الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
265 [ 182 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان، عن مسعر، عن ابن القبطية، عن جابر بن سمرة قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا سلم قال أحدنا بيده عن يمينه وعن شماله: السلام عليكم السلام عليكم، وأشار بيده عن يمينه وعن شماله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما بالكم تؤمون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس، أو لا يكفي أحدكم أو إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم عن يمينه وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله.

التالي السابق


الشرح

سعد: هو ابن أبي وقاص مالك بن وهيب، ويقال: أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي، أبو إسحاق القرشي الزهري من المهاجرين السابقين، شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنة في جملة العشرة.

وروى عنه: جابر بن سمرة، وبنوه عامر ومحمد ومصعب، وأبو عثمان النهدي، وسعيد بن المسيب [ ص: 379 ]

وولاه عمر وعثمان الكوفة، ومات بالمدينة سنة خمس وخمسين، وقيل: سنة ثمان.

وإسحاق بن عبد الله: الظاهر أنه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وقد مر ذكره.

وعبد الوهاب: هو ابن بخت المكي، يقال: إنه كان شامي الأصل.

وروى عن: نافع، وسليمان بن حبيب، وعطاء بن أبي رباح، وأبي الزناد.

وروى عنه: ابن عجلان، ومعان بن رفاعة، وحكيت روايته عن ابن عمر وأبي هريرة.

وواثلة: هو ابن عبد الله بن الأسقع الليثي، ويقال: كنيته أبو قرصافة، قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل غزوة تبوك بثلاث ليال وكان من أهل الصفة، ونزل الشام وبيت المقدس، ومات سنة ثلاث وثمانين وهو ابن مائة وخمس سنين.

وروى عنه: عبد الواحد بن عبد الله النصري، وبسر بن سعيد، وأبو إدريس الخولاني، ومكحول، وغيرهم.

وأبو علي لا أتحقق من هو وربما تبين من بعد.

وسهل: هو ابن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن [ ص: 380 ] عمرو بن الخزرج الساعدي الأنصاري أبو العباس، كان يسمى حزنا فسماه النبي سهلا.

روى عنه: أبو حازم، وابنه عباس، ويقال: إنه آخر من مات من الصحابة بالمدينة مات سنة إحدى وتسعين، وقيل: سنة ثمان وثمانين.

ومحمد بن يحيى بن حبان سبط حبان بن منقذ بن مالك الأنصاري المازني، أبو عبد الله.

سمع: أنس بن مالك، وعمه واسع بن حبان، والأعرج.

وروى عنه: عبيد الله بن عمر، ومالك، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، والليث بن سعد.

توفي سنة إحدى وعشرين ومائة.

وعمه واسع بن حبان بن منقذ.

سمع: ابن عمر، وعبد الله بن زيد.

روى عنه: ابنه حبان.

وعبد الله بن زيد: هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني الأنصاري، وقدم ذكره.

ومسعر: هو ابن كدام بن ظهير بن (عبيد) بن الحارث الهلالي العامري الكوفي، أبو سلمة [ ص: 381 ]

سمع: قتادة، والحكم بن عتيبة.

وروى عنه: سفيان بن عيينة، والثوري، وغيرهما.

مات سنة خمس وخمسين ومائة.

وابن القبطية: اسمه عبيد الله.

سمع: أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجابر بن سمرة.

وروى عنه: عبد العزيز بن رفيع، ومسعر، وفرات القزاز.

وجابر: هو ابن سمرة بن جنادة بن حبيب السوائي، أبو عبد الله من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ممن نزل الكوفة.

سمع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وروى عن [أبي] أيوب، وعن خاله سعد بن أبي وقاص.

وروى عنه: عبد الملك بن عمير، وتميم بن طرفة، وسماك بن حرب، وعامر بن سعد بن أبي وقاص.

توفي بالكوفة سنة أربع وسبعين.

وحديث عامر بن سعد عن أبيه صحيح: أخرجه مسلم وابن ماجه من رواية إسماعيل بن محمد عن عامر [ ص: 382 ]

وقوله: كان يسلم في الصلاة إذا فرغ منها يعني إذا قرب فراغه، والخروج منها بالسلام على ما قال - صلى الله عليه وسلم -: وتحليلها التسليم.

وقوله: عن يمينه وعن يساره يعني تسليمة عن يمينه وأخرى عن يساره كما هو مبين في سائر الروايات، وروى عبد الله بن المبارك وغيره الحديث عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير عن إسماعيل بن محمد وقال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسلم في الصلاة تسليمتين تسليمة عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وتسليمة عن يساره: السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خديه ههنا وههنا.

وقوله في الإسناد الثاني: أخبرني رجال من أهل العلم... إلى آخره ليس فيه مزيد لكن يبين به أنه قد روى الحديث له جماعة من العلماء، ويتأكد به رواية إبراهيم بن محمد.

وقوله في حديث واثلة: حتى يرى خداه هذه اللفظة أجراها الشافعي في المختصر واختلفوا في تفسيرها، فقال بعض الأصحاب: يلتفت حتى يرى من كل جانب خداه، والأظهر أن معناه أنه يلتفت حتى يرى من كل جانب خد؛ لما روي في بعض الروايات أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده الأيمن، وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيسر لكن أورده الحافظ الدارقطني في السنن من رواية [ ص: 383 ] عمار بن ياسر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سلم عن يمينه يرى بياض خده الأيمن، وإذا سلم عن يساره يرى بياض خده الأيمن والأيسر. وهذا شيء وراء التفسيرين.

وحديث سهل بن سعد رواه عبد الله بن نافع الصائغ وعتيق بن يعقوب عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه عن جده، وحديث واسع عن ابن عمر كان قد سمعه منه وسمعه أيضا من عبد الله بن زيد فكان يروي مرة عن هذا وأخرى عن هذا كما بينه في الإسناد الثاني، وحديث جابر بن سمرة أخرجه مسلم وأبو داود من رواية وكيع عن مسعر.

وفي الأحاديث بيان أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم تسليمتين عن صلاته، وفي الباب عن علي، وابن عمر، والبراء، وجابر بن عبد الله، ووائل بن حجر، وأبي موسى - رضي الله عنه -.

ويروى عن أنس، وعائشة، وسمرة بن جندب، وسلمة بن الأكوع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم تسليمة واحدة وأخذ أكثر العلماء [ ص: 384 ] بروايات التعدد لأنها أثبت وأكثر.

وقوله: كأنها أذناب خيل شمس يقال: شمس الفرس يشمس شماسا إذا منع ظهره، ودابة شموس ورجل شموس وهو الرجل الصعب الخلق، منعهم من الإشارة باليدين عند السلام ومن رفع الأيدي لها كما ترفع الأذناب عند الشماس، وبين أن اليدين عند السلام ينبغي أن تكونا موضوعتين على الفخذين.




الخدمات العلمية