الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      خبر عبد الله بن سلام

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق ، ثنا ابن عون عن محمد ، هو ابن سيرين ، عن قيس بن عباد قال : كنت في المسجد ، فجاء رجل في وجهه أثر خشوع ، فدخل فصلى ركعتين فأوجز فيهما ، فقال القوم : هذا رجل من أهل الجنة . فلما خرج اتبعته حتى دخل منزله ، فدخلت معه فحدثته ، فلما استأنس قلت له : إن القوم لما دخلت قبل المسجد قالوا كذا ، وكذا قال : سبحان الله ، والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم ، وسأحدثك [ ص: 223 ] أني رأيت رؤيا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه; رأيت كأني في روضة خضراء - قال ابن عون : فذكر من خضرتها وسعتها - وسطها عمود حديد ، أسفله في الأرض وأعلاه في السماء ، في أعلاه عروة . فقيل لي : اصعد عليه . فقلت : لا أستطيع . فجاء منصف - قال ابن عون : وهو الوصيف - فرفع ثيابي من خلفي فقال : اصعد عليه . فصعدت حتى أخذت بالعروة ، فقال : استمسك بالعروة . فاستيقظت وإنها لفي يدي . قال : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه ، فقال : " أما الروضة فروضة الإسلام ، وأما العمود فعمود الإسلام ، وأما العروة فهي العروة الوثقى ، أنت على الإسلام حتى تموت " . قال : وهو عبد الله بن سلام ورواه البخاري من حديث ابن عون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم قد رواه الإمام أحمد من حديث حماد بن سلمة ، عن عاصم بن بهدلة ، عن المسيب بن رافع ، عن خرشة بن الحر ، عن عبد الله بن سلام ، فذكره مطولا ، وفيه قال : حتى انتهيت إلى جبل زلق ، فأخذ بيدي فدحاني ، فإذا أنا على ذروته ، فلم أتقار ولم أتماسك ، وإذا عمود حديد في ذروته حلقة ذهب ، فأخذ بيدي فدحاني حتى أخذت بالعروة . وذكر تمام الحديث . وأخرجه مسلم في " صحيحه " من حديث الأعمش ، عن سليمان بن مسهر ، عن خرشة بن الحر ، عن عبد الله بن سلام ، فذكره وقال : حتى أتى بي جبلا ، فقال لي : [ ص: 224 ] اصعد . فجعلت إذا أردت أن أصعد خررت على استي ، حتى فعلت ذلك مرارا . وأن رسول الله قال له حين ذكر رؤياه : " وأما الجبل فهو منزل الشهداء ، ولن تناله قال البيهقي : وهذه معجزة ثانية ، حيث أخبر أنه لا ينال الشهادة . وهكذا وقع; فإنه مات سنة ثلاث وأربعين ، فيما ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام وغيره .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية