(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون ( 98 )
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون ( 99 ) ) .
يقول تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98nindex.php?page=treesubj&link=28977_31808_29426وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة ) يعني :
آدم عليه السلام ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ) [ النساء : 1 ] .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98فمستقر ) اختلفوا في معنى ذلك ، فعن
ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12067وأبي عبد الرحمن السلمي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16834وقيس بن أبي حازم ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ،
والضحاك وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98فمستقر ) أي : في الأرحام قالوا - أو : أكثرهم - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98ومستودع ) أي : في الأصلاب .
وعن
ابن مسعود وطائفة عكس ذلك . وعن
ابن مسعود أيضا وطائفة : فمستقر في الدنيا ،
[ ص: 306 ] ومستودع حيث يموت . وقال
سعيد بن جبير : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98فمستقر ) في الأرحام وعلى ظهر الأرض ، وحيث يموت . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : المستقر الذي قد مات فاستقر به عمله . وعن
ابن مسعود : ومستودع في الدار الآخرة .
والقول الأول هو الأظهر ، والله أعلم .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون ) أي : يفهمون ويعون كلام الله ومعناه .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99وهو الذي أنزل من السماء ماء ) أي بقدر مباركا ، رزقا للعباد وغياثا للخلائق ، رحمة من الله لخلقه (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99فأخرجنا به نبات كل شيء ) كما قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=30وجعلنا من الماء كل شيء حي ) [ الأنبياء : 30 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99فأخرجنا منه خضرا ) أي : زرعا وشجرا أخضر ، ثم بعد ذلك يخلق فيه الحب والثمر; ولهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99نخرج منه حبا متراكبا ) أي : يركب بعضه بعضا ، كالسنابل ونحوها (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99ومن النخل من طلعها قنوان ) أي : جمع قنو وهي عذوق الرطب ) دانية ) أي : قريبة من المتناول ، كما قال
علي بن أبي طلحة الوالبي ، عن
ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99قنوان دانية ) يعني بالقنوان الدانية : قصار النخل اللاصقة عذوقها بالأرض . رواه
ابن جرير .
قال
ابن جرير :
وأهل الحجاز يقولون : قنوان ،
وقيس يقولون : قنوان ، وقال
امرؤ القيس :
فأثت أعاليه وآدت أصوله ومال بقنوان من البسر أحمرا
قال :
وتميم يقولون قنيان بالياء - قال : وهي جمع قنو ، كما أن ( صنوان ) جمع صنو .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99وجنات من أعناب ) أي : ونخرج منه جنات من أعناب ، وهذان النوعان هما أشرف عند
أهل الحجاز ، وربما كانا خيار الثمار في الدنيا ، كما امتن تعالى بهما على عباده ، في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=67ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ) [ النحل : 67 ] ، وكان ذلك قبل تحريم الخمر .
وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=34وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب ) [ يس : 34 ] .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه ) قال
قتادة وغيره : يتشابه في الورق ، قريب الشكل بعضه من بعض ، ويتخالف في الثمار شكلا وطعما وطبعا .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه ) أي : نضجه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
وقتادة ، وغيرهم . أي : فكروا في قدرة خالقه من العدم إلى الوجود ، بعد أن كان حطبا صار عنبا ورطبا وغير ذلك ، مما خلق تعالى من الألوان والأشكال والطعوم والروائح ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=4وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون )
[ ص: 307 ] [ الرعد : 4 ] ولهذا قال هاهنا (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99إن في ذلكم لآيات ) أي : دلالات على كمال قدرة خالق هذه الأشياء وحكمته ورحمته (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99لقوم يؤمنون ) أي : يصدقون به ، ويتبعون رسله .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون ( 100 ) ) .
هذا رد على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره ، وأشركوا في عبادة الله أن عبدوا الجن ، فجعلوهم شركاء الله في العبادة ، تعالى الله عن شركهم وكفرهم .
