الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2457 2597 - حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له: ابن الأتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أهدي لي. قال: " فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه، فينظر يهدى له أم لا؟! والذي نفسي بيده، لا يأخذ أحد منه شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر -ثم رفع بيده، حتى رأينا عفرة إبطيه- اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت". ثلاثا. [انظر: 925 - مسلم: 1832 - فتح: 5 \ 220]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث الصعب بن جثامة السالف في الحج.

                                                                                                                                                                                                                              وحديث أبي حميد الساعدي: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد على الصدقة.. الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              والرشوة: السحت، مثلث الراء أشهرها الضم، وهي كل ما يأخذ [ ص: 353 ] الإنسان على غير عوض، ويلزم آخذه العار، يعني بذلك الأمراء ومن في معناهم ممن يتقى شره.

                                                                                                                                                                                                                              والرغاء: صوت الإبل، والخوار -بالخاء-: صوت البقر، وقال ابن التين: هو بالخاء والجيم، وهو في "المطالع" بلفظ الجرار الصوت، وروي: حوار، والمعنى واحد، إلا أنه بالخاء يستعمل في الظباء والشاء، والجيم للبقر والناس. و (تيعر): تصيح، واليعار: صوت الشاة، يعرت تيعر يعارا.

                                                                                                                                                                                                                              و (عفرة إبطيه): بياضهما، قال صاحب "العين": العفرة: غبرة في حمرة كلون الظبي الأعفر.

                                                                                                                                                                                                                              وتكريره: "اللهم هل بلغت" ليسمع من لم يسمع; و"ليبلغ الشاهد الغائب"؛ كرره للتأكيد.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه -أعني حديث الصعب-: رد الهدية ،وهو غاية الأدب فيه; لأنها لا تحل للمهدى إليه; من أجل أنه محرم.

                                                                                                                                                                                                                              ومن حسن الأدب أن يكافأ المهدي، وربما عسرت المكافأة، فردها إلى من يجوز له الانتفاع بها أولى من تكلف المكافأة، مع أنه لو قبله لم يكن له سبيل إلى غير تسريحه; لأنه لا يجوز له ذبحه، وهو محرم.

                                                                                                                                                                                                                              ويؤخذ منه أنه لا يجوز قبول هدية من كان ماله حراما على المهدى إليه، وكذا من عرف بالغصب والظلم.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 354 ] وفي حديث ابن اللتبية: أن هدايا العمال يجب أن تجعل في بيت المال، وأنه ليس لهم منها شيء إلا أن يستأذنوا الإمام في ذلك، كما جاء في قصة معاذ أنه - عليه السلام- طيب له الهدية فأنفذها له أبو بكر بعد رسول الله، لما كان دخل عليه في ماله من الفلس.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه كراهية قبول هدية طالب العناية، ويدخل في معنى ذلك كراهية هدية المديان والمقارض، وكل من لهديته سبب غير سبب الجيرة، أو صلة الرحم.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية