الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو حمل على رأسه شيئا فإن كان مما يقصد به التغطية من لباس الناس لا يجوز له ذلك ; لأنه كاللبس ، وإن كان مما لا يقصد به التغطية كإجانة ، أو عدل بز وضعه على رأسه فلا بأس بذلك ; لأنه لا يعد ذلك لبسا ، ولا تغطية .

                                                                                                                                وكذا لا يغطي الرجل وجهه عندنا .

                                                                                                                                وقال الشافعي : " يجوز له تغطية الوجه " .

                                                                                                                                وأما المرأة فلا تغطي وجهها .

                                                                                                                                وكذا لا بأس أن تسدل على وجهها بثوب وتجافيه عن وجهها ، احتج الشافعي بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إحرام الرجل في رأسه ، وإحرام المرأة في وجهها } جعل إحرام كل واحد منهما في محل خاص ، ولا خصوص مع الشركة ولهذا لما خص الوجه في المرأة بأن إحرامها فيه لم يكن في رأسها ، فكذا في الرجل ; ولأن مبنى أحوال المحرم على خلاف العادة وذلك فيما قلنا ، لأن العادة هو الكشف في الرجال فكان الستر على خلاف العادة بخلاف النساء ، ، فإن العادة فيهن الستر فكان الكشف خلاف العادة ، ولنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إحرام الرجل في رأسه ووجهه } ولا حجة له فيما روى ; لأن فيه أن إحرام الرجل في رأسه ، وهذا لا ينفي أن يكون في وجهه ولا يوجب أيضا ، فكان مسكوتا عنه فيقف على قيام الدليل ، وقد قام الدليل وهو ما روينا ، وهكذا نقول في المرأة أنا إنما عرفنا أن إحرامها ليس في رأسها إلا بقوله " وإحرام المرأة في وجهها " بل بدليل آخر نذكره إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية