من ابتغى في التكاليف ما لم تشرع له فعمله باطل
هذه القاعدة نص عليها الشيخ أبو إسحاق الشاطبي ، رحمه الله، في حديثه عن مقاصد المكلف، وذلك قوله: «كل من ابتغى في تكاليف الشريعة غير ما شرعت له فقد ناقض الشريعة، وكل من ناقضها، فعمله -في المناقضة- باطل. فمن ابتغى في التكاليف ما لم تشرع له، فعمله باطل» [1] .
ويدخل تحت هذه القاعدة موضوع الحيل أو التحايل على الأحكام الشرعية، حيث يقصد به -عادة- إسقاط الأحكام الشرعية، أو قلبها من حكم إلى حكم، أو التهرب من آثارها.. فالأعمال الشرعية غير مقصودة لأنفسها، وإنما يقصد بها أمور أخر وهي معانيها، وهي المصالح التي شرعت لأجلها. فالذي عمل من ذلك على غير هذا الموضع، فليس على وضع المشروعات.
«وعلى هذا نقول في الزكاة –مثلا-: إن المقصود بمشروعيتها رفع رذيلة الشح، ومصلحة إرفاق المساكين، وإحياء النفوس المعرضة للتلف. فمن وهب في آخر الحول ماله، هروبا من وجوب الزكاة عليه، ثم إذا كان في حول آخر أو قبل ذلك استوهبه، فهذا العمل تقوية لوصف الشح وإمداد له، ورفع لمصلحة المساكين. فمعلوم أن صورة هذه الهبة، ليست هي الهبة التي ندب الشرع إليها، لأن الهبة إرفاق وإحسان للموهوب له، وتوسيع عليه، غنيا كان أو فقيرا، وجلب لمودته ومآلفته.. فتأمل كيف كان القصد المشروع في العمل لا يهدم قصدا شرعيا، والقصد غير الشرعي هادم للقصد الشرعي» [2] . [ ص: 123 ]