غلو الخوارج والمعتزلة والرافضة في تأويل الأحاديث التي وردت في نفي الإيمان عمن ارتكب الكبيرة :
* قال وقد غلت في تأويل هذه الأخبار التي جاءت في نفي الإيمان عن من ارتكب الكبائر طوائف من أهل الأهواء ، والبدع ، منهم أبو عبد الله : الخوارج ، والمعتزلة ، والرافضة .
الخوارج فتأولتها على إكفار المسلمين بالمعاصي ، وسفك دمائهم . فأما
قالوا : تأويل قوله : أنه كافر بالله ، لأن الإيمان ضد الكفر ، فإذا لم يكن مؤمنا ، فهو كافر ، لأنهما فعلان متضادان ، أحدهما ينفي الآخر ، فإذا فعل الإيمان ، قيل : مؤمن لفعله الإيمان ، وإذا فعل الكفر ، قيل : هو كافر ، لفعله الكفر . " لا يزني الزاني حين يزني ، وهو مؤمن "
قالوا : فسواء قول النبي صلى الله عليه وسلم : أو قال : " لا يزني إلا وهو كافر " لا يصح في القول غير ذلك . " لا يزني الزاني ، وهو مؤمن " ،
قالوا : ومن الدليل على ذلك قول الله عز وجل : ( لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى ) ، فأخبر أنه لا يصلى النار إلا مكذب ، ثم قال : ( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا ) . [ ص: 625 ]
وقال : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ) ، فأوجب في آيات كثيرة النار لمن ارتكب الكبائر نحو القاتل ، والزاني ، وغيرهما ، وجاءت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم بإيجاب النار لشارب الخمر ، وغيره ممن ارتكب الكبائر ، فقال : " من اقتطع مال امرئ مسلم بيمينه ، حرم الله عليه الجنة ، وأوجب له النار " . [ ص: 626 ]
وقال : " لا يدخل الجنة قتات ، ولا قاطع رحم " ، وقال : ونحو هذه الأخبار . " من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة " ،
قالوا : فلما أخبر الله عز وجل أنه لا يصلى النار إلا مكذب ، ثم أخبر أنه يصلاها هؤلاء ، علمنا أنهم كفار مكذبون .
قالوا : ومن لم يقطع بذلك ، ويشهد به ، كذب بأخبار الله ، ورسوله ، أو شك فيهما .
* وأما المعتزلة ، والرافضة فقالوا : كل من ارتكب كبيرة ، فهو خارج من الإيمان ، فليس بكافر ، ولا مؤمن ، ولكنه فاسق ، وقال بعضهم منافق ، واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : مع سائر الأخبار التي رويت في ذكر النفاق بالأعمال ، منها ما : " أربع من كن فيه كان منافقا "
674 - حدثنا أنا إسحاق ، عن جرير ، عن الأعمش ، عبد الله بن مرة ، عن عن مسروق ، عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 627 ] قال : عبد الله بن عمرو ، " أربع خلال من كن فيه ، كان منافقا خالصا ، إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر ، فمن كانت فيه خصلة منهن ، ففيه خصلة من النفاق ، حتى يدعها " .