( حدثنا ( حدثنا [ ص: 136 ] محمد بن إسماعيل ) أي : البخاري عبد الله بن صالح حدثني معاوية بن صالح عن عمرو بن قيس أنه سمع عاصم بن حميد ) بالتصغير ( قال : سمعت يقول كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة ) أي : ليلة عظيمة كأنها ليلة القدر ( فاستاك ) أي : استعمل السواك ( ثم توضأ ) فيه إيماء إلى أنه عوف بن مالك ، وقيل يستاك عند إرادة المضمضة ( ثم قام يصلي ) أي : مريدا للصلاة أو ناويا لها ( فقمت معه ) أي : للصلاة ، والاقتداء به ، وفيه جواز الاقتداء في النفل ( فبدأ ) أي : شرع فيها بالنية أو بتكبير التحريمة ( فاستفتح البقرة ) أي : بعد قراءة الفاتحة أو استغنى بذكر البقرة عنها ; لأنها فاتحتها ( فلا يمر بآية رحمة إلا وقف ) أي : عن القراءة ( فسأل ) أي : الرحمة ( ولا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوذ ) قال يستاك قبل الشروع في الوضوء ابن حجر : فيه أنه يندب للقارئ مراعاة ذلك ونحوه إذا مر بآية تنزيه نحو " فسبح باسم ربك العظيم " سبح ، وفي نحو قوله " أليس الله بأحكم الحاكمين " قال : بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين أو بنحو " واسألوا الله من فضله " قال : ، وقال اللهم إني أسألك من فضلك الحنفي : لعل هذا وقع في أوائل الحال أو هو من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - قلت كل من النسخ والخصائص لا يثبت بالاحتمال ، ولا باعث على ذلك إذ لا مانع من جواز مثله بعد ثبوت فعله - صلى الله عليه وسلم - نعم ينبغي أن يحمل على ما ورد من النوافل إذ مثله ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم حين أداء الفرائض ( ثم ركع ) عطف على استفتح لكن لطول قراءته المقتضية لتراخي الركوع عن أولها قال ثم ركع ( فمكث ) هكذا في الأصل بفتح الكاف لكن أكثر القراء على ضمها في قوله تعالى فمكث غير بعيد فيجوز الضم هنا أيضا ، والمعنى فلبث ( راكعا ) أي : مكثا طويلا ( بقدر قيامه ) بطول قراءته البقرة ( ) أي : الملك الظاهر فيه القهر ( والملكوت ) أي : الملك الظاهر فيه اللطف ، والمعنى بهما متصرف أحوال الظاهر والباطن ( والكبرياء والعظمة ) أي : صاحبهما على وجه الاختصاص بهما كما يدل عليه حديث ويقول في ركوعه سبحان ذي الجبروت الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري فمن نازعني فيهما قصمته أي : أهلكته ، والظاهر أن الكبرياء إشارة إلى الذات المنعوت بالألوهية والعظمة إلى الصفات الثبوتية ( ) قيل فعلوت من الجبر والملك للمبالغة ( والكبرياء والعظمة ) أي : بعد تمام الركعة الأولى ، والقيام للثانية ( ثم قرأ آل عمران ثم سورة سورة ) أي : ثم قرأ سورة في الثالثة ، وأخرى في الرابعة ففيه حذف حرف العطف بقرينة ما مر في حديث ثم سجد بقدر ركوعه ، ويقول في سجوده سبحان ذي الجبروت والملكوت حذيفة من أنه قرأ النساء ، والمائدة فزعم أنه تأكيد لفظي عدول عن ذلك ، وقال ميرك : يحتمل أن يكون المراد ثم قرأ بها في الركعة الثانية ، وقوله ثم قرأ سورة سورة أي : قيامه في الركعة الثالثة ، والرابعة فصاعدا ، ويحتمل أن يكون المراد أنه قرأ السورة [ ص: 137 ] المذكورة في ركعة واحدة كما في حديث حذيفة المتقدم ذكره في باب العبادة كما بيناه فيه ، والاحتمال الأول أولى وأوفق بظاهر هذا السياق والله أعلم ( يفعل مثل ذلك ) أي : مثل ما ذكر في القراءة من أدائها سورة في كل ركعة ، وفي إطالة الركوع ، والسجود وغيرهما من الأدعية والتسبيحات .
وفيه إيماء إلى أنه كان يجمع بين شفعين بتسليم واحد ، وهو مما يؤيد قول أبي حنيفة قال ميرك : واعلم أنه لم يظهر وجه مناسبة هذه الأحاديث بعنوان هذا الباب ، وحكى أنه وقعت في بعض النسخ عقب حديث حذيفة ، وهو الأشبه بالصواب ، وأظن أن إيرادها في هذا الباب ، وقع من تصرف النساخ والكتاب ، وقيل لم يكن في بعض النسخ المقروءة على المصنف لفظ باب صلاة الضحى ، ولا باب صلاة التطوع ، ولا باب الصوم بل وقع جميع الأحاديث في ذيل باب العبادة ، وحينئذ فلا إشكال والله أعلم بحقائق الأمور ودقائق الأحوال .