الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ثم يليه ) أي وقت الضرورة للعشاء ( وقت الفجر ) سمي به لانفجار الصبح وهو ضوء النهار إذا انشق عنه الليل وقال الجوهري : هو في آخر الليل كالشفق في أوله تقول : قد أفجرنا ، كما تقول : قد أصبحنا ، من الصبح مثلث الصاد حكاه ابن مالك [ ص: 256 ] وهو ما جمع بياضا وحمرة ، والعرب تقول : وجه صبيح لما فيه من بياض وحمرة .

                                                                                                                      ( وهي ركعتان ) إجماعا حضرا وسفرا ( وتسمى الصبح ) وتقدم ما فيه ( ولا يكره تسميتها بالغداة ) قال في المبدع : في الأصح وهي من صلاة النهار نص عليه ( ويمتد وقتها إلى طلوع الشمس ) لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { وقت الفجر ما لم تطلع الشمس } رواه مسلم ( وليس لها وقت ضرورة ) .

                                                                                                                      وقال القاضي وابن عقيل وابن عبدوس : يذهب وقت الاختيار بالأسفار ، ويبقى وقت الإدراك إلى طلوع الشمس ( وتعجيلها ) أول الوقت ( أفضل ) { لقول عائشة كن نساء المؤمنات يشهدن مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة ، ما يعرفهن أحد من الغلس } متفق عليه .

                                                                                                                      وعن أبي مسعود الأنصاري { أن النبي صلى الله عليه وسلم غلس بالصبح ثم أسفر ثم لم يعد إلى الإسفار حتى مات } رواه أبو داود وابن خزيمة في صحيحه قال الحازمي : إسناده ثقات والزيادة من الثقة مقبولة قال ابن عبد البر صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا يغلسون ومحال أن يتركوا الأفضل ، وهم النهاية في إتيان الفضائل .

                                                                                                                      وحديث { أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر } رواه أحمد وغيره وحكى الترمذي عن الشافعي وأحمد وإسحاق : أن معنى الإسفار أن يضيء الفجر ; فلا يشك فيه ، قال الجوهري : أسفر الصبح أي : أضاء ، يقال : أسفرت المرأة عن وجهها ، إذا كشفته وأظهرته .

                                                                                                                      ( ويكره تأخيرها بعد الإسفار بلا عذر ) قاله في الرعاية الصغرى وفرعه في المبدع على قول القاضي ومن تابعه ومقتضى كلام الأكثر : لا كراهة .

                                                                                                                      ( ويكره الحديث بعدها ) أي : صلاة الفجر ( في أمر الدنيا حتى تطلع الشمس ) ويأتي له تتمة في صلاة التطوع ووقت المغرب في الطول والقصر يتبع النهار ، فيكون في الصيف أقصر ، ووقت الفجر يتبع الليل فيكون في الشتاء أطول لأن النورين تابعان للشمس ، هذا يتقدمها وهذا يتأخر عنها فإن كان الشتاء طال زمن مغيبها فيطول زمن الضوء التابع لها وإذا كان الصيف طال زمن ظهورها فيطول زمن النور التابع لها قال الشيخ تقي الدين : ومن زعم أن وقت العشاء بقدر حصة الفجر في الشتاء والصيف فقد غلط غلطا بينا باتفاق الناس .

                                                                                                                      ( ومن أيام الدجال ثلاثة أيام طوال : يوم كسنة فيصلى فيه صلاة سنة ) قلت : وكذا الصوم ، والزكاة والحج ( ويوم كشهر فيصلى فيه صلاة شهر ، ويوم كجمعة ) فيصلى فيه صلاة جمعة فيقدر للصلاة [ ص: 257 ] في تلك الأيام بقدر ما كان في الأيام المعتادة ، لا أنه للظهر مثلا بالزوال وانتصاف النهار ، ولا للعصر بمصير ظل الشيء مثله ، بل يقدر الوقت بزمن يساوي الزمن الذي كان في الأيام المعتادة قال ابن قندس : أشار إلى ذلك ، يعني الشيخ تقي الدين في الفتاوى المصرية والليلة في ذلك كاليوم ، فإذا كان الطول يحصل في الليل كان للصلاة في الليل ما يكون لها في النهار .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية