فصل
ومنها : أنه ، ولا يقبل منه لا يقبل من الرجل أقل من خمس مرات ، ولا من المرأة ، ولا منها إبدال الغضب باللعنة والإبعاد والسخط ، بل يأتي كل منهما بما قسم الله له من ذلك شرعا وقدرا ، وهذا أصح القولين في مذهب إبدال اللعنة بالغضب والإبعاد والسخط أحمد ومالك وغيرهما .
ومنها : أنه لا يفتقر أن يزيد على الألفاظ المذكورة في القرآن والسنة شيئا ، بل لا يستحب ذلك ، فلا يحتاج أن يقول : أشهد بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة ، الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية ، ونحو ذلك ، بل يكفيه أن يقول : أشهد بالله إني لمن الصادقين ، وهي تقول : أشهد بالله إنه لمن الكاذبين ، ولا يحتاج أن يقول : فيما رميتها به من الزنى ، ولا أن تقول هي : إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى ، ولا يشترط أن يقول إذا ادعى الرؤية : رأيتها تزني كالمرود في المكحلة ، ولا أصل لذلك في كتاب الله ولا سنة رسوله ، فإن الله سبحانه بعلمه وحكمته كفانا بما شرعه لنا وأمرنا به عن تكلف زيادة عليه . [ ص: 341 ]
قال صاحب " الإفصاح " وهو في " إفصاحه " : من الفقهاء من اشترط أن يزاد بعد قوله : من الصادقين ، فيما رميتها به من الزنى ، واشترط في نفيها عن نفسها أن تقول : فيما رماني به من الزنى . قال : ولا أراه يحتاج إليه ؛ لأن الله تعالى أنزل ذلك وبينه ولم يذكر هذا الاشتراط . يحيى بن محمد بن هبيرة
وظاهر كلام أحمد : أنه لا يشترط ذكر الزنى في اللعان ، فإن قال : قلت إسحاق بن منصور لأحمد : ؟ قال : على ما في كتاب الله ، يقول أربع مرات : أشهد بالله إني فيما رميتها به لمن الصادقين ، ثم يقف عند الخامسة فيقول : لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، والمرأة مثل ذلك . كيف يلاعن
ففي هذا النص أنه لا يشترط أن يقول : من الزنى ، ولا تقوله هي ، ولا يشترط أن يقول عند الخامسة : فيما رميتها به ، وتقول هي : فيما رماني به ، والذين اشترطوا ذلك حجتهم أن قالوا : ربما نوى : إني لمن الصادقين في شهادة التوحيد أو غيره من الخبر الصادق ، ونوت : إنه لمن الكاذبين في شأن آخر ، فإذا ذكرا ما رميت به من الزنى انتفى هذا التأويل .
قال الآخرون : هب أنهما نويا ذلك فإنهما لا ينتفعان بنيتهما ، فإن الظالم لا ينفعه تأويله ، ويمينه على نية خصمه ، ويمينه بما أمر الله به إذا كان مجاهرا فيها بالباطل والكذب موجبة عليه اللعنة أو الغضب ، نوى ما ذكرتم أو لم ينوه ، فإنه لا يموه على من يعلم السر وأخفى بمثل هذا .