فإن قيل : فكيف عبدت الجن وإنما كانوا يعبدون الأصنام؟ فالجواب : أنهم إنما عبدوا الأصنام عن طاعة الجن وأمرهم إياهم بذلك ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ) [ النساء : 117 - 120 ] ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ) [ الكهف : 50 ] ، وقال إبراهيم لأبيه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=44يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا ) [ مريم : 44 ] ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=60ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ) [ يس : 60 ، 61 ] ، وتقول الملائكة يوم القيامة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=41سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون ) [ سبأ : 41 ] ، ولهذا قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم ) أي : وقد خلقهم ، فهو الخالق وحده لا شريك له ، فكيف يعبد معه غيره ، كما قال
إبراهيم عليه السلام (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=95أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون ) [ الصافات : 95 ، 96 ] .
ومعنى الآية : أنه سبحانه وتعالى هو المستقل بالخلق وحده; فلهذا يجب أن يفرد بالعبادة وحده لا شريك له .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وخرقوا له بنين وبنات بغير علم ) ينبه به تعالى على
nindex.php?page=treesubj&link=20417_29434_29705ضلال من ضل في وصفه تعالى بأن له ولدا ، كما يزعم من قاله من اليهود في
العزير ، ومن قال من النصارى في
المسيح وكما قال المشركون من العرب في الملائكة : إنها بنات الله ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .
ومعنى قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وخرقوا ) أي : واختلقوا وائتفكوا ، وتخرصوا وكذبوا ، كما قاله علماء السلف . قال
علي بن أبي طلحة عن
ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وخرقوا ) يعني : أنهم تخرصوا .
[ ص: 308 ] وقال
العوفي عنه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وخرقوا له بنين وبنات بغير علم ) قال : جعلوا له بنين وبنات . وقال
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وخرقوا له بنين وبنات ) قال : كذبوا . وكذا قال
الحسن . وقال
الضحاك : وضعوا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : قطعوا .
قال
ابن جرير : فتأويل الكلام إذا : وجعلوا لله الجن شركاء في عبادتهم إياه ، وهو المنفرد بخلقهم بغير شريك ولا ظهير (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وخرقوا له بنين وبنات ) يقول : وتخرصوا لله كذبا ، فافتعلوا له بنين وبنات بغير علم بحقيقة ما يقولون ، ولكن جهلا بالله وبعظمته ، وأنه لا ينبغي إن كان إلها أن يكون له بنون وبنات ولا صاحبة ، ولا أن يشركه في خلقه شريك .
ولهذا قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100سبحانه وتعالى عما يصفون ) أي : تقدس وتنزه وتعاظم عما يصفه هؤلاء الجهلة الضالون من الأولاد والأنداد ، والنظراء والشركاء .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ( 98 )
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( 99 ) ) .
يَقُولُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98nindex.php?page=treesubj&link=28977_31808_29426وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ) يَعْنِي :
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ) [ النِّسَاءِ : 1 ] .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98فَمُسْتَقَرٌّ ) اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى ذَلِكَ ، فَعَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12067وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16834وَقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمُجَاهِدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ،
وَالضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98فَمُسْتَقَرٌّ ) أَيْ : فِي الْأَرْحَامِ قَالُوا - أَوْ : أَكْثَرُهُمْ - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98وَمُسْتَوْدَعٌ ) أَيْ : فِي الْأَصْلَابِ .
وَعَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ وَطَائِفَةٍ عَكْسُ ذَلِكَ . وَعَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا وَطَائِفَةٍ : فَمُسْتَقَرٌّ فِي الدُّنْيَا ،
[ ص: 306 ] وَمُسْتَوْدَعٌ حَيْثُ يَمُوتُ . وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98فَمُسْتَقَرٌّ ) فِي الْأَرْحَامِ وَعَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ ، وَحَيْثُ يَمُوتُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : الْمُسْتَقَرُّ الَّذِي قَدْ مَاتَ فَاسْتَقَرَّ بِهِ عَمَلُهُ . وَعَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ : وَمُسْتَوْدَعٌ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ .
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الْأَظْهَرُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=98قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ) أَيْ : يَفْهَمُونَ وَيَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ وَمَعْنَاهُ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ) أَيْ بِقَدَرٍ مُبَارَكًا ، رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَغِيَاثًا لِلْخَلَائِقِ ، رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ لِخَلْقِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ ) كَمَا قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=30وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 30 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا ) أَيْ : زَرْعًا وَشَجَرًا أَخْضَرَ ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَخْلُقُ فِيهِ الْحَبَّ وَالثَّمَرَ; وَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا ) أَيْ : يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا ، كَالسَّنَابِلِ وَنَحْوِهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ ) أَيْ : جَمْعُ قِنْوٍ وَهِيَ عُذُوقُ الرُّطَبِ ) دَانِيَةٌ ) أَيْ : قَرِيبَةٌ مِنَ الْمُتَنَاوَلِ ، كَمَا قَالَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْوَالِبِيُّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ ) يَعْنِي بِالْقِنْوَانِ الدَّانِيَةِ : قِصَارَ النَّخْلِ اللَّاصِقَةِ عُذُوقُهَا بِالْأَرْضِ . رَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ .
قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ :
وَأَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ : قِنْوَانٌ ،
وَقَيْسٌ يَقُولُونَ : قُنْوَانٌ ، وَقَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
فَأَثَّتْ أَعَالِيهِ وَآدَتْ أُصُولُهُ ومَالَ بقِنْوَانٍ مِنَ الْبُسْرِ أَحْمَرَا
قَالَ :
وَتَمِيمٌ يَقُولُونَ قِنْيَانٌ بِالْيَاءِ - قَالَ : وَهِيَ جَمْعُ قِنْوٍ ، كَمَا أَنَّ ( صِنْوَانٌ ) جَمْعُ صِنْوٍ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ ) أَيْ : وَنُخْرِجُ مِنْهُ جَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ ، وَهَذَانِ النَّوْعَانِ هُمَا أَشْرَفُ عِنْدَ
أَهْلِ الْحِجَازِ ، وَرُبَّمَا كَانَا خِيَارَ الثِّمَارِ فِي الدُّنْيَا ، كَمَا امْتَنَّ تَعَالَى بِهِمَا عَلَى عِبَادِهِ ، فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=67وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ) [ النَّحْلِ : 67 ] ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ .
وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=34وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ ) [ يس : 34 ] .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ) قَالَ
قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ : يَتَشَابَهُ فِي الْوَرَقِ ، قَرِيبُ الشَّكْلِ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ ، وَيَتَخَالَفُ فِي الثِّمَارِ شَكْلًا وَطَعْمًا وَطَبْعًا .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ ) أَيْ : نُضْجِهِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=48الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَالضَّحَّاكُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ ،
وَقَتَادَةُ ، وَغَيْرُهُمْ . أَيْ : فَكِّرُوا فِي قُدْرَةِ خَالِقِهِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ ، بَعْدَ أَنْ كَانَ حَطَبًا صَارَ عِنَبًا وَرُطَبًا وَغَيْرَ ذَلِكَ ، مِمَّا خَلَقَ تَعَالَى مِنَ الْأَلْوَانِ وَالْأَشْكَالِ وَالطُّعُومِ وَالرَّوَائِحِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=4وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لِآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )
[ ص: 307 ] [ الرَّعْدِ : 4 ] وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ ) أَيْ : دَلَالَاتٍ عَلَى كَمَالِ قُدْرَةِ خَالِقِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=99لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) أَيْ : يُصَدِّقُونَ بِهِ ، وَيَتَّبِعُونَ رُسُلَهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ ( 100 ) ) .
هَذَا رَدٌّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ عَبَدُوا مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ ، وَأَشْرَكُوا فِي عِبَادَةِ اللَّهِ أَنْ عَبَدُوا الْجِنَّ ، فَجَعَلُوهُمْ شُرَكَاءَ اللَّهِ فِي الْعِبَادَةِ ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ شِرْكِهِمْ وَكُفْرِهِمْ .
فَإِنْ قِيلَ : فَكَيْفَ عُبِدَتِ الْجِنُّ وَإِنَّمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ؟ فَالْجَوَابُ : أَنَّهُمْ إِنَّمَا عَبَدُوا الْأَصْنَامَ عَنْ طَاعَةِ الْجِنِّ وَأَمْرِهِمْ إِيَّاهُمْ بِذَلِكَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ) [ النِّسَاءِ : 117 - 120 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=50أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ) [ الْكَهْفِ : 50 ] ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=44يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا ) [ مَرْيَمَ : 44 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=60أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ) [ يس : 60 ، 61 ] ، وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=41سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ ) [ سَبَأٍ : 41 ] ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ) أَيْ : وَقَدْ خَلَقَهُمْ ، فَهُوَ الْخَالِقُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، فَكَيْفَ يُعْبَدُ مَعَهُ غَيْرُهُ ، كَمَا قَالَ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=95أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) [ الصَّافَّاتِ : 95 ، 96 ] .
وَمَعْنَى الْآيَةِ : أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْمُسْتَقِلُّ بِالْخَلْقِ وَحْدَهُ; فَلِهَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْرَدَ بِالْعِبَادَةِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) يُنَبِّهُ بِهِ تَعَالَى عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=20417_29434_29705ضَلَالِ مَنْ ضَلَّ فِي وَصْفِهِ تَعَالَى بِأَنَّ لَهُ وَلَدًا ، كَمَا يَزْعُمُ مَنْ قَالَهُ مِنَ الْيَهُودِ فِي
الْعُزَيْرِ ، وَمَنْ قَالَ مِنَ النَّصَارَى فِي
الْمَسِيحِ وَكَمَا قَالَ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْعَرَبِ فِي الْمَلَائِكَةِ : إِنَّهَا بَنَاتُ اللَّهِ ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وَخَرَقُوا ) أَيْ : وَاخْتَلَقُوا وَائْتَفَكُوا ، وَتَخَرَّصُوا وَكَذَّبُوا ، كَمَا قَالَهُ عُلَمَاءُ السَّلَفِ . قَالَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وَخَرَقُوا ) يَعْنِي : أَنَّهُمْ تَخَرَّصُوا .
[ ص: 308 ] وَقَالَ
الْعَوْفِيُّ عَنْهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) قَالَ : جَعَلُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ ) قَالَ : كَذَبُوا . وَكَذَا قَالَ
الْحَسَنُ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : وَضَعُوا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : قَطَعُوا .
قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذًا : وَجَعَلُوا لِلَّهِ الْجِنَّ شُرَكَاءَ فِي عِبَادَتِهِمْ إِيَّاهُ ، وَهُوَ الْمُنْفَرِدُ بِخَلْقِهِمْ بِغَيْرِ شَرِيكٍ وَلَا ظَهِيرٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ ) يَقُولُ : وَتَخَرَّصُوا لِلَّهِ كَذِبًا ، فَافْتَعَلُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ بِحَقِيقَةِ مَا يَقُولُونَ ، وَلَكِنْ جَهْلًا بِاللَّهِ وَبِعَظَمَتِهِ ، وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي إِنْ كَانَ إِلَهًا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَنُونَ وَبَنَاتٌ وَلَا صَاحِبَةٌ ، وَلَا أَنْ يُشْرِكَهُ فِي خَلْقِهِ شَرِيكٌ .
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ ) أَيْ : تَقَدَّسَ وَتَنَزَّهَ وَتَعَاظَمَ عَمَّا يَصِفُهُ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَةُ الضَّالُّونَ مِنَ الْأَوْلَادِ وَالْأَنْدَادِ ، وَالنُّظَرَاءِ وَالشُّرَكَاءِ .