[ ص: 158 ] فصل
وسابق رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه على الأقدام وصارع
nindex.php?page=treesubj&link=30963_30961وخصف نعله بيده ورقع ثوبه بيده ، ورقع دلوه وحلب شاته وفلى ثوبه وخدم أهله ونفسه ، وحمل معهم اللبن في بناء المسجد ، وربط على بطنه الحجر من الجوع تارة وشبع تارة ، وأضاف وأضيف ، واحتجم في وسط رأسه وعلى ظهر قدمه ، واحتجم في الأخدعين والكاهل وهو ما بين الكتفين ، وتداوى وكوى ولم يكتو ، ورقى ولم يسترق ، وحمى المريض مما يؤذيه .
وأصول الطب ثلاثة : الحمية وحفظ الصحة واستفراغ المادة المضرة ، وقد جمعها الله تعالى له ولأمته في ثلاثة مواضع من كتابه ، فحمى المريض من استعمال الماء خشية من الضرر فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا ) [ النساء : 43 والمائدة : 6 ] فأباح التيمم للمريض حمية له ، كما أباحه للعادم ، وقال في حفظ الصحة (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) [ البقرة : 184 ] فأباح للمسافر الفطر في رمضان حفظا لصحته لئلا يجتمع على قوته الصوم ومشقة السفر فيضعف القوة والصحة .
وقال في الاستفراغ في حلق الرأس للمحرم (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) [ البقرة : 196 ] فأباح للمريض ومن به أذى من رأسه وهو محرم ، أن يحلق رأسه ويستفرغ المواد الفاسدة والأبخرة الرديئة التي تولد عليه القمل ، كما حصل
nindex.php?page=showalam&ids=167لكعب بن عجرة أو تولد عليه المرض ، وهذه الثلاثة هي قواعد الطب
[ ص: 159 ] وأصوله ، فذكر من كل جنس منها شيئا وصورة تنبيها بها على نعمته على عباده في أمثالها من حميتهم ، وحفظ صحتهم ، واستفراغ مواد أذاهم رحمة لعباده ، ولطفا بهم ورأفة بهم . وهو الرءوف الرحيم .
[ ص: 158 ] فَصْلٌ
وَسَابَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ عَلَى الْأَقْدَامِ وَصَارَعَ
nindex.php?page=treesubj&link=30963_30961وَخَصَفَ نَعْلَهُ بِيَدِهِ وَرَقَّعَ ثَوْبَهُ بِيَدِهِ ، وَرَقَّعَ دَلْوَهُ وَحَلَبَ شَاتَهُ وَفَلَّى ثَوْبَهُ وَخَدَمَ أَهْلَهُ وَنَفْسَهُ ، وَحَمَلَ مَعَهُمُ اللَّبِنَ فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ ، وَرَبَطَ عَلَى بَطْنِهِ الْحَجَرَ مِنَ الْجُوعِ تَارَةً وَشَبِعَ تَارَةً ، وَأَضَافَ وَأُضِيفَ ، وَاحْتَجَمَ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ وَعَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ ، وَاحْتَجَمَ فِي الْأَخْدَعَيْنِ وَالْكَاهِلِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ ، وَتَدَاوَى وَكَوَى وَلَمْ يَكْتَوِ ، وَرَقَى وَلَمْ يَسْتَرْقِ ، وَحَمَى الْمَرِيضَ مِمَّا يُؤْذِيهِ .
وَأُصُولُ الطِّبِّ ثَلَاثَةٌ : الْحِمْيَةُ وَحِفْظُ الصِّحَّةِ وَاسْتِفْرَاغُ الْمَادَّةِ الْمُضِرَّةِ ، وَقَدْ جَمَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وَلِأُمَّتِهِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ ، فَحَمَى الْمَرِيضَ مِنَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ خَشْيَةً مِنَ الضَّرَرِ فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ) [ النِّسَاءِ : 43 وَالْمَائِدَةِ : 6 ] فَأَبَاحَ التَّيَمُّمَ لِلْمَرِيضِ حِمْيَةً لَهُ ، كَمَا أَبَاحَهُ لِلْعَادِمِ ، وَقَالَ فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) [ الْبَقَرَةِ : 184 ] فَأَبَاحَ لِلْمُسَافِرِ الْفِطْرَ فِي رَمَضَانَ حِفْظًا لِصِحَّتِهِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَى قُوَّتِهِ الصَّوْمُ وَمَشَقَّةُ السَّفَرِ فَيُضْعِفَ الْقُوَّةَ وَالصِّحَّةَ .
وَقَالَ فِي الِاسْتِفْرَاغِ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ لِلْمُحْرِمِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) [ الْبَقَرَةِ : 196 ] فَأَبَاحَ لِلْمَرِيضِ وَمَنْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ ، أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ وَيَسْتَفْرِغَ الْمَوَادَّ الْفَاسِدَةَ وَالْأَبْخِرَةَ الرَّدِيئَةَ الَّتِي تُوَلِّدَ عَلَيْهِ الْقَمْلَ ، كَمَا حَصَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=167لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَوْ تُوَلِّدَ عَلَيْهِ الْمَرَضُ ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ قَوَاعِدُ الطِّبِّ
[ ص: 159 ] وَأُصُولُهُ ، فَذَكَرَ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مِنْهَا شَيْئًا وَصُورَةً تَنْبِيهًا بِهَا عَلَى نِعْمَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي أَمْثَالِهَا مِنْ حِمْيَتِهِمْ ، وَحِفْظِ صِحَّتِهِمْ ، وَاسْتِفْرَاغِ مَوَادِّ أَذَاهُمْ رَحْمَةً لِعِبَادِهِ ، وَلُطْفًا بِهِمْ وَرَأْفَةً بِهِمْ . وَهُوَ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ .