كتاب التوحيد
(إثبات النفس لله - عز وجل - من الكتاب) :
فأول ما نبدأ به من ذكر صفات خالقنا - جل وعلا - في كتابنا هذا : ذكر نفسه ، - جل ربنا - عن أن تكون نفسه كنفس خلقه ، وعز أن يكون عدما لا نفس له ، قال الله - جل ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة ، فأعلمنا ربنا أن له نفسا كتب عليها الرحمة : أي ليرحم بها من عمل سوءا بجهالة ، ثم تاب من بعده ، على ما دل سياق هذه الآية ، وهو قوله: أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم ، وقال الله - جل ذكره - لكليمه موسى: ثم جئت على قدر يا موسى واصطنعتك لنفسي ، [ ص: 12 ] فثبت الله أن له نفسا ، اصطنع لها كليمه موسى - عليه السلام - ، وقال - جل وعلا - : ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد فثبت الله - أيضا - في هذه الآية أن له نفسا ، وقال روح الله عيسى ابن مريم - مخاطبا ربه - : تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ، فروح الله عيسى ابن مريم يعلم أن لمعبوده نفسا .
[ ص: 13 ]