الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        6 - وقد حكي هذا القول الذي ذكرناه في بير بضاعة عن الواقدي . حدثنيه أبو جعفر أحمد بن أبي عمران عن أبي عبد الله محمد بن شجاع الثلجي عن الواقدي : أنها كانت كذلك .

                                                        وكان من الحجة في ذلك أيضا أنهم قد أجمعوا أن النجاسة إذا وقعت في البير فغلبت على طعم مائها أو ريحه أو لونه ، أن ماءها قد فسد .

                                                        وليس في حديث بير بضاعة من هذا شيء إنما فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بير بضاعة فقيل له : إنه يلقى فيها الكلاب والمحائض فقال : ( إن الماء لا ينجسه شيء ) .

                                                        ونحن نعلم أن بيرا لو سقط فيها ما هو أقل من ذلك لكان محالا أن لا يتغير ريح مائها وطعمه ، هذا مما يعقل ويعلم .

                                                        فلما كان ذلك كذلك وقد أباح لهم النبي صلى الله عليه وسلم ماءها وأجمعوا أن ذلك لم يكن وقد داخل الماء التغيير من جهة من الجهات اللاتي ذكرنا ؛ استحال عندنا - والله أعلم - أن يكون سؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم عن مائها وجوابه إياهم في ذلك بما أجابهم ، كان والنجاسة في البير .

                                                        [ ص: 13 ] ولكنه - والله أعلم - كان بعد أن أخرجت النجاسة من البير ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك : هل تطهر بإخراج النجاسة منها فلا ينجس ماؤها الذي يطرأ عليها بعد ذلك ؟ وذلك موضع مشكل لأن حيطان البير لم تغسل وطينها لم يخرج ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الماء لا ينجس " يريد بذلك الماء الذي طرأ عليها بعد إخراج النجاسة منها لا أن الماء لا ينجس إذا خالطته النجاسة ، وقد رأيناه صلى الله عليه وسلم قال : " المؤمن لا ينجس " .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية