قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=28640_28723_32225_33624_34091_34092_33308_33309_33310_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم (220):
واليتيم: هو المنفرد عن أحد أبويه، فقد يكون يتيما من جهة الأم مع بقاء أبيه، وقد يكون يتيما من جهة الأب مع بقاء الأم، والإطلاق أظهر في اليتم من قبل الأب.
وظواهر القرآن في أحكام اليتامى، محمولة على الفاقدين لآبائهم وهم صغار.
[ ص: 127 ] ولا يحمل ذلك على البالغ، إلا على وجه المجاز عند قرب العهد بالبلوغ، واليتيم في الأصل اسم للمنفرد، ولذلك سميت المرأة المنفردة عن الزوج يتيمة، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، قال الشاعر:
إن القبور تنكح الأيامى ... النسوة الأرامل اليتامى
وتسمى الرابية يتيمة لانفرادها عما حواليها من الأرض.
ويقولون: الدرة اليتيمة لأنها كانت مفردة لا نظير لها.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: لما نزل قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا كره المسلمون أن يضموا اليتامى إليهم، وتحرجوا أن يخالطوهم في شيء فنزل قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم ..
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220ولو شاء الله لأعنتكم أي: أحرجكم وضيق عليكم، ولكن وسع ويسر فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6ومن كان غنيا فليستعفف، ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف .
وقال عليه السلام:
nindex.php?page=hadith&LINKID=73905 "ابتغوا في أموال اليتامى لا تأكلها الصدقة" .
وتوفرت الأخبار في دفع مال اليتيم مضاربة والتجارة به.
وقد جوزت الآية ضروبا من الأحكام:
[ ص: 128 ] أحدها: قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220قل إصلاح لهم خير ، فيه الدلالة على جواز خلط ماله بماله، وجواز التصرف فيه بالبيع والشراء إذا وافق الصلاح، وجواز دفعه إلى غيره مضاربة، وفيه دلالة على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=22239الاجتهاد في أحكام الحوادث، لأن الإصلاح الذي تتضمنه الآية إنما يعلم من طريق الاجتهاد، وغالب الظن.
فإذا ثبت ذلك، فقد اختلف العلماء في أفراد تصرفات في مال اليتيم ونفسه، ومتعلق كل واحد منهم في تجويز ما جوزه ظاهر القرآن في ابتغاء المصلحة.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: لولي الطفل أن يشتري ماله لنفسه بأكثر من ثمن مثله، لأنه إصلاح دل عليه ظاهر القرآن، والذي لا يجوز يقول: لم يذكر فيه المصرف بل قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220إصلاح لهم من غير أن يذكر فيه الذي يجوز له النظر، وعندنا الجد يجوز له ذلك، والأب في حق ولده الذي ماتت والدته، يتصرف على هذا الوجه، ولا متعلق في الآية من حيث العموم أصلا، إذ ليس للمصرف ذكر يعم أو يحصر.
ويقول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: إذا كان الإصلاح خيرا فيجوز تزويجه ويجوز أن يزوج منه.
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي لا يرى التزويج أصلا، إلا من جهة دفع الحاجة، ولا حاجة قبل البلوغ.
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد يجوز للوصي التزويج لأنه إصلاح، ووجه قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ما ذكرناه،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي يجوز للجد التزويج مع الوصي لا بحكم هذه الآية.
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=7672للقاضي تزويج اليتيم بظاهر القرآن، فهذه المذاهب نشأت من هذه الآية..
[ ص: 129 ] فإن ثبت كون التزويج إصلاحا، فظاهر الآية يقتضي جوازه، ودل الظاهر على أن
nindex.php?page=treesubj&link=19814_33307ولي اليتيم يعلمه أمر الدين والدنيا، ويستأجر له ويؤاجره ممن يعلمه الصناعات، وله أن ينفق عليه من ماله، وإذا وهب لليتيم شيء فللوصي أن يقبضه له لما فيه من الإصلاح.
نعم ، ليس في ظاهر الآية ذكر من يجوز له التصرف ولا يجوز، ويجوز أن يكون معنى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220ويسألونك عن اليتامى ، أي: يسألك القوام عن اليتامى الكافلين لهم، وذلك مجمل لا يعلم منه غير الكافل والقيم، وما يشترط فيه من الأوصاف..
قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=28640_28723_32225_33624_34091_34092_33308_33309_33310_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ (220):
وَالْيَتِيمُ: هُوَ الْمُنْفَرِدُ عَنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، فَقَدْ يَكُونُ يَتِيمًا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ مَعَ بَقَاءِ أَبِيهِ، وَقَدْ يَكُونُ يَتِيمًا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ مَعَ بَقَاءِ الْأُمِّ، وَالْإِطْلَاقُ أَظْهَرُ فِي الْيُتْمِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ.
وَظَوَاهِرُ الْقُرْآنِ فِي أَحْكَامِ الْيَتَامَى، مَحْمُولَةٌ عَلَى الْفَاقِدِينَ لِآبَائِهِمْ وَهُمْ صِغَارٌ.
