الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ويجب اجتناب كذب وغيبة ونميمة وشتم ) أي : سب ( وفحش ) قال ابن الأثير : هو كل ما اشتد قبحه من الذنوب والمعاصي ( ونحوه كل وقت ) لعموم الأدلة ووجوب اجتناب ذلك ( في رمضان ومكان فاضل آكد ) لحديث أبي هريرة مرفوعا { : من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه } رواه البخاري .

                                                                                                                      ومعناه : الزجر والتحذير ; ولأن الحسنات تتضاعف بالمكان والزمان الفاضلين ، وكذا السيئات على ما يأتي .

                                                                                                                      ( قال ) الإمام ( أحمد ينبغي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه ولا يماري ) أي : يجادل ( ويصون صومه ولا يغتب أحدا ) أي : يذكره بما يكره بهذا فسره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رواه مسلم وإن كان حاضرا فهو الغيبة في بهت قال في الحاشية : والغيبة محرمة بالإجماع .

                                                                                                                      وتباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها كالتظلم والاستفتاء والاستعانة على تغيير المنكر والتعريف ونحو ذلك ( ولا يعمل عملا يجرح به صومه ) وكان السلف إذا صاموا جلسوا في المساجد وقالوا : نحفظ صومنا ولا نغتاب أحدا ( فيجب كف لسانه عما يحرم ) كالكذب والغيبة ونحوهما ، ( ويسن ) كفه ( عما يكره ) قلت : وعن المباح أيضا لحديث { : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه } ( ولا يفطر بغيبة ونحوها ) .

                                                                                                                      قال أحمد : لو كانت الغيبة تفطر ما كان لنا صوم وذكره الموفق إجماعا ، ذكر الشيخ تقي الدين وجها يفطر بغيبة ونميمة ونحوهما ، قال في الفروع : فيتوجه منه احتمال يفطر بكل محرم ، وقال أنس : " إذا اغتاب الصائم أفطر " وعن إبراهيم قال : " كانوا يقولون : الكذب يفطر الصائم " وعن الأوزاعي من شاتم فسد صومه لظاهر النهي " ، وذكر بعض أصحابنا رواية يفطر بسماع الغيبة وقال المجد : النهي عنه ليسلم من نقص الأجر ، قال في الفروع : ومراده : أنه قد يكثر فيزيد على أجر الصوم وقد يقل وقد يتساويان .

                                                                                                                      وأسقط [ ص: 331 ] أبو الفرج ثوابه بالغيبة ونحوها ومراده ما سبق وإلا فضعيف ، ( وإن شتم سن قوله جهرا في رمضان ) لأمنه من الرياء وفيه زجر من شاتمه ; لأجل حرمة الوقت ( إني صائم وفي غيره ) أي : غير رمضان ( يقوله سرا يزجر نفسه بذلك ) خوف الرياء ، وهذا اختيار صاحب المحرر .

                                                                                                                      وفي الرعاية : يقوله مع نفسه ، واختار الشيخ تقي الدين : يجهر به مطلقا ; لأن القول المطلق باللسان وهو ظاهر المنتهى لظاهر حديث الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعا { : إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم } .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية