الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2432 2571 - حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا سليمان بن بلال قال: حدثني أبو طوالة -اسمه عبد الله بن عبد الرحمن- قال: سمعت أنسا رضي الله عنه يقول: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في دارنا هذه، فاستسقى، فحلبنا له شاة لنا، ثم شبته من ماء بئرنا هذه، فأعطيته وأبو بكر عن يساره، وعمر تجاهه، وأعرابي عن يمينه، فلما فرغ قال عمر: هذا أبو بكر. فأعطى الأعرابي فضله، ثم قال: " الأيمنون، الأيمنون، ألا فيمنوا". قال أنس: فهي سنة، فهي سنة. ثلاث مرات. [انظر: 2352 - مسلم: 2021 - فتح: 5 \ 201].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث أنس: أتانا النبي صلى الله عليه وسلم في دارنا فاستسقى، فحلبنا له شاة لنا، ثم شبته من ماء بئرنا هذه، فأعطيته وأبو بكر عن يساره، وعمر تجاهه، وأعرابي عن يمينه، فلما فرغ قال عمر: هذا أبو بكر. فأعطى الأعرابي، ثم قال: "الأيمنون، الأيمنون، ألا فيمنوا". قال أنس: فهي سنة، فهي سنة، فهي سنة.

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث سلف في باب: الشرب مطولا، وأخرجه مسلم في الأشربة، وهو مثل الباب الذي قبله، لا بأس بطلب ما يتعارف الناس بطلب مثله؛ من شرب الماء، واللبن، وما تطيب به النفوس، ولا يتشاح فيه، ولا سيما أنه من النبي صلى الله عليه وسلم، ومن مكارمه ومشاركته، وقد وصفهم الله تعالى أنهم كانوا يؤثرون على أنفسهم، وإنما أعطى الأعرابي ولم يستأذنه كما استأذن الغلام ليتألفه بذلك; لقرب عهده بالإسلام.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 290 ] وفيه: أن السنة لمن استسقى أن يسقي من عن يمينه، وإن كان من عن يساره أفضل ممن جلس عن يمينه، ألا ترى قول أنس: وهي سنة، ثلاث مرات؟ وذلك يدل على تأكيدها، وقد تقدم ذلك، وستأتي له زيادة في الأشربة.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (فاستسقى).

                                                                                                                                                                                                                              فيه: جواز ذلك، ولا دناءة فيه، بخلاف طلب الأكل منا للمنة فيه، بخلافه.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: جواز المسألة بالمعروف على وجه الفقر.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: إتيان دار من يصحبه؛ اقتداء به.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: كما قال الداودي: الإتيان بأفضل ما يجد.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: شرب اللبن إذا خلطه بالماء.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: جلوس القوم على قدر سبقهم.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (وعمر تجاهه)؛ أي: مستقبله، وكان أصله: وجاهه فأبدل من الواو تاء، مثل تراث. وقوله: (وأعرابي عن يمينه). قال ابن التين: قيل: هو خالد بن الوليد.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: "ألا فيمنوا" ثلاثا؛ فيه: فضل التيامن، وتكرار الكلام للتأكيد.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية