البحث السابع : النية ، وكذلك الإخلاص ، والإيمان . على قسمين : فعلية موجودة ، وحكمية معدومة
[ ص: 249 ] فيجب على المكلف أن يعزم على طاعة الله ما دام حيا مستطيعا قبل حضورها ، وحضور أسبابها ، فإذا حضرت وجب عليه النية ، والإخلاص الفعليان في أولها ، ويكفي الحكميان في بقيتها للمشقة في استمرارها بالفعل ، وكذلك قال صاحب الطراز : لو وزن زكاته ، وعزلها للمساكين ، ثم دفعها بعد ذلك بغير نية اكتفى بالحكمية ، وأجزأت ، ولم يشترط الإيمان الفعلي في ابتدائها لصعوبة الجمع ، وأفردت النية دونه ، لأنها مستلزمة له من غير عكس .
فروع ثلاثة :
الأول : تكفي الحكمية بشرط عدم المنافي ، قال ابن القاسم في المدونة : إذا توضأ ، وبقيت رجلاه ، فخاض بها نهرا ، ومسح بيديه رجليه في الماء ، ولم ينو بذلك غسل رجليه لا يجزئه غسل رجليه . قال صاحب الطراز : يريد إذا قصد بذلك غير الوضوء بل إزالة القشب ، وقال صاحب النكت : معناه أنه ظن كمال وضوئه فرفض نيته ، أما لو بقي على نيته ، والنهر قريب أجزأه .
قال صاحب الطراز : تتناول الفعل ما لم تتناوله النية الفعلية بخصوصه ، فإن النية الخاصة به أقوى كما لو قام لركعة ، وقصد أنها خامسة ، وهي رابعة في نفس الأمر فسدت الصلاة ، أو صام يوما في الصوم المتتابع ينوي به النذر بطل التتابع . النية الحكمية
ويتخرج على هذه المسألة الخلاف الذي في صلاة من قام إلى اثنين وصلى بقية صلاته بنية النافلة ، ثم ذكر ، فعند ابن القاسم لا يجزئه ، وعند يجزئه سلم أو لم يسلم ; لأن النية الحكمية متحققة ، فلا تبطل إلا برفض . ابن المواز
الثاني : إذا رفض النية الحكمية بعد كمال الطهارة : روي عن مالك - رحمه الله - أنها لا تفسد لحصول المقصود منها ، وهو التمييز حالة الفعل ، وروي عنه فسادها لأنها جزء من الطهارة ، وذهاب جزء الطهارة يفسدها قال صاحب [ ص: 250 ] النكت : إذا رفض النية في الطهارة ، أو الحج لا يضر بخلاف الصلاة ، والصوم ، والفرق أن المراد بالنية التمييز ، وهما متميزان بمكانهما ، وهو الأعضاء في الوضوء ، والأماكن المخصوصة في الحج ، فكان استغناؤها عن النية أكثر ، ولم يؤثر الرفض فيهما بخلاف الصوم ، والصلاة .
الثالث : قال المازري - رحمه الله - : تكفي ، فلو نسي عضوا ، وطال ذلك افتقر إلى تجديد النية ، فإن الاكتفاء بالحكمية على خلاف الأصل فيقتصر فيها العمل المتصل ، وكذلك من خلع خفيه ، وشرع في غسل رجليه . النية الحكمية في العمل المتصل