فصل
جارية وولدها في يد رجل يسترقهما ، فقال آخر : هذه مستولدتي والولد مني علقت به في ملكي ، فإن أقام بذلك شاهدين ثبت ما يدعيه ، وإن أقام رجلا وامرأتين ، أو رجلا وحلف معه ، ثبت الاستيلاد ؛ لأن حكم المستولدة حكم المال ، فيسلم إليه ، وإذا مات ، حكم بعتقها بإقراره ، وهل يحكم له بالولد ؟ قولان ، أظهرهما : لا ؛ لأنه لا يدعي ملكه ، بل نسبه وحريته ، وهما لا يثبتان بهذه الحجة ، فيبقى الولد في يد صاحب اليد .
وهل يثبت نسبه بإقرار المدعي ، فيه ما ذكرنا في الإقرار واللقيط في استلحاق عبد غيره ، والثاني : نعم تبعا لها ، فينتزع من المدعى عليه ، فيكون حرا نسبيا بإقرار المدعي . ولو كان في يد رجل شخص ادعى أنه رقيقه ، فادعى آخر أنه كان له ، وأنه أعتقه ، وأقام شاهدا وحلف ، أو رجلا وامرأتين ، نص أنه ينتزع منه ، ويحكم بأنه عتق على المدعي بإقراره ، فمن الأصحاب من قال : ( في ) قبول هذه البينة والانتزاع قولان ، كالصورة السابقة ، لأنها شهادة [ ص: 280 ] بملك متقدم ، والمذهب القطع بالعتق بالقبول والانتزاع ، كما نص عليه . الشافعي
والفرق أن المدعي هنا يدعي ملكا ، وحجته تصلح لإثباته ، والعتق يترتب عليه بإقراره . ولو قال المدعي في صورة الاستيلاد لصاحب اليد : استولدتها أنا في ملكك ، ثم اشتريتها مع الولد ، فعتق الولد علي ، وأقام عليه حجة ناقصة ، فالعتق الآن مرتب على الملك الذي قامت به الحجة الناقصة ، فيكون على الطريقين ، كذا ذكره القفال . هذا كلام الأصحاب في جميع طرقهم في الصورتين ، وانفرد الإمام فحكيا عن الأصحاب والغزالي والمزني والنص أشياء منكرة محولة عن وجهها ، وفي " المختصر " التصريح بخلافها ، وكذا كتب الأصحاب .