[ ص: 127 ] وَلَا يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الْبَالِغِ، إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ عِنْدَ قُرْبِ الْعَهْدِ بِالْبُلُوغِ، وَالْيَتِيمُ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْمُنْفَرِدِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْمَرْأَةُ الْمُنْفَرِدَةُ عَنِ الزَّوْجِ يَتِيمَةً، سَوَاءٌ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنَّ الْقُبُورَ تَنْكِحُ الْأَيَامَى ... النِّسْوَةُ الْأَرَامِلُ الْيَتَامَى
وَتُسَمَّى الرَّابِيَةُ يَتِيمَةً لِانْفِرَادِهَا عَمَّا حَوَالَيْهَا مِنَ الْأَرْضِ.
وَيَقُولُونَ: الدُّرَّةُ الْيَتِيمَةُ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُفْرَدَةً لَا نَظِيرَ لَهَا.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا كَرِهَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَضُمُّوا الْيَتَامَى إِلَيْهِمْ، وَتَحَرَّجُوا أَنْ يُخَالِطُوهُمْ فِي شَيْءٍ فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ..
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ أَيْ: أَحْرَجَكُمْ وَضَيَّقَ عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ وَسَّعَ وَيَسَّرَ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ، وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ .
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=73905 "ابْتَغُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلْهَا الصَّدَقَةُ" .
وَتَوَفَّرَتِ الْأَخْبَارُ فِي دَفْعِ مَالِ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً وَالتِّجَارَةِ بِهِ.
وَقَدْ جَوَّزَتِ الْآيَةُ ضُرُوبًا مِنَ الْأَحْكَامِ:
[ ص: 128 ] أَحَدُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ، فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ خَلْطِ مَالِهِ بِمَالِهِ، وَجَوَازِ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إِذَا وَافَقَ الصَّلَاحَ، وَجَوَازِ دَفْعِهِ إِلَى غَيْرِهِ مُضَارَبَةً، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=22239الِاجْتِهَادِ فِي أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ، لِأَنَّ الْإِصْلَاحَ الَّذِي تَتَضَمَّنُهُ الْآيَةُ إِنَّمَا يُعْلَمُ مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ، وَغَالِبِ الظَّنِّ.
فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَفْرَادِ تَصَرُّفَاتٍ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَنَفْسِهِ، وَمُتَعَلِّقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي تَجْوِيزِ مَا جَوَّزَهُ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ فِي ابْتِغَاءِ الْمَصْلَحَةِ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ: لِوَلِيِّ الطِّفْلِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَهُ لِنَفْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، لِأَنَّهُ إِصْلَاحٌ دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ، وَالَّذِي لَا يُجَوِّزُ يَقُولُ: لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْمَصْرِفَ بَلْ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220إِصْلاحٌ لَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ فِيهِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ، وَعِنْدَنَا الْجَدُّ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، وَالْأَبُ فِي حَقِّ وَلَدِهِ الَّذِي مَاتَتْ وَالِدَتُهُ، يَتَصَرَّفُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا مُتَعَلَّقَ فِي الْآيَةِ مِنْ حَيْثُ الْعُمُومُ أَصْلًا، إِذْ لَيْسَ لِلْمَصْرِفِ ذِكْرٌ يَعُمُّ أَوْ يَحْصُرُ.
وَيَقُولُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا كَانَ الْإِصْلَاحُ خَيْرًا فَيَجُوزُ تَزْوِيجُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُزَوَّجَ مِنْهُ.
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ لَا يَرَى التَّزْوِيجَ أَصْلًا، إِلَّا مِنْ جِهَةِ دَفْعِ الْحَاجَةِ، وَلَا حَاجَةَ قَبْلَ الْبُلُوغِ.
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدُ يُجَوِّزُ لِلْوَصِيِّ التَّزْوِيجَ لِأَنَّهُ إِصْلَاحٌ، وَوَجْهُ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ مَا ذَكَرْنَاهُ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ يُجَوِّزُ لِلْجَدِّ التَّزْوِيجَ مَعَ الْوَصِيِّ لَا بِحُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ.
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ يُجَوِّزُ
nindex.php?page=treesubj&link=7672لِلْقَاضِي تَزْوِيجَ الْيَتِيمِ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ، فَهَذِهِ الْمَذَاهِبُ نَشَأَتْ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ..
[ ص: 129 ] فَإِنْ ثَبَتَ كَوْنُ التَّزْوِيجِ إِصْلَاحًا، فَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي جَوَازَهُ، وَدَلَّ الظَّاهِرُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19814_33307وَلِيَّ الْيَتِيمِ يُعَلِّمُهُ أَمْرَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَيَسْتَأْجِرُ لَهُ وَيُؤَاجِرُهُ مِمَّنْ يُعَلِّمُهُ الصِّنَاعَاتِ، وَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ، وَإِذَا وُهِبَ لِلْيَتِيمِ شَيْءٌ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَقْبِضَهُ لَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِصْلَاحِ.
نَعَمْ ، لَيْسَ فِي ظَاهِرِ الْآيَةِ ذِكْرُ مَنْ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ وَلَا يَجُوزُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى ، أَيْ: يَسْأَلُكَ الْقَوَّامُ عَنِ الْيَتَامَى الْكَافِلِينَ لَهُمْ، وَذَلِكَ مُجْمَلٌ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ غَيْرُ الْكَافِلِ وَالْقَيِّمِ، وَمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مِنَ الْأَوْصَافِ..