الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الرحمن بن أبي بكر قد دخل على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم يوم مات سعد بن أبي وقاص فدعا بوضوء فقالت له عائشة يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ويل للأعقاب من النار

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          34 35 - ( مالك أنه بلغه أن عبد الرحمن بن أبي بكر ) الصديق شقيق عائشة تأخر إسلامه إلى قبيل الفتح وشهد اليمامة والفتوح قال في الإصابة : قال ابن سعد وغير واحد : مات سنة ثلاث وخمسين ، وقال يحيى بن بكير : سنة أربع ، وقيل : خمس ، وقيل : ست حكاها أبو نعيم .

                                                                                                          وقال أبو زرعة الدمشقي : سنة تسع .

                                                                                                          وقال ابن حبان : سنة ثمان .

                                                                                                          وقال البخاري : مات قبل عائشة وبعد سعد . انتهى .

                                                                                                          وهذا الحديث يؤيده مع لحظ المشهور في وفاة سعد وهو صادق حتى بالسنة التي مات فيها سعد ، وهذا البلاغ يحتمل أن يكون بلغ الإمام من تلميذه ابن وهب أو من مخرمة ، فقد رواه مسلم من طريق ابن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه ، ومن طريق ابن وهب أيضا عن حيوة عن محمد بن عبد الرحمن كلاهما عن سالم مولى شداد قال : دخلت على عائشة يوم توفي سعد .

                                                                                                          ( فدخل ) عبد الرحمن بن أبي بكر ( على عائشة ) أخته ( زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم مات سعد بن أبي وقاص ) مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب الزهري أحد العشرة وأول من رمى بسهم في سبيل الله ومناقبه كثيرة مات بالعقيق سنة خمس وخمسين على المشهور .

                                                                                                          ( فدعا بوضوء ) أي بما يتوضأ به ( فقالت له عائشة : يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء ) بفتح الهمزة من الإسباغ وهو إبلاغه [ ص: 126 ] مواضعه وإيفاء كل عضو حقه وكأنها رأت منه تقصيرا أو خشيت عليه ذلك .

                                                                                                          ( فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ويل ) قال النووي : أي هلكة وخيبة .

                                                                                                          وقال الحافظ : اختلف في معناه على أقوال ، أظهرها ما رواه ابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد مرفوعا : " ويل واد في جهنم " ( للأعقاب ) جمع عقب بكسر القاف وسكونها وهو مؤخر القدم ( من النار ) قال البغوي : معناه لأصحاب الأعقاب المقصرين في غسلها ، وقيل : أراد أن العقب يختص بالعقاب إذا قصر في غسلها ، زاد عياض : فإن مواضع الوضوء لا تمسها النار كما في أثر السجود أنه محرم على النار ، ويلحق بالأعقاب ما في معناها من جميع الأعضاء التي قد يحصل التساهل في إسباغها ، وإنما خصت بالذكر لصورة السبب كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي قال : " تخلف النبي - صلى الله عليه وسلم - عنا في سفرة فأدركنا وقد أرهقتنا العصر فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثا " رواه الشيخان .

                                                                                                          ورواه أحمد والدارقطني والطبراني والحاكم عن عبد الله بن الحارث مرفوعا : " ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار " .

                                                                                                          قال ابن عبد البر : وهذا الحديث ورد عن جماعة من الصحابة وأصحها من جهة الإسناد ثلاثة : حديث أبي هريرة وابن عمرو يعني وهما في الصحيحين ، وحديث عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي وقد رأيت من رواه ، ثم حديث عائشة فهو مدني حسن . انتهى .

                                                                                                          وقد أخرجه مسلم في الصحيح كما علم ، وفيه أن غسل الرجلين واجب إذ لو أجزأ المسح لما توعد بالنار ، فلا عبرة بقول الشيعة الواجب المسح لظاهر قوله : وأرجلكم ( سورة المائدة : الآية 6 ) بالخفض ، ورد بأنه على المجاورة ، وقد تواترت الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صفة وضوئه أنه غسل رجليه وهو المبين لأمر الله .

                                                                                                          وقال في حديث عمرو بن عبسة عند ابن خزيمة وغيره مطولا : ثم يغسل قدمه كما أمره الله .

                                                                                                          ولم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف ذلك إلا علي وابن عباس وأنس وثبت عنهم الرجوع عن ذلك .

                                                                                                          قال عبد الرحمن بن أبي ليلى : أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على غسل القدمين رواه سعد بن منصور ، وادعى الطحاوي وابن حزم أن المسح منسوخ .




                                                                                                          الخدمات العلمية