الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2870 [ 1630 ] وعنه قال: كنا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم نأخذ الأرض بالثلث أو الربع بالماذيانات، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فقال: "من كانت له أرض... " وذكر نحو ما تقدم.

                                                                                              وفي أخرى: قال: كنا نخابر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنصيب من القصري ومن كذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كانت له أرض... "
                                                                                              وذكر نحوه.

                                                                                              رواه مسلم (1543) (95 و 96).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و ( قوله: كنا نأخذ الأرض بالثلث والربع في الماذيانات ) الماذيانات معروفة - بكسر الذال -، وقد فتحت وليست عربية، ولكنها سوادية. قاله الإمام. وهي: مسايل الماء. والمراد بها ها هنا: ما ينبت على شطوط الجداول، ومسايل الماء. وهو من باب تسمية الشيء باسم غيره إذا كان مجاورا له أو كان منه بسبب.

                                                                                              و ( أقبال الجداول ) - بفتح الهمزة -: أوائلها. و (الجداول): السواقي. [ ص: 409 ] ويسمى الجدول: الربيع. ويجمع: ربعان. وقال الخليل : الأربعاء: الجداول. جمع ربيع.

                                                                                              ومعنى هذا: أن صاحب الأرض كان يؤاجر أرضه بالثلث، أو بالربع، وبأن يكون له ما يزرع على جوانب الأنهار والجداول، وعلى أفواهها، وكان منهم من يؤاجر أرضه بالماذيانات خاصة، كما قال في الرواية الأخرى.

                                                                                              وفي هذا الحديث حجة للجمهور وأئمة الفتوى: مالك ، والشافعي ، وأبي حنيفة . وهو مذهب ابن عباس ، وابن عمر ، ورافع بن خديج على منع كراء الأرض بجزء مما يخرج منها على من أجاز ذلك؛ وهم: الليث بن سعد ، وابن أبي ليلى ، وسفيان الثوري ، والحسن بن حي ، والأوزاعي . وهو مذهب علي وعمار ، وابن مسعود ، وسعد بن أبي وقاص . ووجه الاستدلال بذلك: أن هذه كانت مزارعاتهم، فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك نهى عنها، وبين ما يجوز فعله في الأرض، وهو: أن يزرعها بنفسه، أو يزرعها غيره، أو يكريها بشيء معلوم مضمون، كما قد بيناه، ولأن ذلك هي المخابرة المنهي عنها، كما تقدم، ولما فيه من الجهالة، والغرر، والخطر، بل قد جاءت نصوص في كتاب أبي داود بتحريم ذلك:

                                                                                              فمنها: ما رواه عن زيد بن ثابت قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة. فقيل له: وما المخابرة؟ قال: أن تأخذ الأرض بنصف، أو ثلث، أو ربع. وهذا نص من تفسير الصحابي، وهو أعلم بالحال، وأقعد بالمقال. وقد روي أيضا من حديث جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يذر المخابرة فليأذن بحرب من الله ورسوله).

                                                                                              [ ص: 410 ] ( القصري ) - بكسر القاف والراء، وسكون الصاد -: هو الرواية الصحيحة؛ وهو ما يبقى من الحبوب في سنبله بعد الدرس. وهي لغة شامية. قاله ابن دريد . وقد قيده بعضهم بفتح القاف مقصورا، وبعضهم بضمها مقصورا.




                                                                                              الخدمات العلمية