جمال الدين
وزير صاحب الموصل محمد بن علي بن أبي منصور ، أبو جعفر الأصبهاني الملقب بالجواد وزير كان كثير المعروف والصدقات ، وقد أثر آثارا حسنة قطب الدين مودود بن زنكي بمكة والمدينة ; من ذلك أنه ساق عينا إلى عرفات ، وعمل هناك مصانع ، وبنى مسجد عرفات ودرجه وأكمل أبواب [ ص: 412 ] الحرم ، وبنى مسجد الخيف ، وبنى الحجر ، وزخرف الكعبة وذهبها ، وعملها بالرخام ، وبنى على المدينة النبوية سورا ، وبنى جسرا على دجلة عند جزيرة ابن عمر بالحجر المنحوت ، والحديد والرصاص ، وبنى الربط الكثيرة ، وكان يتصدق كل يوم على بابه بمائة دينار ، ويفتدي من الأسارى في كل سنة بعشرة آلاف دينار ، ولا تزال صدقاته وافدة إلى الفقهاء والفقراء ; حيث كانوا من بغداد وغيرها من البلاد ، وقد حبس في سنة ثمان وخمسين ، فذكر ابن الساعي في " تاريخه " عن شخص كان معه في السجن أنه نزل إليه طائر أبيض قبل موته فلم يزل عنده وهو يذكر الله عز وجل حتى توفي في شعبان من هذه السنة ، ثم طار عنه ، ودفن في رباط بناه لنفسه بالموصل ، وقد كان بينه وبين أسد الدين شيركوه بن شاذي مؤاخاة وعهد ، أيهما مات قبل الآخر أن يحمله إلى المدينة النبوية ، فاستأجر له أسد الدين شيركوه رجالا فنقلوه إلى المدينة فما مروا به على بلدة إلا صلوا عليه ، وترحموا عليه ، وأثنوا خيرا ، فصلوا عليه بالموصل وتكريت وبغداد والحلة والكوفة وفيد ومكة ، وطيف به حول الكعبة ، ثم نقل إلى المدينة النبوية فدفن برباط بناه شرقي المسجد النبوي . قال ابن الجوزي وابن الساعي : ليس بينه وبين حرم النبي صلى الله عليه وسلم وقبره سوى خمسة عشر ذراعا . قال ابن الساعي : ولما صلوا عليه بالحلة صعد شاب نشزا فأنشد يقول :
سرى نعشه فوق الرقاب وطالما سرى جوده فوق الركاب ونائله يمر على الوادي فتثني رماله
عليه وبالنادي فتثني أرامله
[ ص: 413 ] ابن الخازن الكاتب
أحمد بن محمد بن الفضل بن عبد الخالق ، أبو الفضل المعروف بابن الخازن ، الكاتب البغدادي الشاعر ، كان يكتب جيدا فائقا ، اعتنى بكتابة الختمات ، وأكثر ابنه أبو الفتح نصر الله من كتابة المقامات ، وجمع لأبيه ديوان شعر أورد منه ابن خلكان قطعة كبيرة .