فصل
قال صلى الله عليه وسلم : ( ) وصح عنه أنه قال ( لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ، ألا وإنها العشاء وإنهم يسمونها العتمة ) فقيل هذا ناسخ للمنع ، وقيل بالعكس ، والصواب خلاف [ ص: 320 ] القولين ، فإن العلم بالتاريخ متعذر ، ولا تعارض بين الحديثين ، فإنه لم ينه عن لو يعلمون ما في العتمة والصبح ، لأتوهما ولو حبوا بالكلية ، وإنما نهى عن أن يهجر اسم العشاء ، وهو الاسم الذي سماها الله به في كتابه ، ويغلب عليها اسم العتمة ، فإذا سميت العشاء ، وأطلق عليها أحيانا العتمة ، فلا بأس ، والله أعلم إطلاق اسم العتمة
وهذا محافظة منه صلى الله عليه وسلم على الأسماء التي سمى الله بها العبادات ، فلا تهجر ويؤثر عليها غيرها ، كما فعله المتأخرون في هجران ألفاظ النصوص ، وإيثار المصطلحات الحادثة عليها ، ونشأ بسبب هذا من الجهل والفساد ما الله به عليم ، وهذا كما كان يحافظ على تقديم ما قدمه الله ، وتأخير ما أخره ، كما بدأ بالصفا ، وقال ( ) وبدأ في العيد بالصلاة ثم جعل النحر بعدها ، وأخبر أن ( أبدأ بما بدأ الله به ) تقديما لما بدأ الله به في قوله ( من ذبح قبلها ، فلا نسك له فصل لربك وانحر ) وبدأ في أعضاء الوضوء بالوجه ، ثم اليدين ، ثم الرأس ، ثم الرجلين تقديما لما قدمه الله ، وتأخيرا لما أخره ، وتوسيطا لما وسطه ، وقدم زكاة الفطر على صلاة العيد تقديما لما قدمه في قوله ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) [ الأعلى : 13 ] ونظائره كثيرة .