الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : فلو أنه أفاد دنانير أو دراهم تجب فيها الزكاة ، ثم أفاد بعدها بستة أشهر دراهم أو دنانير لا تجب فيها الزكاة فحال الحول على المال الذي تجب فيه الزكاة عنده فزكاه ثم أنفقه مكانه ، ثم حال الحول على المال الذي لا تجب فيه الزكاة أيزكيه الساعة أم لا في قول مالك ؟ فقال : لا زكاة عليه .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولم وقد زكى المال الأول الذي أنفقه يوم زكاه وهذا المال الثاني في يديه ؟ فقال : لأن هذا المال فائدة بعد المال الأول ، والمال الأول إذا كان مما تجب فيه الزكاة لا يضاف إلى هذا المال الثاني ، ويكون المال الأول على حوله والمال الثاني على حوله إن كان مما تجب فيه الزكاة أو لم يكن مما تجب فيه فهو سواء وهو على حوله لا يضاف إلى المال الأول ، فإذا جاء حول المال الأول زكاه ثم إذا جاء حول المال الثاني نظرنا ، فإن كان يبلغ ما تجب فيه الزكاة زكاه وإن كان مما لا تجب فيه الزكاة نظرنا ، فإن كان له مال قد أفاده قبله أو معه معا ، والمال الذي أفاد قبله أو معه لم يتلفه وهو إذا أضيف هذا المال إلى مال أفاد قبله أو معه معا ، يبلغ أن تجب فيه الزكاة ضم ذلك كله بعضه إلى بعض فزكاه إلا أن يكون قد زكى المال الذي أفاد قبله أو معه ، فيزكي هذا وحده وإن لم يكن في يديه مما أفاد قبله أو معه مما إذا أضيفت هذه الفائدة إليه يبلغ جميعه ما تجب فيه الزكاة ، لم يكن عليه في هذه الفائدة زكاة .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كان في يديه مال قد أفاده بعده فهو إذا أضاف هذه الفائدة إليه تبلغ ما يجب فيه الزكاة ، وليس في يديه شيء مما أفاد قبلها أيضاف إلى ما أفاد بعدها فيزكيهما أم لا في قول مالك ؟ فقال : لا يضاف إلى ما أفاد بعدها فيزكيهما مكانهما ، ولكنها تضاف إلى ما [ ص: 320 ] أفاد بعدها فإذا حال الحول على الفائدة الآخرة من يوم أفادها ، نظرنا إلى كل مال بيده من يوم أفاد الفائدة الآخرة وقبل ذلك ، فيجمع بعضه إلى بعض فإن كان مما تجب فيه الزكاة زكاهما جميعا إلا أن يكون منه شيء قد زكاه على حوله قبل أن تجب الزكاة في هذه الفائدة الآخرة فلا يزكيه مع هذه الآخرة ، لأنه لا يزكى مال واحد في حول واحد مرتين ، ولكنه في الإضافة يضاف بعضه إلى بعض كل مال في يديه قبل الفائدة الآخرة ، فيزكي الفائدة الآخرة وما لم يزك مما بيديه قبل الفائدة الآخرة إلا ما قد زكاه على حوله إذا كان جميع ما كان في يديه من الفائدة التي قد حال عليها الحول وما قبل ذلك مما تجب فيه الزكاة ، ولا يلتفت إلى ما في يديه مما لم يحل عليه الحول من الفوائد التي أفاد بعد هذه الفائدة التي حال عليها الحول حتى يحول الحول على الفوائد التي بعدها أيضا .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا الذي سألتك عنه قول مالك ؟ والذي كان يأخذ به في الزكاة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية