وفيها معاوية بلاد الروم حتى بلغ المضيق مضيق القسطنطينية ، ومعه زوجته غزا عاتكة - ويقال : فاطمة - بنت قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف . قاله أبو معشر . والواقدي
وفيها استعمل سعيد بن العاص سلمان بن ربيعة على جيش وأمره أن يغزو الباب ، وكتب إلى عبد الرحمن بن ربيعة نائب تلك الناحية بمساعدته ، فسار حتى بلغ بلنجر ، فحصروها ونصبت عليها المجانيق والعرادات . ثم إن أهل بلنجر خرجوا إليهم وعاونهم الترك فاقتتلوا قتالا شديدا - وكانت الترك تهاب قتال المسلمين ويظنون أنهم لا يموتون حتى اجترءوا عليهم بعد ذلك - فلما كان هذا اليوم التقوا معهم ، فاقتتلوا فقتل يومئذ عبد الرحمن بن ربيعة - وكان يقال له : ذو النور - وانهزم المسلمون فافترقوا فرقتين ؛ ففرقة ذهبت على بلاد الخزر ، وفرقة سلكوا ناحية جيلان وجرجان ، وفي هؤلاء أبو هريرة . وأخذت وسلمان الفارسي الترك جسد عبد الرحمن بن ربيعة - وكان من سادات المسلمين وشجعانهم - فدفنوه في بلادهم فهم يستسقون عنده إلى اليوم ، ولما [ ص: 244 ] قتل عبد الرحمن بن ربيعة ، استعمل سعيد بن العاص على ذلك الجيش سلمان بن ربيعة ، وأمدهم عثمان بأهل الشام عليهم حبيب بن مسلمة ، فتنازع حبيب وسلمان في الإمرة حتى اختلفا ، فكان أول اختلاف وقع بين أهل الكوفة وأهل الشام ، حتى قال في ذلك رجل من أهل الكوفة ، وهو أوس :
فإن تضربوا سلمان نضرب حبيبكم وإن ترحلوا نحو ابن عفان نرحل وإن تقسطوا فالثغر ثغر أميرنا
وهذا أمير في الكتائب مقبل ونحن ولاة الثغر كنا حماته
ليالي نرمي كل ثغر وننكل
سقى مزن السحاب إذا استهلت مصارع فتية بالجوزجان
إلى القصرين من رستاق خوط أبادهم هناك الأقرعان
إذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع
وفيها أقبل قارن في أربعين ألفا فالتقاه عبد الله بن خازم في أربعة آلاف ، وجعل لهم مقدمة ستمائة رجل ، وأمر كل واحد منهم أن يحمل على رأس رمحه نارا ، وأقبلوا إليهم في وسط الليل فبيتوهم فثاروا إليهم فناوشتهم المقدمة فاشتغلوا بهم ، وأقبل عبد الله بن خازم بمن معه من المسلمين فاتقعوا هم وإياهم ، فولى المشركون مدبرين ، وأتبعهم المسلمون يقتلون من شاءوا كيف شاءوا ، وغنموا سبيا كثيرا ، وأموالا جزيلة ، ثم بعث عبد الله بن خازم بالفتح إلى ابن عامر ، فرضي عنه وأقره على خراسان - وكان قد عزله عنها - فاستمر بها عبد الله بن خازم إلى ما بعد ذلك .