[ ص: 92 ] الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا .
بخع يبخع بخعا وبخوعا أهلك من شدة الوجد ، وأصله الجهد قاله الأخفش . وفي حديث والفراء عائشة ذكرت عمر فقالت : بخع الأرض أي : جهدها حتى أخذ ما فيها من أموال الملوك . وقال : بخع الأرض بالزراعة جعلها ضعيفة بسبب متابعة الحراثة . وقال الليث : بخع الرجل نفسه قتلها من شدة وجده ، وأنشد قول الكسائي : الفرزدق
ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه لشيء نحته عن يديه المقادير
أي : نحته بشد الحاء فخفف . قال أبو عبيدة : كان ينشد ( الوجد ) بالرفع . وقال ذو الرمة : إنما هو ( الوجد ) بالفتح . انتهى . فيكون نصبه على أنه مفعول من أجله . جرزت الأرض بقحط أو جراد أو نحوه : ذهب نباتها وبقيت لا شيء فيها وأرضون أجراز ، ويقال : سنة جرز وسنون أجراز لا مطر فيها ، وجرز الأرض الجراد أكل ما فيها ، وامرأة جروز أي : أكول . قال الشاعر : الأصمعي
إن العجوز خبة جروزا تأكل كل ليلة قفيزا
الكهف النقب المتسع في الجبل فإن لم يك واسعا فهو غار . وقال : حكى [ ص: 93 ] اللغويون أنه بمنزلة الغار في الجبل . الرقيم : فعيل من رقم إما بمعنى مفعول ، وإما بمعنى فاعل ، ويأتي إن شاء الله الاختلاف في المراد به عن المفسرين . فأما قول ابن الأنباري : أمية بن أبي الصلت
وليس بها إلا الرقيم مجاورا وصيدهم والقوم في الكهف همد
فعني به كلبهم . أحصى الشيء حفظه وضبطه . الشطط : الجور وتعدي الحد والغلو . وقال الفراء : اشتط في الشؤم جاوز القدر ، وشط المنزل بعد شطوطا ، وشط الرجل وأشط جار ، وشطت الجارية شطاطا وشطاطة طالت . تزور : تروع وتميل . وقال الأخفش : تزور تنقبض . انتهى . والزور الميل والأزور المائل بعينه إلى ناحية ، ويكون في غير العين . قال ابن أبي ربيعة :
وجبني خيفة القوم أزوره . وقال عنترة :
فازور من وقع القنا بلبانه وشكا إلي بعبرة وتحمحم
وقال بشر بن أبي حازم :
تؤم بها الحداة مياه نخل وفيها عن أبانين ازورار
ومنه زاره إذا مال إليه ، والزور الميل عن الصدق . قرض الشيء قطعه ، تقول العرب : قرضت موضع كذا أي : قطعته . وقال : ذو الرمة
إلى ظعن يقرضن أجواز مشرف شمالا وعن أيمانهن الفوارس
وقال الكوفيون : قرضت موضع كذا جاذبته ، وحكوا عن العرب قرضته قبلا ودبرا . الفجوة : المتسع من الفجاء وهو تباعد ما بين الفخذين ، رجل أفجأ وامرأة فجواء وجمع الفجوة فجاء . اليقظ المتنبه وجمعه أيقاظ كعضد وأعضاد ، ويقاظ كرجل ورجال ورجل يقظان وامرأة يقظى . الرقاد معروف ، وسمي به علما . الوصيد الفناء . وقيل : العتبة . وقيل : الباب . قال الشاعر :
بأرض فضاء لا يسد وصيدها علي ومعروفي بها غير منكر
الورق الفضة مضروبة وغير مضروبة . السرادق قال : هو فارسي معرب ، وأصله سرادار وهو الدهليز . قال أبو منصور الجواليقي : الفرزدق
تمنيتهم حتى إذا ما لقيتهم تركت لهم قبل الضراب السرادقا
وبيت مسردق أي : ذو سرادق . المهل : ما أذيب من جواهر الأرض . وقيل دردي الزيت . شوى اللحم : أنضجه من غير مرق . السوار : ما جعل في الذراع من ذهب أو فضة أو نحاس أو رصاص ، ويجمع على أسورة في القلة كخمار وأخمرة ، وعلى خمر ، وفي الكثرة كخمار وخمر إلا أنه تسكن عينه إلا في الشعر فتحرك ، وأساور جمع أسورة . وقال أبو عبيدة : جمع أسوار ويقال : لكل ما في الذراع من الحلي ، وعنه وعن قطرب : هو على حذف الزيادة ، وأصله أساوير . وأنشد : ابن الأنباري
والله لولا صبية صغار كأنما وجوههم أقمار
تضمهم من الفنيك دار أخاف أن يصيبهم إقتار
أو لاطم ليس له أسوار لما رآني ملك جبار
ببابه ما وضح النهار
السندس : رقيق الديباج ، والإستبرق : ما غلظ منه ، والإستبرق رومي عرب ، وأصله استبره أبدلوا الهاء قافا قاله ابن قتيبة . وقيل : مسمى بالفعل وهو إستبرق من البريق فقطعت بهمزة وصله . وقيل : الإستبرق اسم الحرير . وقال المرقش :
[ ص: 94 ]
تراهن يلبسن المشاعر مرة وإستبرق الديباج طورا لباسها
وقال ابن بحر : الإستبرق المنسوج بالذهب . الأريكة السرير في حجلة ، فإن كان وحده فلا يسمى أريكة . وقال : الأرائك الفرش في الحجال . الزجاج