الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما شرعية المزارعة فقد اختلف فيها قال أبو حنيفة - عليه الرحمة - : أنها غير مشروعة ، وبه أخذ الشافعي - رحمه الله - وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - إنها مشروعة .

                                                                                                                                ( وجه ) قولهما ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { دفع نخل خيبر معاملة ، وأرضها مزارعة } ، وأدنى درجات فعله عليه الصلاة والسلام الجواز ، وكذا هي شريعة متوارثة لتعامل السلف والخلف ذلك من غير إنكار .

                                                                                                                                ( وجه ) قول أبي حنيفة أن عقد المزارعة استئجار ببعض الخارج ، وإنه منهي بالنص والمعقول

                                                                                                                                ( أما ) النص فما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه { قال لرافع بن خديج في حائط لا تستأجره بشيء منه } ، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه { نهى عن قفيز الطحان } ، والاستئجار ببعض الخارج في معناه ، والمنهي غير مشروع .

                                                                                                                                ( وأما ) المعقول فهو أن الاستئجار ببعض الخارج من النصف والثلث والربع ونحوه استئجار ببدل مجهول ، وإنه لا يجوز كما في الإجارة ، وبه تبين أن حديث خيبر محمول على الجزية دون المزارعة صيانة لدلائل الشرع عن التناقض ، والدليل على أنه لا يمكن حمله على المزارعة أنه عليه الصلاة والسلام قال فيه { أقركم ما أقركم الله } ، وهذا منه عليه الصلاة والسلام تجهيل المدة ، وجهالة المدة تمنع صحة المزارعة بلا خلاف .

                                                                                                                                بقي ترك الإنكار على التعامل ، وذا يحتمل أن يكون للجواز ، ويحتمل أن يكون لكونه محل الاجتهاد ، فلا يدل على الجواز مع الاحتمال .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية