المسألة السادسة في أحكام منثورة تتعلق بالتولية .
يجب وناحية خالية عن قاض ، فإن عرف حال من يوليه عدالة وعلما ، فذاك ، وإلا أحضره ، وجمع بينه وبين العلماء ليعرف علمه ، ويسأل عن سيرته جيرانه وخلطاءه ، فلو ولى من لا يعرف حاله ، لم تنعقد توليته ، وإن علم بعد ذلك كونه بصفة القضاة ، ويجوز أن يجعل الإمام نصب القاضي إلى والي الإقليم وأمير البلدة ، وإن لم يكن المجعول إليه صالحا للقضاء ؛ لأنه وكيل محض ، وكذا لو فوض إلى واحد من المسلمين اختيار قاض ، ثم ليس له أن يختار والده ولا ولده ، كما لا يختار نفسه . على الإمام نصب القاضي في كل بلدة
ولو قال لأهل بلد : اختاروا رجلا منكم ، وقلدوه القضاء ، قال : جاز على الأصح . ويشترط في التولية تعيين محل ولايته من قرية ، أو بلدة ، أو ناحية ، ويشترط تعيين المولى ، فلو قال : وليت أحد هذين أو من رغب في القضاء ببلدة كذا من علمائها ، لم يجز . ابن كج
ولو ، فهذا نصب قاضيين . وفي الأحكام السلطانية للقاضي قال : فوضت القضاء إلى فلان وفلان الماوردي : إن ، وهو المشافهة باللفظ ، والمراسلة ، والمكاتبة عند الغيبة ، ويجئ في المراسلة والمكاتبة خلاف كما سبق في الوكالة ، وإن كان المذهب الصحة كما ذكره . وفيه أن صريح اللفظ : وليتك القضاء ، واستخلفتك ، واستنبتك ، ولم يذكر التفويض بصيغة الأمر ، كقوله : اقض بين الناس ، أو احكم ببلدة كذا ، وهو [ ص: 124 ] ملحق بالصرائح ، كما في الوكالة . تولية القضاء تنعقد بما تنعقد به الوكالة
وفيه أن الكنايات : اعتمدت عليك في القضاء ، أو رددته إليك ، أو اعتمدت ، أو فوضت ، أو وكلت ، أو أسندت ، وينبغي أن يقترن بها ما يلحقها بالصرائح ولا يكاد يتضح فرق بين : وليتك القضاء ، وفوضته إليك .
قلت : الفرق واضح فإن قوله : وليتك متعين لجعله قاضيا ، وفوضت إليك محتمل أن يراد توكيله في نصب قاض ، والله أعلم .
وفيه أن عند المشافهة يشترط القبول على الفور ، وفي المراسلة والمكاتبة لا يشترط الفور ، وقد سبق في الوكالة خلاف في اشتراط القبول ، وأنه إذا اشترط ، فالأصح أنه لا يعتبر الفور فليكن هكذا هنا .