[من أرفعية الصلاة اشتراط النظافة : ]
ومن الدليل على أنها أرفع الأعمال أن الله - عز وجل - أوجب أن لا تؤتى إلا بطهارة الأطراف ، ونظافة الجسد كله ، واللباس من جميع الأقذار ، ونظافة البقاع التي يصلى عليها .
ثم زاد تعظيما أنه أمرهم إذا عدموا الماء عند حضور وقت الصلاة ، أن يضربوا بأيديهم على الصعيد ، فيمسحوا مكارم وجوههم بالتراب ؛ إعظاما لقدرها أن لا تؤدى إلا بطهارة .
ثم اختلفوا في فقالت جماعة من العلماء : يصلي حتى يجد الماء ، أو الصعيد ، ثم يتطهر بأيهما وجد ، ثم يقضي ما ترك من الصلوات في حال عدمه للماء والتراب . من لم يجد ماء ولا صعيدا ،
وقالت جماعة منهم : بل عليه أن يصليها لا محالة ، إذا حضر وقتها ، وإن لم يجد ماء ولا صعيدا ، ولا يحل له تأخيرها حتى يذهب وقتها ؛ لأن الله - عز وجل - أوجب إقامة الصلاة في غير موضع من كتابه ، ولم يشرط الطهارة ، وإنما أمر بالطهارة عند الوجود ، فإذا لم يجد ما يتطهر به ، فعليه إقامتها حتى يجد الطهور ، كما يجب عليه أن لا يصلي ، حتى يستر عورته ، إذا كان واجدا لما يستر به عورته ، فإذا لم يجد صلى عريانا ، ولم يكن له أن يؤخر الصلاة ، إلى أن يجد ثوبا ، يستر به عورته . [ ص: 171 ]
وقال بعضهم : عليه إذا عدم الماء والتراب ، ثم وجد أحدهما ، تطهر بأيهما وجد ، وأعاد ما قد صلى احتياطا ، وأخذا بالثقة ، ولم يقل أحد : إن الفرض عنه ساقط ، لا يجب عليه أن يأتي به في حال عدم الماء والتراب ، ولا بعد وجودهما .