[ ص: 99 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=74nindex.php?page=treesubj&link=28979_29675_29680والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم ( 74 )
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم ( 75 ) )
لما ذكر تعالى حكم المؤمنين في الدنيا ، عطف بذكر ما لهم في الآخرة ، فأخبر عنهم بحقيقة الإيمان ، كما تقدم في أول السورة ، وأنه سيجازيهم بالمغفرة والصفح عن ذنوب إن كانت ، وبالرزق الكريم وهو الحسن الكثير الطيب الشريف ، دائم مستمر أبدا لا ينقطع ولا ينقضي ، ولا يسأم ولا يمل لحسنه وتنوعه .
ثم ذكر أن الأتباع لهم في الدنيا على ما كانوا عليه من الإيمان والعمل الصالح فهم معهم في الآخرة كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=100والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار ) الآية [ التوبة : 100 ] ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=10والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم ) [ الحشر : 10 ] وفي الحديث المتفق عليه ، بل المتواتر من طرق صحيحة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821436المرء مع من أحب ، وفي الحديث الآخر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821527من أحب قوما حشر معهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
شريك ، عن
عاصم ، عن
أبي وائل ، عن
جرير قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821520المهاجرون والأنصار أولياء بعضهم لبعض ، والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض إلى يوم القيامة . قال
شريك : فحدثنا
الأعمش ، عن
تميم بن سلمة ، عن
عبد الرحمن بن هلال ، عن
جرير ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله .
تفرد به
أحمد من هذين الوجهين .
وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75nindex.php?page=treesubj&link=13854وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) أي : في حكم الله ، وليس المراد بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75وأولوا الأرحام ) خصوصية ما يطلقه علماء الفرائض على القرابة الذين لا فرض لهم ولا هم عصبة ، بل يدلون بوارث ، كالخالة ، والخال ، والعمة ، وأولاد البنات ، وأولاد الأخوات ، ونحوهم ، كما قد يزعمه بعضهم ويحتج بالآية ، ويعتقد ذلك صريحا في المسألة ، بل الحق أن الآية
[ ص: 100 ] عامة تشمل جميع القرابات . كما نص
ابن عباس ،
ومجاهد ،
وعكرمة ،
والحسن ،
وقتادة وغير واحد : على أنها ناسخة للإرث بالحلف والإخاء اللذين كانوا يتوارثون بهما أو لا وعلى هذا فتشمل ذوي الأرحام بالاسم الخاص . ومن لم يورثهم يحتج بأدلة من أقواها حديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501004إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث ، قالوا : فلو كان ذا حق لكان له فرض في كتاب الله مسمى ، فلما لم يكن كذلك لم يكن وارثا ، والله أعلم .
آخر [ تفسير ] سورة " الأنفال " ، ولله الحمد والمنة ، وعليه [ الثقة و ] التكلان وهو حسبنا ونعم الوكيل .
[ ص: 99 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=74nindex.php?page=treesubj&link=28979_29675_29680وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ( 74 )
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ( 75 ) )
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى حُكْمَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا ، عَطَفَ بِذِكْرِ مَا لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ، فَأَخْبَرَ عَنْهُمْ بِحَقِيقَةِ الْإِيمَانِ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ ، وَأَنَّهُ سَيُجَازِيهِمْ بِالْمَغْفِرَةِ وَالصَّفْحِ عَنْ ذُنُوبٍ إِنْ كَانَتْ ، وَبِالرِّزْقِ الْكَرِيمِ وَهُوَ الْحَسَنُ الْكَثِيرُ الطَّيِّبُ الشَّرِيفُ ، دَائِمٌ مُسْتَمِرٌّ أَبَدًا لَا يَنْقَطِعُ وَلَا يَنْقَضِي ، وَلَا يُسْأَمُ وَلَا يُمَلُّ لِحُسْنِهِ وَتَنَوُّعِهِ .
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْأَتْبَاعَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ فَهُمْ مَعَهُمْ فِي الْآخِرَةِ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=100وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ ) الْآيَةَ [ التَّوْبَةِ : 100 ] ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=10وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) [ الْحَشْرِ : 10 ] وَفِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفِقِ عَلَيْهِ ، بَلِ الْمُتَوَاتِرِ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821436الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821527مَنْ أَحَبَّ قَوْمًا حُشِرَ مَعَهُمْ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٌ ، عَنْ
شَرِيكٍ ، عَنْ
عَاصِمٍ ، عَنْ
أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ
جَرِيرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821520الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ أَوْلِيَاءٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ، وَالطُّلَقَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْعُتَقَاءُ مِنْ ثَقِيفٍ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . قَالَ
شَرِيكٌ : فَحَدَّثَنَا
الْأَعْمَشُ ، عَنْ
تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلَالٍ ، عَنْ
جَرِيرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ .
تَفَرَّدَ بِهِ
أَحْمَدُ مِنْ هَذَيْنَ الْوَجْهَيْنِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75nindex.php?page=treesubj&link=13854وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ) أَيْ : فِي حُكْمِ اللَّهِ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75وَأُولُوا الْأَرْحَامِ ) خُصُوصِيَّةَ مَا يُطْلِقُهُ عُلَمَاءُ الْفَرَائِضِ عَلَى الْقَرَابَةِ الَّذِينَ لَا فَرْضَ لَهُمْ وَلَا هُمْ عَصَبَةٌ ، بَلْ يُدْلُونَ بِوَارِثٍ ، كَالْخَالَةِ ، وَالْخَالِ ، وَالْعَمَّةِ ، وَأَوْلَادِ الْبَنَاتِ ، وَأَوْلَادِ الْأَخَوَاتِ ، وَنَحْوِهِمْ ، كَمَا قَدْ يَزْعُمُهُ بَعْضُهُمْ وَيَحْتَجُّ بِالْآيَةِ ، وَيَعْتَقِدُ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي الْمَسْأَلَةِ ، بَلِ الْحَقُّ أَنَّ الْآيَةَ
[ ص: 100 ] عَامَّةٌ تَشْمَلُ جَمِيعَ الْقِرَابَاتِ . كَمَا نَصَّ
ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
وَعِكْرِمَةُ ،
وَالْحَسَنُ ،
وقَتَادَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ : عَلَى أَنَّهَا نَاسِخَةٌ لِلْإِرْثِ بِالْحِلْفِ وَالْإِخَاءِ اللَّذَيْنِ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِهِمَا أَوْ لَا وَعَلَى هَذَا فَتَشْمَلُ ذَوِي الْأَرْحَامِ بِالِاسْمِ الْخَاصِّ . وَمَنْ لَمْ يُوَرِّثْهُمْ يَحْتَجُّ بِأَدِلَّةٍ مِنْ أَقْوَاهَا حَدِيثُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501004إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ ، قَالُوا : فَلَوْ كَانَ ذَا حَقٍّ لَكَانَ لَهُ فَرْضٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ مُسَمًّى ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا ، واللَّهُ أَعْلَمُ .
آخِرُ [ تَفْسِيرِ ] سُورَةِ " الْأَنْفَالِ " ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ ، وَعَلَيْهِ [ الثِّقَةُ وَ ] التُّكْلَانُ وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ .