الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            33- ذكر من استعمل ذلك من الصحابة والتابعين غير من تقدم ذكره

            أخرج ابن سعد ، وابن أبي شيبة ، والبيهقي في دلائل النبوة عن الشعبي قال : لما سلم الحسن بن علي الأمر إلى معاوية فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإن أكيس الكيس التقى ، وإن أعجز العجز الفجور ، ألا وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية لا امرؤ كان أحق به مني ، وهو حق لي تركته إرادة إصلاح المسلمين ، وحقن دمائهم ، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ، ثم استغفر ، ونزل .

            وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم في تفسيريهما عن حفصة أم المؤمنين - رضي الله عنها - أنها بلغها قتل عثمان ، فقالت : ( قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله ) ، وفي [ ص: 308 ] الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت في قصة الإفك : وإني لا أجد لي ولكم مثلا إلا قول أبي يوسف : ( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ) ، ومن هنا سمى العلماء استعمال ذلك ضرب مثل وتمثلا ، وكذا من قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر حين استشارهما في أسرى بدر : " مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم حيث قال : ( فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم ) ومثلك يا عمر ، مثل نوح حيث قال : ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) - وفي رواية - إن مثلك يا أبا بكر مثل عيسى قال : ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) ، وإن مثلك يا عمر ، مثل موسى قال : ( ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ) ، فمن هذا وأمثاله أطلق السلف والخلف على ذلك ضرب مثل .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية