وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم
51 - وما كان لبشر ؛ وما صح لأحد من البشر؛ أن يكلمه الله إلا وحيا ؛ [ ص: 262 ] أي: إلهاما؛ كما روي: "نفث في روعي"؛ أو رؤيا في المنام؛ كقوله - عليه الصلاة والسلام -: وهو كأمر "رؤيا الأنبياء وحي"؛ إبراهيم - عليه السلام - بذبح الولد؛ أو من وراء حجاب ؛ أي: يسمع كلاما من الله؛ كما سمع موسى - عليه السلام -؛ من غير أن يبصر السامع من يكلمه؛ وليس المراد به حجاب الله (تعالى)؛ لأن الله (تعالى) لا يجوز عليه ما يجوز على الأجسام من الحجاب؛ ولكن المراد به أن السامع محجوب عن الرؤية في الدنيا؛ أو يرسل رسولا ؛ أي: يرسل ملكا؛ فيوحي ؛ أي: الملك إليه؛ قيل: وحيا؛ كما أوحي إلى الرسل بواسطة الملائكة؛ أو يرسل رسولا؛ أي: نبيا؛ كما كلم أمم الأنبياء على ألسنتهم؛ و"وحيا"؛ و"أن يرسل"؛ مصدران؛ واقعان موقع الحال؛ لأن "أن يرسل"؛ في معنى "إرسالا"؛ و"من وراء حجاب"؛ ظرف واقع موقع الحال؛ كقوله: وعلى جنوبهم ؛ والتقدير: "وما صح أن يكلم أحدا إلا موحيا؛ أو مسمعا من وراء حجاب؛ أو مرسلا"؛ ويجوز أن يكون المعنى: "وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا بأن يوحي؛ أو أن يسمع من وراء حجاب؛ أو أن يرسل رسولا"؛ وهو اختيار الخليل؛ "أو يرسل رسولا فيوحي"؛ بالرفع؛ "نافع"؛ على تقدير: "أو هو يرسل"؛ بإذنه ؛ إذن الله؛ ما يشاء ؛ من الوحي؛ إنه علي ؛ قاهر؛ فلا يمانع؛ حكيم ؛ مصيب في أقواله؛ وأفعاله؛ فلا يعارض .