الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( و ) تسن ( عيادة المريض ) لحديث أبي هريرة مرفوعا { خمس تجب للمسلم على أخيه رد السلام ، وتشميت العاطس ، وإجابة الدعوة ، وعيادة المريض ، واتباع الجنازة } .

                                                                                                                      وفي لفظ { حق المسلم على المسلم ست قيل : وما هي يا رسول الله ؟ قال إذا لقيته فسلم عليه ، وإذا دعاك فأجبه ، وإذا استنصحك فانصح له [ ص: 78 ] وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه } متفق عليهما إلا أن البخاري لم يذكر لفظ الست ولا النصيحة ( ونصه غير المبتدع ) كرافضي قال في النوادر : تحرم عيادته ( ومثله من جهر بالمعصية ) نقل حنبل : إذا علم من رجل أنه مقيم على معصية لم يأثم ، إن هو جفاه حتى يرجع وإلا كيف يبين للرجل ما هو عليه إذا لم ير منكرا عليه ولا جفوة من صديق ، وخرج به من لا يجهر بالمعصية فيعاد قال صاحب النظم : المستتر من فعله بموضع لا يعلم به غالبا إما لبعده أو نحوه غير من حضره .

                                                                                                                      وأما من فعله بموضع يعلم به جيرانه ولو في داره فإن هذا معلن مجاهر غير مستتر وتكون العيادة ( من أول مرضه ) لعموم ما سبق وقيل : بعد ثلاثة أيام لفعله صلى الله عليه وسلم رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف عن أنس .

                                                                                                                      ( وقال ابن حمدان ) في الرعاية ( عيادته فرض كفاية قال الشيخ الذي يقتضيه النص : وجوب ذلك ) كرد السلام ، وتشميت العاطس ( واختاره جمع ) منهم الشيرازي كما في المبدع وقال تبعا لجده ( والمراد مرة ) واختاره الآجري .

                                                                                                                      ( وظاهره ) أي ما تقدم من استحباب عيادة المريض ( ولو ) كان مرضه ( من وجع ضرس ورمد ودمل ) والواو بمعنى أو ( خلافا لأبي المعالي بن المنجا ) قال ثلاثة لا تعاد ولا يسمى صاحبها مريضا : الضرس والرمد والدمل ، واحتج بخبر ضعيف رواه النجاد عن أبي هريرة مرفوعا ، بل ثبتت العيادة في الرمد عن زيد بن أرقم قال { إن النبي صلى الله عليه وسلم عاده لمرض كان بعينه } رواه أبو داود ، وصححه الحاكم .

                                                                                                                      وفي نوادر ابن الصيرفي : نقل عن إمامنا رحمه الله ورضي عنه أنه قال له ولده يا أبت إن جارنا فلانا مريض فما نعوده ؟ قال يا بني ما عادنا فنعوده ويشبه هذا ما نقله عنه ابناه في السلام على الحجاج ؟ ويأتي إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                      ( وتحرم عيادة الذمي ) كبداءته بالسلام لما فيه من تعظيمه ( ويأتي ) ذلك في أحكام أهل الذمة ( ويسأله ) أي العائد يسأل المريض ( عن حاله ) نحو كيف أجدك ؟ ( وينفس له في الأجل بما يطيب نفسه ) إدخالا للسرور عليه لقوله صلى الله عليه وسلم { إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في أجله } لكنه ضعيف كما قاله في الفروع تتمة روى ابن ماجه وغيره عن ميمون بن مهران عن عمر ولم يدركه - مرفوعا { سلوه الدعاء فإن دعاءه كدعاء الملائكة } .

                                                                                                                      ( ولا يطيل ) العائد ( الجلوس عنده ) أي عند [ ص: 79 ] المريض خوفا من الضجر قال في الفروع : ويتوجه اختلافه باختلاف الناس والعمل بالقرائن وظاهر الحال ومرادهم في الجملة .

                                                                                                                      ( وتكره ) العيادة ( وسط النهار نصا ) قال أحمد عن قرب وسط النهار : ليس هذا وقت عيادة .

                                                                                                                      ( وقال يعاد ) المريض ( بكرة وعشيا ) والواو بمعنى أو ( و ) يعاد ( في رمضان ليلا ) لأنه ربما رأى من المريض ما يضعفه .

                                                                                                                      ( قال جماعة : ويغب بها ) وجزم به في المنتهى قال في الفروع : وظاهر إطلاق جماعة خلافه ويتوجه اختلافه باختلاف الناس والعمل بالقرائن وظاهر الحال ومرادهم في الجملة وهي تشبه الزيارة قال : وقد ذكر ابن الصيرفي في نوادره الشعر المشهور :

                                                                                                                      لا تضجرن عليلا في مساءلة إن العيادة يوم بين يومين     بل سله عن حاله وادع الإله له
                                                                                                                      واجلس بقدر فواق بين حلبين     من زار غبا أخا دامت مودته
                                                                                                                      وكان ذاك صلاحا للخليلين

                                                                                                                      .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية