قوله تعالى : لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء ، الآية \ 13 : دليل على أن الأربع حد في هذا الباب، لا يجوز أن ينقضي منه شيء.
ودليل على أن القاذف مكذب شرعا، إذا لم يأت بأربعة شهداء، فإن كان في أمر يقطع بتكذيبهم في الغيب، وقال علماؤنا : من صدق قذفة عائشة فهو كافر، لأنه راد لخبر الله تعالى الدال على كذبهم. عائشة
وعلى هذا قال أصحابنا فيمن وجد رجلا مع امرأة فاعترفا بالنكاح، أنه لا يجب تكذيبهما، بل يجب تصديقهما.
[ ص: 309 ] وقال مالك : إنهما يحدان ما لم يقيما بينة على النكاح، وهذا يخالف ظاهر هذه الآية، وعلى هذا بنى جواز بيع درهم ودينار بدرهمين ودينارين إن تخالف بينهما تحسينا للظن بالمؤمنين. أبو حنيفة
وقال قريبا من هذا فيمن وصى بطبل وله طبلان : طبل لهو، وطبل حرب، أنه يحمل على طبل الحرب تحسينا للظن بالمؤمنين وحمل أمورهم على ما يجوز. الشافعي
إلا أن كدر صفو هذا المعنى بإيجاب أبا حنيفة بناء على بعد في إثبات الزنا. وهذه الآيات إلى خاتمة الآيات في قوله : الحد على المشهود عليه بشهادة شهود الزوايا، إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم : تدل على وجوب حسن الاعتقاد في المؤمنين، ومحبة الخير والصلاح، والزجر عن إشهار الفاحشة واستنباطها بدقائق الحيل والحكم بالظن والحسبان.
وعلى قريب منه يدل قوله عليه الصلاة والسلام : " ". المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه
وقال عليه الصلاة والسلام : "
"ويحب أن يأتي إلى الناس ما يحب أن يأتوا إليه " . رواه من سره أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله ". . ابن عمر
وعن أنس ". أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ ص: 310 ] "لا يؤمن العبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير