( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون ( 160 ) ) .
وهذه الآية الكريمة مفصلة لما أجمل في الآية الأخرى ، وهي قوله : ( من جاء بالحسنة فله خير منها ) [ النمل : 89 ] ، وقد وردت الأحاديث مطابقة لهذه الآية ، كما قال الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله :
حدثنا عفان ، حدثنا جعفر بن سليمان ، حدثنا الجعد أبو عثمان ، عن ، عن أبي رجاء العطاردي ابن عباس ، رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما يروي عن ربه ، عز وجل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " إن ربكم عز وجل رحيم ، من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشرا إلى سبعمائة ، إلى أضعاف كثيرة . ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له واحدة ، أو يمحوها الله ، عز وجل ، ولا يهلك على الله إلا هالك
ورواه البخاري ، ومسلم ، من حديث والنسائي ، الجعد بن أبي عثمان ، به .
وقال أيضا : حدثنا الإمام أحمد معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " يقول الله ، عز وجل : من عمل حسنة فله عشر أمثالها وأزيد . ومن عمل سيئة فجزاؤها مثلها أو أغفر . ومن عمل قراب الأرض خطيئة ثم لقيني لا يشرك بي شيئا جعلت له مثلها مغفرة . ومن اقترب إلي شبرا اقتربت إليه ذراعا ، ومن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة
ورواه مسلم عن أبي كريب ، عن أبي معاوية ، به . وعن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن عن وكيع ، الأعمش ، به . ورواه ابن ماجه ، عن ، عن علي بن محمد الطنافسي به . وكيع ،
وقال : حدثنا الحافظ أبو يعلى الموصلي شيبان ، حدثنا حماد ، حدثنا ثابت ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " . ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب عليه شيء ، فإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشرا "
واعلم أن : تارة يتركها لله عز وجل فهذا تكتب له حسنة على كفه عنها لله تعالى ، وهذا عمل ونية; ولهذا جاء أنه يكتب له حسنة ، كما جاء [ ص: 379 ] في بعض ألفاظ الصحيح : " تارك السيئة الذي لا يعملها على ثلاثة أقسام " أي : من أجلي . وتارة يتركها نسيانا وذهولا عنها ، فهذا لا له ولا عليه; لأنه لم ينو خيرا ولا فعل شرا . وتارة يتركها عجزا وكسلا بعد السعي في أسبابها والتلبس بما يقرب منها ، فهذا يتنزل منزلة فاعلها ، كما جاء في الحديث ، في الصحيحين : " فإنما تركها من جرائي " إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار " قالوا : يا رسول الله ، هذا القاتل ، فما بال المقتول؟ قال : " إنه كان حريصا على قتل صاحبه
قال : حدثنا الإمام أبو يعلى الموصلي مجاهد بن موسى ، حدثنا علي - وحدثنا الحسن بن الصباح - قالا حدثنا وأبو خيثمة إسحاق بن سليمان ، كلاهما عن موسى بن عبيدة ، عن أبي بكر بن عبيد الله بن أنس ، عن جده أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " من هم بحسنة كتب الله له حسنة ، فإن عملها كتبت له عشرا . ومن هم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها ، فإن عملها كتبت عليه سيئة ، فإن تركها كتبت له حسنة . يقول الله تعالى : إنما تركها من مخافتي
هذا لفظ حديث . مجاهد - يعني ابن موسى
وقال : حدثنا الإمام أحمد عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن ، عن الركين بن الربيع ، عن أبيه ، عن عمه فلان بن عميلة ، عن خريم بن فاتك الأسدي ; أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " " الناس أربعة ، والأعمال ستة . فالناس موسع له في الدنيا والآخرة ، وموسع له في الدنيا مقتور عليه في الآخرة ، ومقتور عليه في الدنيا موسع له في الآخرة ، وشقي في الدنيا والآخرة . والأعمال موجبتان ، ومثل بمثل ، وعشرة أضعاف ، وسبعمائة ضعف; فالموجبتان من مات مسلما مؤمنا لا يشرك بالله شيئا وجبت له الجنة ، ومن مات كافرا وجبت له النار . ومن هم بحسنة فلم يعملها ، فعلم الله أنه قد أشعرها قلبه وحرص عليها ، كتبت له حسنة . ومن هم بسيئة لم تكتب عليه ، ومن عملها كتبت واحدة ولم تضاعف عليه . ومن عمل حسنة كانت عليه بعشرة أمثالها . ومن أنفق نفقة في سبيل الله ، عز وجل ، كانت له بسبعمائة ضعف
ورواه الترمذي من حديث والنسائي ، الركين بن الربيع ، عن أبيه ، عن بشير بن عميلة ، عن خريم بن فاتك ، به ببعضه . والله أعلم .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، حدثنا ، [ ص: 380 ] حدثنا يزيد بن زريع حبيب المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) . يحضر الجمعة ثلاثة نفر : رجل حضرها بلغو فهو حظه منها ، ورجل حضرها بدعاء ، فهو رجل دعا الله ، فإن شاء أعطاه ، وإن شاء منعه ، ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم ولم يؤذ أحدا ، فهي كفارة له إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام; وذلك لأن الله يقول : (
وقال : حدثنا الحافظ أبو القاسم الطبراني هاشم بن مرثد ، حدثنا ، حدثني أبي ، حدثني محمد بن إسماعيل ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وذلك لأن الله تعالى قال : ( الجمعة كفارة لما بينها وبين الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام; من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) .
وعن أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " من صام ثلاثة أيام من كل شهر فقد صام الدهر كله
رواه - وهذا لفظه - الإمام أحمد والنسائي ، ، وابن ماجه وزاد : " والترمذي من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) اليوم بعشرة أيام " ، ثم قال : هذا حديث حسن . فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه : (
وقال ابن مسعود : ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) من جاء ب " لا إله إلا الله " ، ( ومن جاء بالسيئة ) يقول : بالشرك .
وهكذا ورد عن جماعة من السلف .
وقد ورد فيه حديث مرفوع - الله أعلم بصحته ، لكني لم أره من وجه يثبت - والأحاديث والآثار في هذا كثيرة جدا ، وفيما ذكر كفاية ، إن شاء الله ، وبه الثقة .