الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  9395 عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن ابن المهلب ، عن عمران بن حصين قال : كانت بنو عامر أسروا رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فأسر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من ثقيف ، وأخذوا ناقة كانت تسبق عليها الحاج ، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم وهو موثق فقال : يا محمد يا محمد فعطف عليه ، فقال : على ما أحبس وتؤخذ سابقة

                                                                  [ ص: 207 ] الحاج ؟ قال : " بجريرة حلفائك من بني عامر " ، وكانت بنو عامر من حلفاء ثقيف ، ثم أجاز النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه أيضا : يا محمد فأجابه فقال : إني مسلم ، فقال : " لو قلت ذلك وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح " قال : ثم أجاز النبي صلى الله عليه وسلم فناداه أيضا فرجع إليه فقال : أطعمني فإني جائع ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " هذه حاجتك " فأمر له بطعام ، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم فادى الرجل بالرجلين الذين أسرا من أصحابه .

                                                                  قال : فأغار ناس على ناحية من المدينة ، فأصابوا ناقة ، وأصابوا امرأة أيضا ، فذهبوا بهم إلى رحالهم ، فقامت المرأة من بعض الليل إلى إبلهم ، وكانوا يريحونها عند أفنيتهم ، فكلما دنت من بعير لتركبه رغا ، حتى جاءت إلى ناقة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي ناقة ذلول ، فلم ترغ ، حتى قعدت في عجزها ثم صاحت بها قال : ونذر بها القوم ، فركبوا في طلبها ، فنذرت وهي منطلقة ، وهم في أثرها إن الله أنجاها عليها لتنحرنها قال : فنجت ، فلما قدمت المدينة ، أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقيل : هذه ناقتك ، جاءت عليها فلانة ، أنجاها الله عليها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بالمرأة فسألها : " كيف صنعت ؟ " فأخبرته ، فنذرت وهم في طلبي ، إن الله أنجاني عليها أن أنحرها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بئس ما جزيتها إذا لا وفاء لنذر [ ص: 208 ] في معصية الله ، ولا فيما لا يملك ابن آدم " .


                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية