الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
22 [ 71 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا ابن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: دخل أعرابي المسجد فقال: اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقد تحجرت واسعا".

قال: فما لبث أن بال في ناحية المسجد فكأنهم عجلوا عليه، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم أمر بذنوب من ماء أو سجل ماء فأهريق عليه، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "علموا ويسروا ولا تعسروا".
.

التالي السابق


الشرح

يحيى: هو ابن سعيد بن قيس بن عمرو بن سهل بن ثعلبة الأنصاري من بني النجار، أبو سعيد.

سمع: أنس بن مالك، وأبا سلمة بن عبد الرحمن.

وروى عنه: سليمان بن بلال، ومالك، وابن عيينة.

مات سنة ثلاث وأربعين ومائة، وقيل: سنة ست وأربعين.

وسعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ [ ص: 209 ] القرشي المخزومي، أبو محمد من كبار علماء التابعين.

سمع: عثمان، وعليا، وأباه المسيب، وأبا هريرة، وابن عمر، وحكيم بن حزام، والعدد الجم من الصحابة.

وروى عنه: الزهري، وعمرو بن مرة، وقتادة، وداود بن أبي هند، وغيرهم.

مات سنة ثلاث وتسعين، وقيل: سنة أربع، وقيل: سنة خمس.

وحديث أنس: أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من رواية يحيى بن سعيد الأنصاري، والحديث الثاني رواه عن سفيان كما رواه الشافعي: علي بن المديني، والحميدي، وغيرهما.

ورواه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة، ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري.

وقوله: فعجل الناس أراد أنهم صاحوا به وعنفوه، وأرادوا أن يقيموه ويقطعوا عليه.

وقوله: تحجرت واسعا أي: ضيقت ما وسعه الله تعالى، قال: ورحمتي وسعت كل شيء .

والذنوب: الدلو المملوءة من الماء، وعن ابن السكيت: أنه إذا كان فيها ماء يقرب من الامتلاء فهي ذنوب أيضا ، والجمع أذنبة وذنانب، ولفظ الذنوب يذكر ويؤنث [ ص: 210 ]

والسجل: الدلو المملوءة أيضا ولا يقال وهي فارغة سجل.

ونهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تعنيفه سببه أنه كان جاهلا بتحريم تلويث المسجد، وكأنه كان قريب العهد بالإسلام فأمرهم بأن يعلموه، ويروى أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: إن هذا المكان لا يبال فيه، إنما هي للصلاة.

وفي الخبر أن الأرض إذا أصابها بول تطهر بالماء ولا حاجة إلى حفر التراب ونقله، والمعتبر أن تصير النجاسة مغلوبة والماء غالبا عليها بكثرته؛ ولذلك تعرض للذنوب أو السجل؛ لأن التطهير مقدر بالذنوب، وعن بعض الأصحاب وجه ضعيف: أنه يشترط أن يصب على بول الواحد ذنوب وعلى بول الاثنين ذنوبان وعلى هذا أبدا؛ ووجه آخر: أنه يشترط أن يكون الماء سبعة أضعاف البول الذي أصاب الموضع.




الخدمات العلمية