قوله تعالى: وجوهكم : الوجه المعروف في المتعارف ما تواجه به ، وذلك يدل على أنه لا يجب المضمضة والاستنشاق، لأن الوجه لا يتناوله مع أنه ليس مما تواجه، ولو كان من الأركان الأصلية في الوضوء، ما كان لائقا بالشرع أن يذكر الله تعالى ولا يذكرهما. أعضاء الوضوء الواجب غسلها
وما كان ربك نسيا .
وفي "ما" استرسل من اللحية عن الوجه اختلاف قول: فقائل يقول: إنه من الوجه لأنه يواجه. والقائل الآخر يقول: نبات الشعر عليه بعد ظهور البشرة، لا يخرجه عن أن يكون من الوجه، كما أن شعر الرأس من الرأس، وقد قال الله تعالى: وامسحوا برءوسكم ، فلو جاز ذلك، وكان ماسحا على الرأس وفاعلا لمقتضى الآية عند جميع المسلمين، وكذلك نبات الشعر على الوجه، لا يخرجه من أن يكون منه. ومن لا يرى أنه من الوجه يفرق بينه وبين شعر الرأس، لأن شعر الرأس يولد المرء عليه، وهو بمنزلة شعر الحاجب، في كون كل واحد [ ص: 37 ] منهما من العضو الذي هو منه، وشعر اللحية غير موجود معه في حالة الولادة، وإنما يوجد بعده، ولذلك لم يعد من الوجه. مسح على شعر رأسه من غير بلاغه إلى البشرة،
وعلى الجملة، لفظ الرأس مطلقا لا يظهر في شعر الرأس الأعلى الذي يظهر لفظ الوجه في شعر الوجه. والافتراق إنما يرجع إلى معنى آخر غير ما يتعلق باللفظ.