فإن قيل : فقد دل الحديث على حكم استلحاق الولد ، وعلى أن الولد للفراش ، فما تقولون لو
قيل : هذه مسألة جليلة اختلف أهل العلم فيها ، فكان إسحاق بن راهويه يذهب إلى أن المولود من الزنى إذا لم يكن مولودا على فراش يدعيه صاحبه ، وادعاه الزاني - ألحق به ، وأول قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( استلحق الزاني ولدا لا فراش هناك يعارضه ، هل يلحقه نسبه ويثبت له أحكام النسب ؟ ) على أنه حكم بذلك عند تنازع الزاني وصاحب الفراش ، كما تقدم ، وهذا مذهب الولد للفراش ، رواه عنه الحسن البصري إسحاق بإسناده في رجل ولدها فقال : يجلد ويلزمه الولد . وهذا مذهب زنى بامرأة ، فولدت ولدا ، فادعى عروة بن الزبير ، ذكر عنهما أنهما قالا : ( أيما رجل أتى إلى غلام يزعم أنه ابن له ، وأنه زنى بأمه ، ولم يدع ذلك الغلام أحد ، فهو ابنه ) . واحتج وسليمان بن يسار سليمان بأن كان يليط أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام ، وهذا المذهب كما تراه قوة ووضوحا ، وليس مع الجمهور أكثر من ( عمر بن الخطاب ) وصاحب هذا المذهب أول قائل به ، والقياس الصحيح يقتضيه ، فإن الأب أحد الزانيين ، وهو إذا كان يلحق بأمه ، وينسب إليها ، وترثه ويرثها ، ويثبت النسب بينه وبين أقارب أمه مع كونها زنت به ، وقد [ ص: 382 ] وجد الولد من ماء الزانيين ، وقد اشتركا فيه ، واتفقا على أنه ابنهما ، فما المانع من لحوقه بالأب إذا لم يدعه غيره ؟ فهذا محض القياس ، وقد قال الولد للفراش جريج للغلام الذي زنت أمه بالراعي : من أبوك يا غلام ؟ قال : فلان الراعي ، وهذا إنطاق من الله لا يمكن فيه الكذب .
فإن قيل : فهل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة حكم ؟ قيل : قد روي عنه فيها حديثان ، نحن نذكر شأنهما .