الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ المسألة الثانية ]

[ إذا فات المأموم ركوع الإمام ]

وأما المسألة الثانية وهي إذا سها عن اتباع الإمام في الركوع حتى سجد الإمام ، فإن قوما قالوا : إذا فاته إدراك الركوع معه ، فقد فاتته الركعة ووجب عليه قضاؤها ، وقوم قالوا : يعتد بالركعة إذا أمكنه أن يتم الركوع قبل أن يقوم الإمام إلى الركعة الثانية ، وقوم قالوا : يتبعه ويعتد بالركعة ما لم يرفع الإمام رأسه من الانحناء في الركعة الثانية ، وهذا الاختلاف موجود لأصحاب مالك ، وفيه تفصيل ، واختلاف بينهم بين أن يكون عن نسيان أو أن يكون عن زحام ، وبين أن يكون في جمعة أو في غير جمعة ، وبين اعتبار أن يكون المأموم عرض له هذا في الركعة الأولى أو في الركعة الثانية ، وليس قصدنا تفصيل المذهب ولا تخريجه ، وإنما الغرض الإشارة إلى قواعد المسائل وأصولها ، فنقول : إن سبب الاختلاف في هذه المسألة هو : هل من شرط فعل المأموم أن يقارن فعل الإمام ، أو ليس من شرطه ذلك ؟ وهل هذا الشرط هو في جميع أجزاء الركعة الثلاثة ؟ ( أعني القيام ، والانحناء ، والسجود ) أم إنما هو شرط في بعضها ؟ ومتى يكون إذا لم يقارن فعله فعل الإمام اختلافا عليه : ( أعني : أن يفعل هو فعلا والإمام فعلا ثانيا ) ، فمن رأى أنه شرط في كل جزء من أجزاء الركعة الواحدة : ( أعني أن يقارن فعل المأموم فعل الإمام ) ، وإلا كان اختلافا عليه ، وقد قال - عليه الصلاة والسلام - : " فلا تختلفوا عليه " قال : متى لم يدرك معه من الركوع ، ولو جزءا يسيرا لم يعتد بالركعة ، ومن اعتبره في بعضها قال : هو مدرك للركعة إذا أدرك فعل الركعة قبل أن يقوم إلى الركعة الثانية ، وليس ذلك اختلافا عليه ، فإذا قام إلى الركعة الثانية فإن اتبعه فقد اختلف عليه في الركعة الأولى وأما من قال : إنه يتبعه ما لم ينحن في الركعه الثانية ، فإنه رأى أنه ليس من شرط فعل المأموم أن يقارن بعضه بعض فعل الإمام ، ولا كله ، وإنما من شرطه أن يكون بعده فقط ، وإنما اتفقوا على أنه إذا قام من الانحناء في الركعة الثانية أنه لا يعتد بتلك الركعة إن اتبعه فيها ; لأنه يكون في حكم الأولى ، والإمام في حكم الثانية ، وذلك غاية الاختلاف عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية