فصل
في
nindex.php?page=treesubj&link=30981_30982هديه صلى الله عليه وسلم في كلامه وسكوته وضحكه وبكائه
كان صلى الله عليه وسلم أفصح خلق الله ، وأعذبهم كلاما ، وأسرعهم أداء ، وأحلاهم منطقا ، حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ويسبي الأرواح ، ويشهد له بذلك أعداؤه . وكان إذا تكلم تكلم بكلام مفصل مبين يعده العاد ، ليس بهذ مسرع لا يحفظ ، ولا منقطع تخلله السكتات بين أفراد الكلام ، بل هديه فيه أكمل الهدي ، قالت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000161ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا ، ولكن كان يتكلم بكلام بين فصل يحفظه من جلس إليه . وكان كثيرا ما يعيد الكلام ثلاثا ليعقل عنه ، وكان إذا سلم سلم ثلاثا . وكان طويل السكوت لا يتكلم في غير حاجة ، يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه ، ويتكلم بجوامع الكلام ، فصل لا فضول ولا تقصير ، وكان لا يتكلم فيما لا يعنيه ، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه ، وإذا كره الشيء عرف في وجهه ، ولم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا . وكان جل ضحكه التبسم ، بل كله التبسم ، فكان نهاية ضحكه أن تبدو نواجذه .
وكان يضحك مما يضحك منه ، وهو مما يتعجب من مثله ويستغرب وقوعه ويستندر .
وللضحك أسباب عديدة هذا أحدها . والثاني : ضحك الفرح ، وهو أن
[ ص: 176 ] يرى ما يسره أو يباشره . والثالث : ضحك الغضب ، وهو كثيرا ما يعتري الغضبان إذا اشتد غضبه ، وسببه تعجب الغضبان مما أورد عليه الغضب ، وشعور نفسه بالقدرة على خصمه ، وأنه في قبضته ، وقد يكون ضحكه لملكه نفسه عند الغضب ، وإعراضه عمن أغضبه ، وعدم اكتراثه به .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=30982بكاؤه صلى الله عليه وسلم فكان من جنس ضحكه لم يكن بشهيق ورفع صوت ، كما لم يكن ضحكه بقهقهة ، ولكن كانت تدمع عيناه حتى تهملا ، ويسمع لصدره أزيز . وكان بكاؤه تارة رحمة للميت ، وتارة خوفا على أمته وشفقة عليها ، وتارة من خشية الله ، وتارة عند سماع القرآن وهو بكاء اشتياق ومحبة وإجلال مصاحب للخوف والخشية . ولما مات ابنه
إبراهيم دمعت عيناه وبكى رحمة له وقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000162تدمع العين ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون ) ، وبكى لما شاهد إحدى بناته ونفسها تفيض ، ( وبكى لما قرأ عليه
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود سورة النساء وانتهى فيها إلى قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) [ النساء : 41 ] ، وبكى لما مات
nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون ، وبكى لما كسفت الشمس وصلى صلاة الكسوف وجعل يبكي في صلاته ، وجعل ينفخ ويقول : (
رب ألم تعدني ألا تعذبهم وأنا فيهم [ ص: 177 ] وهم يستغفرون ونحن نستغفرك ) وبكى لما جلس على قبر إحدى بناته ،
nindex.php?page=treesubj&link=30982وكان يبكي أحيانا في صلاة الليل .
والبكاء أنواع .
أحدها : بكاء الرحمة والرقة .
والثاني : بكاء الخوف والخشية .
والثالث : بكاء المحبة والشوق .
والرابع : بكاء الفرح والسرور .
والخامس : بكاء الجزع من ورود المؤلم وعدم احتماله .
والسادس : بكاء الحزن .
والفرق بينه وبين بكاء الخوف ، أن بكاء الحزن يكون على ما مضى من حصول مكروه أو فوات محبوب ، وبكاء الخوف يكون لما يتوقع في المستقبل من ذلك ، والفرق بين بكاء السرور والفرح وبكاء الحزن ، أن دمعة السرور باردة والقلب فرحان ، ودمعة الحزن حارة والقلب حزين ، ولهذا يقال لما يفرح به : هو قرة عين ، وأقر الله به عينه ، ولما يحزن : هو سخينة العين ، وأسخن الله عينه به .
والسابع : بكاء الخور والضعف .
[ ص: 178 ] والثامن : بكاء النفاق ، وهو أن تدمع العين والقلب قاس ، فيظهر صاحبه الخشوع وهو من أقسى الناس قلبا .
والتاسع : البكاء المستعار والمستأجر عليه ، كبكاء النائحة بالأجرة ، فإنها كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : ( تبيع عبرتها وتبكي شجو غيرها )
والعاشر : بكاء الموافقة ، وهو أن يرى الرجل الناس يبكون لأمر ورد عليهم فيبكي معهم ، ولا يدري لأي شيء يبكون ، ولكن يراهم يبكون فيبكي .
وما كان من ذلك دمعا بلا صوت فهو بكى -مقصور - وما كان معه صوت فهو بكاء - ممدود - على بناء الأصوات .
وقال الشاعر :
بكت عيني وحق لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل
وما كان منه مستدعى متكلفا فهو التباكي ، وهو نوعان : محمود ومذموم ، فالمحمود أن يستجلب لرقة القلب ولخشية الله لا للرياء والسمعة . والمذموم أن يجتلب لأجل الخلق ، وقد (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000164قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وقد رآه يبكي هو وأبو بكر في شأن أسارى بدر : أخبرني ما يبكيك يا رسول الله ؟ فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد تباكيت لبكائكما ، ولم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم ) وقد قال بعض السلف : ابكوا من خشية الله ، فإن لم تبكوا فتباكوا .
فَصْلٌ
فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30981_30982هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَلَامِهِ وَسُكُوتِهِ وَضَحِكِهِ وَبُكَائِهِ
كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْصَحَ خَلْقِ اللَّهِ ، وَأَعْذَبَهُمْ كَلَامًا ، وَأَسْرَعَهُمْ أَدَاءً ، وَأَحْلَاهُمْ مَنْطِقًا ، حَتَّى إِنَّ كَلَامَهُ لَيَأْخُذُ بِمَجَامِعِ الْقُلُوبِ وَيَسْبِي الْأَرْوَاحَ ، وَيَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ أَعْدَاؤُهُ . وَكَانَ إِذَا تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ مُفَصَّلٍ مُبَيَّنٍ يَعُدُّهُ الْعَادُّ ، لَيْسَ بِهَذٍّ مُسْرِعٍ لَا يُحْفَظُ ، وَلَا مُنْقَطِعٍ تَخَلَّلُهُ السَّكَتَاتُ بَيْنَ أَفْرَادِ الْكَلَامِ ، بَلْ هَدْيُهُ فِيهِ أَكْمَلُ الْهَدْيِ ، قَالَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000161مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْرُدُ سَرْدَكُمْ هَذَا ، وَلَكِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ بَيِّنٍ فَصْلٍ يَحْفَظُهُ مَنْ جَلَسَ إِلَيْهِ . وَكَانَ كَثِيرًا مَا يُعِيدُ الْكَلَامَ ثَلَاثًا لِيُعْقَلَ عَنْهُ ، وَكَانَ إِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلَاثًا . وَكَانَ طَوِيلَ السُّكُوتِ لَا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ ، يَفْتَتِحُ الْكَلَامَ وَيَخْتَتِمُهُ بِأَشْدَاقِهِ ، وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلَامِ ، فَصْلٌ لَا فُضُولٌ وَلَا تَقْصِيرٌ ، وَكَانَ لَا يَتَكَلَّمُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ ، وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا فِيمَا يَرْجُو ثَوَابَهُ ، وَإِذَا كَرِهَ الشَّيْءَ عُرِفَ فِي وَجْهِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَلَا صَخَّابًا . وَكَانَ جُلَّ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمُ ، بَلْ كُلُّهُ التَّبَسُّمُ ، فَكَانَ نِهَايَةُ ضَحِكِهِ أَنْ تَبْدُوَ نَوَاجِذُهُ .
وَكَانَ يَضْحَكُ مِمَّا يُضْحَكُ مِنْهُ ، وَهُوَ مِمَّا يُتَعَجَّبُ مِنْ مِثْلِهِ وَيُسْتَغْرَبُ وُقُوعُهُ وَيُسْتَنْدَرُ .
وَلِلضَّحِكِ أَسْبَابٌ عَدِيدَةٌ هَذَا أَحَدُهَا . وَالثَّانِي : ضَحِكُ الْفَرَحِ ، وَهُوَ أَنْ
[ ص: 176 ] يَرَى مَا يَسُرُّهُ أَوْ يُبَاشِرُهُ . وَالثَّالِثُ : ضَحِكُ الْغَضَبِ ، وَهُوَ كَثِيرًا مَا يَعْتَرِي الْغَضْبَانَ إِذَا اشْتَدَّ غَضَبُهُ ، وَسَبَبُهُ تَعَجُّبُ الْغَضْبَانِ مِمَّا أَوْرَدَ عَلَيْهِ الْغَضَبُ ، وَشُعُورُ نَفْسِهِ بِالْقُدْرَةِ عَلَى خَصْمِهِ ، وَأَنَّهُ فِي قَبْضَتِهِ ، وَقَدْ يَكُونُ ضَحِكُهُ لِمُلْكِهِ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ ، وَإِعْرَاضِهِ عَمَّنْ أَغْضَبَهُ ، وَعَدَمِ اكْتِرَاثِهِ بِهِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=30982بُكَاؤُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ مِنْ جِنْسِ ضَحِكِهِ لَمْ يَكُنْ بِشَهِيقٍ وَرَفْعِ صَوْتٍ ، كَمَا لَمْ يَكُنْ ضَحِكُهُ بِقَهْقَهَةٍ ، وَلَكِنْ كَانَتْ تَدْمَعُ عَيْنَاهُ حَتَّى تَهْمُلَا ، وَيُسْمَعُ لِصَدْرِهِ أَزِيزٌ . وَكَانَ بُكَاؤُهُ تَارَةً رَحْمَةً لِلْمَيِّتِ ، وَتَارَةً خَوْفًا عَلَى أُمَّتِهِ وَشَفَقَةً عَلَيْهَا ، وَتَارَةً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ، وَتَارَةً عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَهُوَ بُكَاءُ اشْتِيَاقٍ وَمَحَبَّةٍ وَإِجْلَالٍ مُصَاحِبٌ لِلْخَوْفِ وَالْخَشْيَةِ . وَلَمَّا مَاتَ ابْنُهُ
إبراهيم دَمَعَتْ عَيْنَاهُ وَبَكَى رَحْمَةً لَهُ وَقَالَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000162تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يُرْضِي رَبَّنَا ، وَإِنَّا بِكَ يَا إبراهيم لَمَحْزُونُونَ ) ، وَبَكَى لَمَّا شَاهَدَ إِحْدَى بَنَاتِهِ وَنَفْسُهَا تَفِيضُ ، ( وَبَكَى لَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ سُورَةَ النِّسَاءِ وَانْتَهَى فِيهَا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ) [ النِّسَاءِ : 41 ] ، وَبَكَى لَمَّا مَاتَ
nindex.php?page=showalam&ids=5559عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ ، وَبَكَى لَمَّا كَسَفَتِ الشَّمْسُ وَصَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَجَعَلَ يَبْكِي فِي صَلَاتِهِ ، وَجَعَلَ يَنْفُخُ وَيَقُولُ : (
رَبِّ أَلَمْ تَعِدْنِي أَلَّا تُعَذِّبَهُمْ وَأَنَا فِيهِمْ [ ص: 177 ] وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَنَحْنُ نَسْتَغْفِرُكَ ) وَبَكَى لَمَّا جَلَسَ عَلَى قَبْرِ إِحْدَى بَنَاتِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=30982وَكَانَ يَبْكِي أَحْيَانًا فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ .
وَالْبُكَاءُ أَنْوَاعٌ .
أَحَدُهَا : بُكَاءُ الرَّحْمَةِ وَالرِّقَّةِ .
وَالثَّانِي : بُكَاءُ الْخَوْفِ وَالْخَشْيَةِ .
وَالثَّالِثُ : بُكَاءُ الْمَحَبَّةِ وَالشَّوْقِ .
وَالرَّابِعُ : بُكَاءُ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ .
وَالْخَامِسُ : بُكَاءُ الْجَزَعِ مِنْ وُرُودِ الْمُؤْلِمِ وَعَدَمِ احْتِمَالِهِ .
وَالسَّادِسُ : بُكَاءُ الْحُزْنِ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بُكَاءِ الْخَوْفِ ، أَنَّ بُكَاءَ الْحُزْنِ يَكُونُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ حُصُولِ مَكْرُوهٍ أَوْ فَوَاتِ مَحْبُوبٍ ، وَبُكَاءُ الْخَوْفِ يَكُونُ لِمَا يُتَوَقَّعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ ذَلِكَ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ بُكَاءِ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ وَبُكَاءِ الْحُزْنِ ، أَنَّ دَمْعَةَ السُّرُورِ بَارِدَةٌ وَالْقَلْبُ فَرْحَانُ ، وَدَمْعَةُ الْحُزْنِ حَارَّةٌ وَالْقَلْبُ حَزِينٌ ، وَلِهَذَا يُقَالُ لِمَا يُفْرَحُ بِهِ : هُوَ قُرَّةُ عَيْنٍ ، وَأَقَرَّ اللَّهُ بِهِ عَيْنَهُ ، وَلِمَا يُحْزِنُ : هُوَ سَخِينَةُ الْعَيْنِ ، وَأَسْخَنَ اللَّهُ عَيْنَهُ بِهِ .
وَالسَّابِعُ : بُكَاءُ الْخَوْرِ وَالضَّعْفِ .
[ ص: 178 ] وَالثَّامِنُ : بُكَاءُ النِّفَاقِ ، وَهُوَ أَنْ تَدْمَعَ الْعَيْنُ وَالْقَلْبُ قَاسٍ ، فَيُظْهِرُ صَاحِبُهُ الْخُشُوعَ وَهُوَ مِنْ أَقْسَى النَّاسِ قَلْبًا .
وَالتَّاسِعُ : الْبُكَاءُ الْمُسْتَعَارُ وَالْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ ، كَبُكَاءِ النَّائِحَةِ بِالْأُجْرَةِ ، فَإِنَّهَا كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : ( تَبِيعُ عَبْرَتَهَا وَتَبْكِي شَجْوَ غَيْرِهَا )
وَالْعَاشِرُ : بُكَاءُ الْمُوَافَقَةِ ، وَهُوَ أَنْ يَرَى الرَّجُلُ النَّاسَ يَبْكُونَ لِأَمْرٍ وَرَدَ عَلَيْهِمْ فَيَبْكِي مَعَهُمْ ، وَلَا يَدْرِي لِأَيِّ شَيْءٍ يَبْكُونَ ، وَلَكِنْ يَرَاهُمْ يَبْكُونَ فَيَبْكِي .
وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ دَمْعًا بِلَا صَوْتٍ فَهُوَ بُكًى -مَقْصُورٌ - وَمَا كَانَ مَعَهُ صَوْتٌ فَهُوَ بُكَاءٌ - مَمْدُودٌ - عَلَى بِنَاءِ الْأَصْوَاتِ .
وَقَالَ الشَّاعِرُ :
بَكَتْ عَيْنِي وَحُقَّ لَهَا بُكَاهَا وَمَا يُغْنِي الْبُكَاءُ وَلَا الْعَوِيلُ
وَمَا كَانَ مِنْهُ مُسْتَدْعًى مُتَكَلَّفًا فَهُوَ التَّبَاكِي ، وَهُوَ نَوْعَانِ : مَحْمُودٌ وَمَذْمُومٌ ، فَالْمَحْمُودُ أَنْ يُسْتَجْلَبَ لِرِقَّةِ الْقَلْبِ وَلِخَشْيَةِ اللَّهِ لَا لِلرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ . وَالْمَذْمُومُ أَنْ يُجْتَلَبَ لِأَجْلِ الْخَلْقِ ، وَقَدْ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000164قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَآهُ يَبْكِي هُوَ وأبو بكر فِي شَأْنِ أُسَارَى بَدْرٍ : أَخْبِرْنِي مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) وَقَدْ قَالَ بَعْضُ السَّلَفُ : ابْكُوا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا .