الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن قال : لله علي أن أصوم غدا فيكون غدا الأضحى أو الفطر وهو يعلم بذلك أو لا يعلم ، أيكون عليه قضاؤه في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : لا صيام عليه فيه ; لأنه إن كان لا يعلم أن غدا النحر أو الفطر فذلك أبعد من أن يلزمه ذلك أو يجب عليه ، قال : وإن كان يعلم أن الفطر غدا أو النحر فذلك أيضا لا يلزمه ; لأن النبي عليه السلام نهى عن صيامهما فلا نذر لأحد فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يلزمه ذلك وهو رأيي والذي أستحسن .

                                                                                                                                                                                      قلت : فهل يلزمه قضاؤه بعد ذلك إذا كان صومه لا يلزمه ؟ فقال : لا قضاء عليه فيه بعد ذلك .

                                                                                                                                                                                      قلت : فلم لا يقضيه ؟

                                                                                                                                                                                      قال ; لأنه أوجب على نفسه صياما فجاء المنع من غير فعله ، جاء المنع من الله عز وجل فكل منع جاء من الله عز وجل فلا قضاء عليه وإن جاء المنع منه فعليه القضاء .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : ورأيي والذي أستحسن أن من نذر صوم سنة بعينها أو أشهرا بعينها أو يوما بعينه ، صام من ذلك ما يصام وأفطر من ذلك ما يفطر ، ولم يكن عليه لما أفطر قضاء إلا أن يكون نوى عندما نذر أن عليه قضاء ما أفطر من ذلك .

                                                                                                                                                                                      قال : وإن كان نذر سنة أو شهرا بغير عينه صام سنة ليس فيها رمضان ولا يوم الفطر ولا أيام النحر ، وكان عليه اثنتا عشر شهرا وهذا الذي ذكرت لك قول مالك . وكذلك من نذر شهرا فإن عليه صيام شهر كامل وهذا رأيي .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : وأما الذي نذر سنة بعينها بمنزلة من نذر صلاة يوم بعينه ، فهو يصلي ما كان من اليوم يصلي منه ولا يصلي في الساعات التي لا يصلي فيها ولا شيء فيها ولا قضاء عليه ، قال : وإن جاء المنع منه فعليه القضاء .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية