ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ "